هل يستطيع الرئيس نبيه بري اختراق الصراع السعودي - الايراني؟
رجل العصا السحرية ام رجل القبعة السحرية، الذين يزورون السفير الفرنسي ايمانويل بون يسمعون منه عبارة واحدة «انتظروا زيارة الوزير جان - مارك ايرولت».
لكن السفير يقر بحساسية، او بخطورة التعقيدات الداخلية والاقليمية، زواره ينقلون عنه «ان بلدكم يقترب اكثر فاكثر من الخطر، ولا بد من انقاذه الآن». جون يقول الآن وليس غداً، لكن ايرولت الذي يحاول تبديد الغبار الذي تركه وراءه سلفه لوران فابيوس، يأتي ليعد بادراج بند الاستحقاق الرئاسي على جدول اعمال اجتماع مجموعة الدعم الدولية.
كل ما يفعله الثنائي هولاند - ايرولت هو ان تكون باريس مكان الاجتماع. حينذاك يمكن للفرنسيين ان يمارسوا «الديبلوماسية الهادئة» مع رؤساء الوفود. علهم يخرجون بموقف يساعد على انتخاب رئيس للجمهورية في لبنان حيث بعض الاصوات تتحدث عن «الملهاة الفرنسية».
الفرنسيون يعلمون اكثر من غيرهم المكان الذي علقت فيه رئاسة الجمهورية في لبنان، ومع ذلك يحاولون ويشتكون من ان الاميركيين لا يتعاونون. البعض يتسذكر كيف ان جاك شيراك، وفي اجتماع النورماندي الشهير في حزيران 2004، اقنع جورج دبليو بوش بموقف من لبنان انتج قرارمجلس الامن الدولي 1559 في 2 ايلول من ذلك العام..
الآن لا تنظر ادارة باراك اوباما الى ادارة فرنسوا هولاند بالحد الادنى من الود، حتى الآن لا يزال هناك في واشنطن من يصف بـ «السيء والمراوغ» الدور الذي اضطلع به فابيوس ان في محاولة عرقلة اتفاق فيينا، او في اثارة الشغب في البلاط السعودي، كما في البلاط التركي، ضد سياسات الولايات المتحدة حيال سوريا وحتى حيال المنطقة...
الرئيس بري دمث جداً، وديبلوماسي جداً، ويستطيع ا ن يجعل من شعرة معاوية عبارة للحدود، وعبارة للقارات. لديه كل المعطيات حول الاهتمامات الاميركية في لبنان. رئاسة الجمهورية ليست من الاولويات، ولطالما صارح السفير ريتشارد جونز بعض الاصدقاء بالجهة التي تقبض على رئاسة الجمهورية في لبنان، ولاسباب تتعلق بالصراع الاقليمي الذي كان يصفه بالعبثي. وفي احدى المرات مازح مرجعية لبنانية بالقول «انهم يعملون لمصلحتنا دون ان يعلموا ودون ان نعلم».
بعض الجهات السياسية تسأل عن مصدر الضوء الاخضر الذي تلقاه رئيس المجلس النيابي، الامين العام السيد حسن نصرالله قال: «تعالوا ننجز الاستحقاق الرئاسي بايد لبنانية بحتة»، ثمة طباخون ماهرون في لبنان من الرئيس بري الى النائب ميشال المر كما ان الرئيس سعد الحريري الذي تتراكم حوله الازمات يتحرق شوقا الى السراي الحكومي، وهو جاهز للمساهمة في الطبخة الرئاسية، مع براعة في الطبخ المنزلي. ولكن...
هل يبالغ بعض السياسيين حين يقولون ان ثمة شيئاً ما سيخرج من عشاء السفير السعودي في بيروت علي عواض عسيري امس والذي وجهت فيه الدعوة الى «الاقمار الاربعة» (في اشارة للنص الانجيلي) اي الرئيس امين الجميل، والعماد ميشال عون والنائب سليمان فرنجية والدكتور سمير جعجع. السفارة لا تعطي اية ابعاد سياسية للعشاء (الذي لن يكون سريا) والغاية منه فقط التأكيد ان الرياض لا تقف مع عون ضد فرنجية ولا تقف مع فرنجية ضد عون. وهكذا دواليك...
احد المدعوين قال لـ «الديار» ان تكون المملكة على مسافة واحدة هنا المشكلة لتقل هي مع من؟ وبعدما ظن كثيرون انهما وراء مبادرة الرئيس سعد الحريري بترشيح رئيس تيار المردة لاختراق 8 آذار والحجر على الجنرال، تبين ان المبادرة حريرية وفوجئ السعوديون بأن رجلهم الاول لم يتمكن من تسويق المبادرة لا بين جماعته ولا بين الاخرين لا بل انه شق الطريق امام «حفل الزفاف» في معراب بين الجنرال والحكيم..

