استغنت الشركات شبه الحكومية في أبوظبي عن آلاف العاملين، في مؤشر جديد على تأهب الدول الخليجية الغنية بالنفط لفترة تقشف طويلة مع تعرض اقتصاداتها لضغوط بسبب هبوط سعر النفط الخام.
ومنذ منتصف 2015 قلصت الإمارات العربية المتحدة والسعودية وقطر ودول أخرى في المنطقة، الإنفاق على عدد من مشروعات البناء، وخفضت دعم الطاقة لتقليص عجز الميزانية الناجم عن النفط الرخيص.
والآن بدأت بعض الحكومات خفض عدد العاملين في الشركات التي تسيطر عليها والكثير منها في قطاع الطاقة.
والهدف من ذلك ألا تثقل هذه الشركات كاهل الميزانيات العامة إذا استمرت أسعار النفط منخفضة لسنوات عديدة.
وقالت مصادر مطلعة لرويترز، إن شركة بترول أبوظبي الوطنية (أدنوك) التي يعمل بها نحو 55 ألفاً قد ألغت مئات الوظائف في الأشهر الأخيرة، وستقلص أعداد العاملين بها بواقع خمسة آلاف على الأقل بنهاية 2016.
وتابعت المصادر أن الخفض سيشمل معظم الشركات السبعة عشر التابعة لها، في طار إعادة هيكلة عقب تغييرات في قيادة الشركة في الشهر الماضي.
ولم يؤكد المتحدث باسم (أدنوك) أو ينفِ ما ذكرته المصادر وقال “تدرس أدنوك بشكل مستمر سبل زيادة الكفاءة والأرباح، لاسيما في ظل الأوضاع الحالية في السوق”.
وقال تقرير لشركة مورغان مكينلي للتوظيف، إن سوق وظائف النفط والغاز في الإمارات في سبيلها لتسجيل أسوأ عام فيما يزيد على عشر سنوات في 2016.
وقال تريفور ميرفي، مدير المنطقة بالشركة “ما زال قطاع النفط والغاز يئن ومعدلات الاستغناءات تتنامى بصفة عامة”.
لم تكن معظم الاستغناءات في الشركات الحكومية بأبوظبي نتيجة خفض الإنتاج في الإمارات التي لم تقلص إنتاجها النفطي، وتقول إنها ستمضي قدماً في مشروعات تطوير للغاز والنفط قيد التخطيط منذ فترة طويلة.
ولا تعني الاستغناءات وجود عجز في التمويل، إذ تبلغ قيمة صندوق الثروة السيادية مئات المليارات من الدولارات، ويمكن للإمارة أن تسحب من احتياطياتها مع الحفاظ على مستويات الإنفاق الحالية لعشرات السنين.
لكن الحكومة تريد إبطاء وتيرة السحب في ظل احتمال استمرار أسعار النفط المنخفضة لسنوات.
وفي العام الماضي استبقت أبوظبي حكومات الخليج الأخرى وخفضت دعم أسعار الوقود والكهرباء المحلية. والآن تسير على نفس المنوال مع الشركات شبه الحكومية.
وفي قطر تستغني شركات مملوكة للدولة مثل قطر للبترول وسكك الحديد القطرية عن عاملين. وتدرس شركات حكومية في دول أخرى مثل السعودية وسلطنة عمان سبل خفض التكاليف، لكن لم تلجأ بعد لخفض كبير للوظائف.
تشمل معظم الاستغناءات في الشركات الحكومية بأبوظبي وغيرها، العاملين الأجانب وليس المحليين، لأن الحكومة تريد كبح معدلات البطالة بين مواطنيها.
ومع ذلك فإن إلغاء الوظائف يسهم في تباطؤ الاقتصاد في المنطقة.
وتوقع صندوق النقد الدولي أن ينزل معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي في أبوظبي إلى 1.7 بالمئة العام الحالي من 4.4 بالمئة في 2015.
وفي دبي المجاورة حيث لا يعتمد الاقتصاد على النفط بشكل مباشر في حين تدعم الشركات الحكومية بقوة مشروعات سياحية وعقارية من المتوقع أن يتسارع المعدل قليلاً إلى 3.7 بالمئة من 3.6 بالمئة.
ومن بين الشركات في أبوظبي التي تخفض العاملين بها شركة أبوظبي الوطنية للطاقة (طاقة) التي استغنت عن 25 بالمئة منذ 2014. وقالت الشركة الشهر الجاري، إنها خفضت نحو ثلث الوظائف في قطاع النفط والغاز و55 بالمئة من العاملين في مقرها الرئيسي، بعد أن منيت بخسائر في الربع الأول.
وفي وقت سابق من العام، قالت شركة الاتحاد للقطارات المملوكة للحكومة الاتحادية في الإمارات، إنها خفضت عدد العاملين بها 30% في إطار إعادة الهيكلة. وقالت مصادر إن هيئة مياه وكهرباء أبوظبي، سرحت عشرات العاملين معظمهم من المغتربين، ولم يرد المتحدثون باسم الهيئة على اتصالات طلباً للتعقيب.
وقال عقيل ماضي، الرئيس التنفيذي لشركة الإنشاءات البترولية الوطنية التابعة للشركة القابضة العامة صناعات المملوكة لحكومة أبوظبي، وهي من أكبر مقاولي حقول النفط في الإمارة، إن الشركة تجري مراجعة لمستويات العمالة بها.
وفي الشهر الماضي قال محمد الرميثي رئيس مجلس إدارة (أرابتك)، إن برنامج خفض التكاليف في شركة الإنشاءات -وأكبر مساهم فيها صندوق آبار للاستثمار- قد يشمل تقليص الوظائف.
وقالت مصادر إن كليفلاند كلينك للمراكز الطبية والمملوكة لشركة مبادلة للتنمية، ستوفر أكثر من 100 فرصة عمل للمواطنين بعد أن أبلغت عاملين أجانب أن عليهم الرحيل بنهاية العام.
وحين طلب من كليفلاند كلينك التعليق، أجابت بأنه في إطار جهود تنمية المهارات المحلية سينتقل عدد من المناصب الإدارية إلى مواطنين إماراتيين خلال الأشهر المقبلة.
(Huffpost)