ولد الإسلام حرَّاً لا شيعياً ولا سنياً،وسيبقى كذلك إلى يوم الدين، ومنذ ألف عام والزعماء الدينيين والروؤساء يتخذون من الإسلام آلةً ووسيلةً لتحيقيق الأغراض الدينية والسياسية والسلطوية والمصالح الشخصية،وما وصل إلينا بإسم الإسلام خليط من أمورٍ كثيرة،ولكلٍ منها مصدره وتشريعه..
المفارقة أننا نرى في بداية الإسلام خلال نصف قرن فتح نصف العالم، وخلال الثلاثة عشر قرناً إتجه الإسلام نحو النزاعات والصراعات بسبب سراديب الفقهاء وكهوف الروؤساء، ووصل الحال بنا إلى ما نحن عليه..والملفت أيضاً أنه إذا نظرنا إلى دول العالم، نرى أي شعبٍ من الشعوب أكثراً تمسكاً بالشريعة كان أكثر تراجعاً للسبب عينه..أليس السبب في هذا أنَّ الإسلام فقد حقيقته وأصبح حانوتاً ينتفع منه الزعماء الدينيين وسيلة لخداع العوام من السنة والشيعة..
نعم أقصد بالشريعة الإسلامية التي لم،ولا، ولن، يعرف أحدٌ كنهها ونصوصها المنضبطة أبداً، الشريعة التي تجد فيها قتل الأبرياء تحت مظلة الجهاد في أي مكانٍ وفي أي زمانٍ وحتى آخر الزمان، هي الشريعة التي إستنبط فيها الفقيه أحكامه على ما يُبرِّر حتى قتل الأجنَّة في بطون الأمهات،بتخريجٍ وإجتهادٍ بسيطٍ من نصٍ ما "يذرون إلاَّ كافراً ديَّاراً" هي ذاتها الشريعة التي تبرِّر قتل الأبرياء في أغلب الدول التي آوتهم وأطعمتهم من جوعٍ، وكستهم من عُريٍّ، هي الشريعة نفسها التي تجد أحكاماً تشير "والكاظمين الغيظ" وتجد فيها" المسلم من سَلِم الناس - وليس المؤمنين والمسلمين - من يده ولسانه - وغدره وسلاحه وسيفه -" هي الشريعة ذاتها التي إستخرج منها الفقيه أحكام التترُّس والغزو تحت عناوين، وتجوِّز تهجير الناس الأبرياء والقتل في بلاد المسلمين - العراق وسوريا واليمن – وغيرهم من الدول، هي الشريعة ذاتها التي يتقاتل فيها المسلمون والمؤمنون مع بعضهم البعض،لأنَّ بعضهم شيعي والآخر سني، سواء في سوريا الشقيق والعراق الحبيب واليمن التعيس، هي نفسها تقول:" من آذى ذمياً فقد آذى رسول الله(ص)"...
وهي الشريعة ذاتها التي أوصى بها رسول الله (ص) بالأمة خيراً ومحبةً وسلاماً، هي الشريعة ذاتها تجد فيها فقهاء الفتن والقتل يفتون بتفجير الأسواق والكنائس والمساجد والحسينيات ودور العبادة، وماذا بعد؟ ملايين ملايين وملايين الأحكام في كل صغيرةٍ وكبيرةٍ "حتى أرش الخدش" والتشريعات المتوافرة على الدوام ولكلٍ تبريره ودليله وروايته وسنده، الذي لا يأتيه الباطل لدى من يستخرجه ومن يتبعونه بغير إحسان، فيا أيها المسلم الشيعي ،ويا أيها المسلم السني، نحن لا يحمينا فقهاؤنا ولا تحمينا طوائفنا ولا تحمينا أحزابنا، بل تحمينا الدولة والجيش والقانون، بل يجمعنا قرآنٌ واحد وكبعةٌ واحدة، ورسول الله(ص) رسول السلام والمبحة يقول:"حب الأوطان من الإيمان" والولاء للوطن أساس الإسلام والدين، فتشريع العبادة هي بينك وبين الله، وخيرك للوطن والجميع.
الشريعة : سردابٌ شيعيٌّ وكهفٌ سُنيٌّ...!
الشريعة : سردابٌ شيعيٌّ وكهفٌ...الشيخ عباس حايك
NewLebanon
التعريفات:
مصدر:
لبنان الجديد
|
عدد القراء:
2609
عناوين أخرى للكاتب
مقالات ذات صلة
ارسل تعليقك على هذا المقال
إن المقال يعبر عن رأي كاتبه وليس بـالضرورة سياسة الموقع
© 2018 All Rights Reserved |
Powered & Designed By Asmar Pro