على بُعد يومين من المرحلة الثالثة من الانتخابات البلدية والاختيارية والتي ستجري الأحد في محافظتي الجنوب والنبطية وتتزامن في قضاء جزين مع انتخابات نيابية فرعية لملء المقعد الماروني الشاغر بوفاة النائب السابق ميشال الحلو، تتسارع في عاصمة الجنوب صيدا التحضيرات لهذا الاستحقاق كما تتسارع وتيرة الحركة الانتخابية لمرشحي اللوائح الثلاث المتنافسة على مقاعد المجلس البلدي الـ21، وهي: لائحة «إنماء صيدا« برئاسة المهندس محمد السعودي والمدعومة من تيار «المستقبل« و«الجماعة الإسلامية« والدكتور عبد الرحمن البزري، ولائحة «صوت الناس« برئاسة المهندس بلال شعبان والمدعومة من «التنظيم الشعبي الناصري«، و«لائحة أحرار صيدا« برئاسة الدكتور علي الشيخ عمار.

ويمكن توصيف وضع اللوائح الثلاث انطلاقاً من برامجها وبياناتها الانتخابية على الشكل التالي: بالنسبة للائحة إنماء صيدا لا تُعتبر انتخابات الأحد معركة ربح وخسارة وإنما معركة إحداث الفرق الذي يوازي ما استطاع المهندس محمد السعودي مدعوماً من تيار «المستقبل« وحليفه «الجماعة الإسلامية« والدكتور عبد الرحمن البزري من تحقيقه على مستويات ثلاث: 

- على صعيد العمل البلدي اليومي من خلال متابعة قضايا الناس وهمومهم الحياتية والخدماتية سواء بشكل مباشر بشخصه أو من أعضاء المجلس البلدي، أو غير مباشر من خلال اللجان المتخصصة المنبثقة عن المجلس، في البيئة كما في الصحة كما في الأنشطة كما في الشؤون الإدارية والإعلام، يضاف اليها عناية خاصة أولتها البلدية للعمال والصيادين بتكليف أعضاء فيها بالتخفيف من معاناتهم والسعي لدعم قطاعاتهم وحمل قضاياهم المطلبية المحقة. - على صعيد المشاريع الإنمائية الكبرى، من خلال المتابعة اليومية لهذه المشاريع مع الوزارات المختصة أو الصناديق الداعمة وبمؤازرة من نائبي المدينة الرئيس فؤاد السنيورة والسيدة بهية الحريري وملاحقة كل مراحل الدراسات والتلزيم والتمويل والتنفيذ وصولاً الى الإنجاز، وفي مقدمها تخليص صيدا من مشكلتها البيئية المزمنة بإزالة جبل النفايات وإقامة حديقة مكانه. 

- على صعيد موقع ودور المدينة كعاصمة للجنوب وللعيش الواحد، من خلال العمل كبلدية لكل المدينة بكل تنوعها الروحي والسياسي والحفاظ على عيشها المشترك والعلاقات الطيبة والمميزة مع جوارها جنوباً وشرقاً وشمالاً، وعلى علاقتها التاريخية والنضالية بالقضية الفلسطينية كعاصمة للجوء الفلسطيني منذ النكبة وحاملة لقضايا وهموم الشعب الفلسطيني وشريكة له في تضحياته في سبيل الأرض والعودة.

«صوت الناس»

بالمقابل تنطلق لائحة «صوت الناس« من تقديم نفسها معبرة عما تعتبره وجع الناس ومن برنامج انتخابي يقارب الإنماء بعناوين تشكل في قسم كبير منها جزءاً من الخطاب السياسي لداعميها أي «الناصري« و«اللقاء الوطني الديمقراطي«، وهي تراهن على تقليص الفارق معتمدة على ما تعتبره عوامل استجدت تجعل من انتخابات 2016 مختلفة عن انتخابات 2010 التي وصل فيها الفارق بين اللائحتين الى حوالى 10 آلاف صوت لصالح لائحة السعودي مع نسبة اقتراع عالية حينها. 

