تجرى هذا الأحد في 22 أيار 2016 إنتخابات بلدية وإختيارية في الجنوب بحيث تتميز هذه المرة بتنافس جدي وحقيقي مغاير لما حصل ب 2010 حيث خيضت بهدوء وإستطاعت حينها لوائح التحالف الشيعي بين حركة أمل وحزب الله من السيطرة على الأعم الأغلب من المجالس البلدية والإختيارية.
اليوم يفرض هذا التحالف نفسه رقما صعبا من جديد على الساحة الجنوبية ويخوض المعركة بلوائح الوفاء والتنمية إلا أنه يواجه لوائح منافسة ذات إعتبارات مختلفة ومتنوعة حسب كل بلدة ومدينة.
وتخاض المعركة ضد الثنائية الشيعية بناءا على عدة إعتبارات فتشهد بعض المناطق تنافسا ضد لوائح شكلتها العائلات وفي مناطق أخرى ضد أحزاب موجودة في الجنوب أهمها الحزب الشيوعي اللبناني وتسجل بعض المناطق إنقلابات ضمن التحالف نفسه فتخاض معركة ضد منشقين حزبيين وحركيين ظرفيين وأخرى لا تخلو من المناورة والمشاكسة وتسجيل النقاط واللعب من تحت الطاولة للإلتفاف على التحالف الموجود بحيث تطرح أسماء ولوائح ضد الحركة أو الحزب وهم بالحقيقة مدعومون من نفس التنظيمين لتحقيق مكاسب والسيطرة على المجالس البلدية. وسجلت ظاهرة ملفتة هذا العام تمثلت بتشكل لوائح من رحم حزب الله ولكنها إختلفت عنه لأسباب عائلية وتمثيلية بعكس ما كان يصور على أن الحزب قادر على ضبط قواعده الشعبية، فتفلتت بعض الأسماء والشخصيات وشكلت لوائح ضد الحزب نفسه مع أنها تواليه في السياسة والثقافة والعقيدة ولكنها أرادت رفع الصوت ضد تصرفات بعض المسؤولين "الرابط" في القرى والمدن الذي يتصرف بأحادية وكأنه ولي فقيه القرية.
ولكن على رغم التنوع الهائل في الآراء والإختلافات الموجودة والتي نتج عنها تشكل لوائح تنافسية ضد لوائح تحالف الثنائية، يلحظ أن الجميع متفقين ما زالوا على العنوان السياسي المتمثل ب "المقاومة" وهو ما يحاول المستقلون التأكيد عليه مرارا وتكرارا في زياراتهم الإنتخابية لعدم التصادم مع السكان وإختزال الموضوع بالشق الخدماتي والإنمائي فقط بعيدا عن الشعارات السياسية. وبالمقابل تحرص الثنائية الشيعية وبالأخص حزب الله على شيطنة وتشويه أعضاء اللوائح المنافسة للتهويل عليهم وتجييش الرأي العام ضدهم وشهدت بعض القرى حملات تخوين لبعض المرشحين وإتهامهم بأخذ الأموال من السعودية والسفارة الأميركية.
ولا شك أن حملات التخوين هذه سيدفع ثمنها أولا وأخيرا حزب الله لأنه لو أن معيار الخيانة والذي طرحه الحزب في هذه الإنتخابات هو مجرد الترشح ضد لوائحه فهذا يعني أن أكثر من ثلث الجنوب " خائن" حسب معايير الحزب لأن في كل قرية هناك حيثية شكلت لائحة ضد لوائح التحالف هي متهمة مسبقا بالخيانة. وهذا أمر جد خطير على الحزب نفسه لأنه سيضعه ضد بيئته الحاضنة. ولم يقتصر الأمر على التخوين، بل إستدرجت الإيديولوجيا ودم الشهداء وروج لدعاية في بعض القرى أن الإمام المهدي يريد هذه الإنتخابات ومرشحي الحزب مباركين. وقد نجحت هذه المحاولات في إخافة بعض المرشحين فإنسحبوا.
وبعيدا عن عدة شغل الحزب الإنتخابية، تشهد مناطق عديدة منافسة حادة كصريفا والبازورية وكفرمان والنبطية وقعقعية الجسر والغندورية وغيرها. وفازت بعض البلديات بالتزكية ووصلت نسبتها لحوالي 14% من نسبة القرى الجنوبية والجهود مستمرة إلى الساعة في رفع هذه النسبة.
وتطغى على برامج اللوائح المنافسة للثنائية عناوين الإنماء والمشاركة والتنمية والخدمات وتبتعد عن السياسة فيما يتمسك حزب الله بالأخص بعنوان المقاومة ودم الشهداء. أما حركة أمل فقد إتخذت قرارها منذ البدء بمحاولة إستيعاب العائلات وفسح المجال أمام أي أحد يريد الترشح وتمسكت إلى أبعد الحدود بتحالفها مع حزب الله ما جعلها هي الأخرى على تصادم مع بعض الشخصيات والعائلات ولإختيارها بعض المرشحين الذين لا يليقون بالمركز البلدي.
وفي بوابة الجنوب صيدا ستجرى معركة بين لائحتين الأولى مدعومة من تيار المستقبل ويرأسها رئيس البلدية الحالي المهندس محمد السعودي ذات الشعبية العالية في المدينة بسبب الإنجازات التي قام بها وأهمها إزالة جبل النفايات والثانية مدعومة من التنظيم الشعبي الناصري تحت مسمى:" صوت الناس" والذي ينتقد أداء البلدية الحالية ويتهمها بالفساد والصفقات المشبوهة ويطالب بإسترداد قرار المدينة ويقف خلفها النائب السابق أسامة سعد.
أما جزين فتشهد إنتخابات نيابية فرعية عن المقعد الشاغر ويترشح لملأ هذا المقعد أربعة مرشحين هم أمل حكمت أبو زيد وصلاح نقولا جبران وباتريك الياس رزق الله وابراهيم سمير عازار وحظوظ أبو زيد المدعوم من التيار الوطني الحر الأوفر خصوصا بعد قرار الرئيس نبيه بري عدم التدخل فيها.
لذلك يبدو مشهد الأحد القادم مميزا عن عام 2010 لوجود لوائح منافسة وجدية، فهل ستحمل مفاجآت أما أنها سيناريو لإستكمال ما بدأ في بيروت وتوقف في جونية من تجديد لما هو قائم؟