ـ مبادرة ام مغامرة؟ ـ

وراء الضوء «مبادرة بري» ام «مغامرة بري» كيف يمكنه تمرير (او تهريب) رئيس للجمهورية من ثقب الابرة. «الاستاذ» البارع في تدوير «الزوايا، هل يمكنه ان يعبر ذلك الشريط الطويل من الالغام؟ ثمة تشاؤم...

ـ تقرير كي ـ مون ـ

تقرير الامين العام للامم المتحدة بان كي - مون حول النازحين لا يزال يشكل القنبلة، العبارات التي وردت في التقرير كانت واضحة حول التوطين والتجنيس، لا احد يعلم كيف تمضي الامور في سوريا وحول سوريا، لا بل ان خبراء دوليين يعتبرون انه اذا بدأت عمليات الاعمار في سوريا في هذه اللحظة فالمسألة تتطلب 5 سنوات، ولن يعود خلال سنة سوى ثلث العدد المنتشر في لبنان وربما اقل.
هذه المسألة بحثها القائم بالاعمال الاميركي السفير ريتشارد جونز، العائد حديثا من واشنطن مع رئىس الحكومة تمام سلام، ليقول بعد اللقاء ان بلاده تتفهم حساسية هذه المسألة بالنسبة الى لبنان، وتعتقد ان الحل الافضل للاجئىن هو العودة الى ديارهم بمجرد ان تسمح الظروف بذلك».
جونز استدراك قائلا «واذا اصبح هذا الامر مستحيلا يجب ان يؤخذوا لتوطينهم في بلدان اخرى».
هذا الكلام لم يطمئن المسؤولين اللبنانيين في اية حال، اذ سبق للادارة الاميركية ووعدت السلطات اللبنانية بنقل نحو 100 الف لاجئ فلسطيني الى خارج لبنان في اطار عملية تلحظ حل مشكلة اللاجئىن بالتزامن او بالتوازي مع العمليات التفاوضية الخاصة باقامة الدولة الفلسطينية.
وقد مضى على الوعد الاميركي نحو 14 عاما دون ان تتخذ اي خطوة في هذا المجال لا بل ان الدولة الفلسطينية باتت مستحيلة مع جنوح السياسة الاسرائيلية يمينا حتى ان بنيامين نتانياهو لم يتحمل دفاع وزير الدفاع موشي يعلون عن نائب رئيس هيئة الاركان يائير غولان الذي قد يكون هو في اتجاه الاستقالة ايضا.
ويقول مصدر وزاري لـ «الديار» اين هي «البلدان الاخرى» التي يمكن ان تستقبل نحو 5 ملايين سوري ينتشرون في لبنان والاردن وتركيا؟»

ـ «التصريح المروع» ـ

وليس تصريح جونز وحده الذي زاد في قلق المراجع اللبنانية بل ما وصفه المصدر اياه بـ «التصريح المروع» لمنسقية الامم المتحدة في لبنان سيغريد كاغ، اثر لقائّها وزير الخارجية جبران باسيل، اذ وصفت تقرير كي مون بـ «العالمي، وهو عام بطبيعته، ولا يتوجه الى لبنان بأي شكل او طريقة، وهو ايضاً لا يتحدث عن ازمة النازحين خصوصاً».
اضافت «أن موقف المنظمة الدولية» واضح ولن يتغير، والحل لوضع النازحين السوريين هو بايجاد حل سياسي للصراع في سوريا، مشيرة الى «اننا لم نطلب في اي وقت تسوية دائمة اوتجنيس السوريين النازحين او الفلسطينيين في لبنان».
وقالت كاغ «ان الدستور اللبناني واضح جداً حيال هذا الامر، ونحن نعمل دائماً بانسجام مع دستور البلاد، وهذا امر سينطبق على لبنان»، مشيرة الى «أن التقرير غير ملزم ويضم مقترحات للمجتمع الدولي ليصار الى مناقشتها بشكل شامل خلال الاجتماع المخصص والرفيع المستوى في 19 ايلول المقبل».
وسلم باسيل كاغ رسالة خطية الى كي ـ ـمون اكد فيها «موقف لبنان الرافض لما ورد في تقريره في صدد استيعاب النازحين في اماكن تواجدهم، وضرورة اندماجهم في المجتمعات، ووضع السياسات الوطنية من قبل الدول للتكيف مع بقائهم وصولاً الى اعطائهم الجنسية».
ولحظت الرسالة «رفض التوطين، وأي شكل من اشكال التجنيس، او البقاء الطويل للسوريين»، معتبرة «أن الحل الوحيد هو بعودة النازحين السريعة والآمنة الى وطنهم سوريا».