«أحرار صيدا»

اما لائحة «أحرار صيدا« غير المكتملة والتي انسحب منها مرشح أمس، فترتكز في خوضها للمعركة الانتخابية الى أنها بذلك تسجل موقفاً وحضوراً لحالة تمثل جواً إسلامياً معيناً في المدينة يتشكل من مؤيدين للشيخ أحمد الأسير وهيئة علماء المسلمين وبعض الشخصيات التي تدور في فلكهما.

وتعتبر أوساط صيداوية مراقبة لحركة اللوائح وبرامجها الانتخابية أن التنافس الانتخابي البلدي بين ثلاث لوائح هو أمر طبيعي في استحقاق ديموقراطي، وأنه في الوقت نفسه يشكل فرصة للناخبين لاختبار مدى ملامسة برنامج كل لائحة لهمومهم وقضاياهم الحياتية وإنماء مدينتهم، لكن مقياس نجاح هذا البرنامج أو ذاك بمقدار ابتعاده عن السياسة وقربه من الإنماء وهو ما ينطبق بحسب هذه الأوساط على برنامج لائحة «إنماء صيدا« برئاسة المهندس محمد السعودي.

جزين والتباس التحالفات

في جزين، لم يسبق لعروس الشلال جزين أن شهدت استحقاقاً انتخابياً بهذا القدر من التعقيد والالتباس الذي تشهده المدينة عشية انتخاباتها البلدية وفرعيتها النيابية لملء المقعد الماروني الشاغر بوفاة النائب الراحل ميشال الحلو، حيث يتنافس على هذا المقعد سبعة مرشحين. لكن المفارقة في هذين الاستحقاقين المتلازمين أن التوافق العوني القواتي مسيحياً تحول الى حلف انتخابي جزينياً شق العائلات وأربك الحلفاء!. 

فنيابياً يدعم هذا التحالف المرشح أمل أبو زيد بوجه مرشحين آخرين لهم حضورهم السياسي أو العائلي أو الخدماتي للمنطقة في مقدمهم نجل النائب السابق سمير عازار ابراهيم عازار وكميل سرحال والعميد صلاح جبران أو من المرشحين الجدد مثل باتريك رزق الله وميشال الحلو وانطوان كرم.. 

لكن تقاطع الاستحقاق النيابي مع البلدي أعاد خلط الأوراق بين الحلفاء أنفسهم أو داخل الفريق الواحد نفسه سواء كان «التيار الوطني الحر« أو «القوات اللبنانية«، فتداخل العائلي بالسياسي وطغى عليه. 

فتحالف القوات والعونيين ومعهما النائب زياد أسود والوزير السابق ادمون رزق يدعمون رئيس اتحاد بلديات جزين خليل حرفوش رئيساً للبلدية، ويواجه هذا التحالف معارضة من داخل التيار العوني نفسه يمثله غازي الحلو الذي يميل للتحالف مع كميل سرحال. بينما تبدي القاعدة القواتية في جزين عدم رضاها على التحالف مع العونيين باعتباره لم يعطِ «القوات« حقها وحجمها الطبيعي في المنطقة خصوصاً في ساحل جزين، وهو ما ترجم أخيراً بمطالبة «القوات« بضم مرشح جديد لها الى اللائحة. 

بالمقابل يخوض ابراهيم عازار المعركة والبلدية مدعوماً من طوني ميشال الحلو نجل النائب الراحل الى جانب عائلات انشقت عن التيار العوني فضلاً عن دعم ضمني للائحة المدعومة من عازار من حزب «الكتائب« و«أمل« و«القومي«. علماً أن مرشحي اللائحة لرئاسة البلدية مداورة كل من جوزيف رحال والعميد نادر بو نادر ثلاث سنوات لكل منهما.