كأنّ العالم لا يكفيه دونالد ترامب واحد، أميركي الجنسيّة، حتى برز آخرون في القارّة العجوز. فقد أشار أنطوني فايولا في صحيفة واشنطن بوست الأميركية إلى أنّ الأوروبيين قد يكونون قلقين من بروز نجم دونالد ترامب في الولايات المتحدة، لكن، من بريطانيا إلى النمسا، تواجه المنطقة صعود اليمين الشعبوي الخاص بها. وعلى غرار ترامب، يستمد البعض منهم قوّته من الأقل تعلّماً والطبقات البيضاء العاملة، ضارباً على وتر المخاوف التي تعبر الأطلسي: الخوف من الهجرة والعولمة والبطالة وخسارة التأثير في عالم متغير بسرعة ومتنوّع بازدياد.
ويقول الصحافي الأميركي: "قد يرمون لحوماً حمراء إلى الجموع، لكن هذه الأيّام، هي مطهوة ومقدّمة بشكل أفضل. سياساتهم تُعرض مع ابتسامة، حتى مع نكتة. في الماضي، كان يمكن للقوميين أن يبثوا الرعب في قلوب من كانوا يسمعونهم. الآن، هم متعهدو عروض واقعية ترفيهية. قلة منهم تتمتع بالجاذبية أيضاً". وأعلن اليمين الشعبوي سلسلة من الانتصارات الوطنية خلف الستار الحديدي، مع الحكام القوميين في المجر وبولندا، على سبيل المثال، الذين يتسببون بقلق جدي عبر نشر سمتهم الخاصة من سياسات الذراع القوية ضد وسائل الإعلام الإخبارية والمعارضين السياسيين. لكنّ إغراء الشعبوية ينتشر غرباً في قلب أوروبا. هذه نظرة إلى بعض من أصوات أقصى اليمين الذي يعدّ العدّة للوصول إلى السلطة في غرب أوروبا.
هوفر.. جارك القريب
هوفر، 45 عاماً، هو المرشّح الأوفر حظاً في الانتخابات الرئاسية هذا الأحد في النمسا. فوزه المفاجئ في الجولة الأولى من الانتخابات الشهر الماضي، دفع باتجاه استقالة المستشار السابق فيرنر فايمن الذي أثار دعمه المبكر للاجئين ردّ فعل عاماً.
وفي النمسا، ينسب ظهور هوفر جزئياً إلى طريقة التصرف السهلة لديه، ويوصف من البعض على أنّه مثل جارك القريب. وعلى الرغم من كون دور الرئاسة في النمسا شرفياً بحسب التقليد، تعهد بطرد الائتلاف الحاكم إذا لم يسيطر على الهجرة. إذا وصل إلى السلطة الكاملة، فإنّ حزبه (حزب الحرية) وعد بفرض سيطرة صارمة على الحدود وترحيل أسرع للاجئين المرفوضين وزيادة الرقابة على مؤسسات المسلمين، كالمساجد والمدارس.
فرنسا.. من غيرها؟
وفي كثير من النواحي، تعدّ مارين لوبن رائدة في تصوير أقصى اليمين الشعبوي بطريقة أكثر احتراماً. وإذ كان أبوها البيولوجي والسياسي، جان ماري لوبن، عنصرياً ومعادٍ للسامية بشكل خاص وصريح، في ملاحظاته، سعت مارين لتطهير الحزب وإبعاد نفسها عن هكذا تصريحات، عندما استلمت قيادة الجبهة الوطنية سنة 2011. وكانت أيضاً من بين الأوائل الذين أعادوا تركيز كراهية أقصى اليمين من اليهود إلى المسلمين – التحول الذي يسري في مختلف أنحاء القارة. شعبيتها كبيرة بما فيه الكفاية لتشكل خطراً في الانتخابات الرئاسية سنة 2017، ويمكن لها على الأقل أن تنجح في الوصول الى الجولة الثانية من التصويت.
بريطانيا.. مزج الطموح الأعمى بالغباء
بوريس جونسون، ملك الكوميديا السياسية، الرجل المحافظ والعمدة السابق للندن، ذو علامة فارقة من الشعر الملوّن بلون القش، معروف بمزج طموحه الأعمى بالغباء. وعلى الرغم من أنه لا يحمل بطاقة اليمين الأوروبي الأقصى بحدّ عينه، فاستخدامه للتكتيكات الشعبوية ميّزت مسيرته. كعضو في البرلمان حالياً، حدّد نفسه كبديل عن رئيس الوزراء كاميرون لكنّه محافظ أكثر. وهو يزكي المشاعر القومية من أجل دفع بريطانيا للخروج من الاتحاد الأوروبي – مؤسسة شبهها مؤخراً بأدولف هتلر.
ليستوغ .. منتهكة للقانون الدولي
سيلفي ليستوغ، نجمة صاعدة في حزبها التقدمي الشعبوي، ابنة المزارعين النرويجيين، معروفة باستعراضاتها الواقعية مع ثقة بالنفس، من ضمنها لعبة بهلوانية طافت من خلالها على سطح الماء في بذلة عائمة أمام شاطئ اليونان في محاولة لإيصال فهم أفضل برأيها لأزمة اللاجئين. ومنذ أن أصبحت وزيرة الهجرة النرويجية في كانون الأول اتخذت موقفاً قاسياً – بما فيه ترحيل طالبي لجوء مرفوضين إلى روسيا في طقس جليدي ما قد يشكل خرقاً للقانون الدولي. ويقول مراقبون إنها تستطيع الوصول إلى المناصب الأعلى في حزبها.
شعبوية وتطرف بكلام معسول
كريستيان ثولسن دال يلغي مفهوم أن لا شعبويين ليّني الكلام، وقد قاد حزب الشعب الدانمركي إلى انتصارات انتخابية مع براعة أكثر ليونة. ومع ذلك، هو قام بذلك في الوقت الذي أجّج فيه نيران الخوف من الهجرة. ودعا دال دولته إلى قبول مهاجرين مسلمين بنسبة أقل على اعتبار أن لا مكان في دولته للمسلمين. وهو قاد سنة 2015 حزبه إلى انتصارات جعلت منه ثاني أكبر حزب في البرلمان.
عبوات وهمية من رذاذ الفلفل
واحدة من أكثر الصور السياسية التقسيمية في أوروبا، اليميني المتطرف خيرت ويلدرز رأى شعبيته تتحرّك ضمن مدّ وجزر. لكن يبدو أنّه أسس رأس ماله الشعبي على أزمة اللاجئين، مدعياً تهماً بالاغتصاب والاساءة إلى النساء الأوروبيات من قبل المهاجرين، كل ذلك دليل على التحذيرات المعادية للإسلام التي طرحها لسنوات. قارن القرآن الكريم بكتاب كفاحي لهتلر ودعا إلى فرض حظر على هجرة المسلمين. وفي الآونة الأخيرة، وزّع عبوات وهمية من رذاذ الفلفل للنساء محذّراً من "قنابل تستوستيرون إسلامية". وأظهر استطلاع رأي أجري في كانون الثاني حزبه يكتسب مزيداً من الشعبية.
(24)