ـ النزوح والدستور ـ

اما المصدر الوزاري، فقال لـ«الديار» ان كلام المنسقية الدولية لم يكن مقنعاً قطعاً، وهي ذكرت انه عام وعالمي، ومعنى ذلك انه يشمل كل الدول المضيفة، ولو كانت هناك استشارات لأتى التقرير على ذكرها، اما التذرع بأن الدستور اللبناني يمنع التوطين، فهذا اقرب ما يكون الى «الطرفة»، ففي ظل الاوضاع في المنطقة وحيث تتفكك الدول بل وتزول، وحيث تسقط الحدود، ودون ان تستطيع الامم المتحدة ان تفعل شيئاً، اي فاعلية وأي معنى للنصوص؟
ولاحظ المصدر «ان الدستور اللبناني ينص على انتخاب رئىس للجمهورية في غضون شهرين من انتهاء الولاية، اي بدءاً من 25 آذار 2014، ومع ذلك فان الضغوط الاقليمية حالت حتى دون تطبيق نص دستوري عادي فكيف اذا تعلق الامر بـ«عاصفة دولية» في اتجاه التوطين والتجنيس اذا ما اخذنا بالاعتبار كلام مدير وكالة الاستخبارات المركزية جون رينان ومدير الاستخبارات الفرنسية برنار باجوليه حول اعادة رسم الخرائط في سوريا والعراق ما يجعل النازحين السوريين حالة مقيمة في لبنان، وربما تزعزع الخارطة اللبنانية ايضاً.

ـ تهديد نصرالله ـ

الى ذلك، تحدث الامين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصرالله في ذكرى الاسبوع للقيادي مصطفى بدر الدين، موجها كلامه الى الاسرائيليين، وقائلاً «اذا امتدت ايديكم الى اي مجاهد من مجاهدينا سيكون ردنا قاسياً، وخارج مزارع شبعا ايا تكن التبعات، ما يعني ان «السيد» سيأمر بالضرب في الداخل الاسرائيلي»، مشيراً الى «ان المعطيات في منطقة الاغتيالات وجهتنا نحو الجماعات التكفيرية وانا اتحمل تبعات هذا الاستنتاج».

ـ الانتخابات جنوباًً... ـ

غدا، المرحلة الثالثة من الانتخابات البلدية في محافظتي الجنوب والنبطية، انتخابات باهتة، ولوائح كاسحة على غرار المحادل النيابية، وحتى في مدينة صيدا، لا مجال لمواجهة لائحة محمد السعودي التي تجمع تحت لوائها تيار المستقبل والجماعة الاسلامية وعبد الرحمن البزري. البعض يتحدث عن «بطولة» اسامة سعد في التصدي لتلك الارمادا الانتخابية، والبعض الاخر يدرك مبرراً كل تلك السلبية، وهو الذي يعرف اكثر من غيره، العقل الانمائي وغير المنحاز، للسعودي الزاهد في المنصب على كل حال.
لكن رئيس التنظيم الشعبي الناصري يرى في الذوبان داخل تلك التركيبة «اشد مضاضة» حتى من الاغتيال السياسي..
جزين تنتخب غداً امل حكمت ابو زيد نائباً يقال انه سيكون النائب الشرعي الوحيد في ساحة النجمة، اما بلدياً فالمدينة تشهد عراكاً عجيباً بين داخل التيار الوطني الحر الذي تحالف مع حزب «القوات اللبنانية» والنائب السابق ادمون رزق...
الخشية من ان تتناثر اصوات العونيين وتتوزع على ابو زيد والعميد صلاح جبران الذي له حيثيته الشعبية وباتريك رزق الله. وبعض «الاوفياء جداً» للجنرال يشيعون بين المؤيدين انتهبوا ان معركة جزين لا تقل شأن عن معركة جونية.
في المناطق الشيعية اصوات معترضة، وكما جرى في البقاع، مرشحون من «حزب الله» وحركة «امل» ضد لوائح الثنائي، فيما يأمل الحزب الشيوعي برئاسة حنا غريب ان يستعيد مجده في الجنوب من الباب البلدي، ومن بنت جبيل الى حولا، وصولاً الى العرقوب.

ـ التحالفات العجيبة ـ

للشيوعيين وجودهم في البلدات المسيحية حيث يقال «البلدات خاوية والمعارك حامية» مع الحديث عن «التحالفات العجيبة» لتبقى الانظار مركزة على حاصبيا التي انسحب منها الحزب العربي الديموقراطي امام شروط الحزب التقدمي الاشتراكي، فيما يقول امين عام الحزب وليد بركات لــ«الديار» ان سبب الانسحاب عدم المجابهة وبالتالي المس بـ «النسيج الحاصباني» علما بان اللوائح تتشكل هكذا: 11 مقعداً للدروز، مقعدان للسنة ومقعدان للارثوذكس.