سارعت الامم المتحدة أمس الى وضع حد فوري لتفسيرات لبنانية ساخطة لتقرير وضعه الامين العام للمنظمة الدولية بان كي - مون تحضيراً لاجتماع في ايلول المقبل حول "التعامل مع التحركات الكبيرة للاجئين والمهاجرين"، فنفت نفياً قاطعاً أي اتجاه لديها الى حمل لبنان على تجنيس اللاجئين السوريين أو توطينهم. ووقت كان مجلس الوزراء يعيد التشديد بالاجماع على "رفض التوطين وأي سياسات تقوم على استيعاب النازحين في أماكن وجودهم"، أثار صدور الموقف التوضيحي الفوري عن الأمم المتحدة تساؤلات عن الملابسات التي دفعت وزارة الخارجية الى استنفار الحكومة حول تقرير بان كي - مون قبل استيضاح الامم المتحدة وممثلتها في لبنان ومن ثم بناء موقف فوري عليه.
وأفاد مراسل "النهار" في نيويورك علي بردى ان الأمانة العامة للأمم المتحدة نفت ما أوردته وسائل إعلام عن تقرير دولي يدعو الى توطين لاجئين سوريين في لبنان، مؤكدة أن "أحداً في المنظمة الدولية، وخصوصاً الأمين العام بان كي - مون، لا يدعو لبنان الى امتصاص اللاجئين السوريين أو اعطائهم الجنسية". واعترفت مجدداً بأن لبنان "يستضيف هؤلاء بحس هائل من التكافل وبتكاليف باهظة مالياً أو اجتماعياً أو بنيوياً أو سياسياً".
ورداً على سؤال عن تقارير إعلامية في لبنان تتعلق بتقرير الأمين العام للأمم المتحدة بعنوان "بأمان وكرامة: التعامل مع التحركات الكبيرة للاجئين والمهاجرين" الذي أعد للإجتماع الرفيع المستوى في 19 أيلول الخاص بمعالجة التحركات الكبيرة للاجئين والمهاجرين، قال الناطق بإسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك خلال مؤتمره الصحافي اليومي إن "التقرير ونطاق توصياته عالميان"، موضحاً أنه "لا يشير بالإسم الى أي بلد محدد،وهو يسعى في المقام الأول الى تشجيع مزيد من العمل الجماعي وتقاسم أفضل للمسؤولية من الدول الأعضاء لمعالجة التحركات الكبيرة من اللاجئين والمهاجرين. وأكد أن التقرير يتصدى لتحدي البلدان المضيفة للاجئين لفترات طويلة، ويدعو الى اتخاذ تدابير لدعم المجتمعات المحلية المضيفة بصورة أفضل، بغية تعزيز الاندماج الاجتماعي ومكافحة التمييز".
وشدد على أن التقرير "لا يروج، في أي حالات محددة، للتوطين أو اعطاء الجنسية للاجئين". وتلا فقرة من نص التقرير جاء فيها أنه في الحالات التي لا تكون فيها الظروف مؤاتية لعودة اللاجئين، يحتاج اللاجئون في الدول المضيفة الى التمتع بوضع يسمح لهم بإعادة بناء حياتهم والتخطيط لمستقبلهم. وينبغي أن تمنح الدول المضيفة للاجئين وضعاً قانونياً وأن تدرس أين ومتى وكيف تتيح لهم الفرصة ليصبحوا مواطنين بالتجنس" (الفقرة 86)، مشيراً إلى أن "هذا يتماشى والفقرة 34 من معاهدة اللاجئين لعام 1951". ولفت الى أن الأمين العام "مدرك لحقيقة كون منح المواطنة لغير المواطنين هو في كل دولة من شأن السياسات والقوانين الوطنية". وأكد أن الأمم المتحدة "لا تسعى الى الإدماج المحلي كحل للاجئين السوريين في لبنان"، مذكراً بأن الأمين العام بان كي - مون "ركز خلال زيارته الأخيرة، على أن موقف الأمم المتحدة لا يزال أن الخيارين المتاحين هما عودة اللاجئين الى سوريا عندما تصير الظروف مؤاتية أو إعادة توطينهم في بلد ثالث" وأن "الحل المفضل للاجئين هو العودة الى بلادهم، عندما تسمح الظروف بذلك". وأعلن أن الأمم المتحدة "ستدعم عودتهم الى سوريا وإعادة دمجهم في بلدهم الأصلي. وفي غضون ذلك، تتكفل المفوضية السامية للأمم المتحدة للاجئين خيارات إعادة توطين اللاجئين الأكثر ضعفاً خارج لبنان، وتعمل على مسارات أخرى من أجل السماح للاجئين السوريين بالذهاب الى بلدان ثالثة".
وسئل هل الأمين العام مستعد لتعديل اللغة الواردة في تقريره، فأجاب بأن "الواضح هو أن أحداً في الأمم المتحدة، وخصوصاً الأمين العام، لا يدعو لبنان الى امتصاص اللاجئين السوريين أو اعطائهم الجنسية"، مع العلم أن "لبنان يستضيف هؤلاء بحس هائل من التكافل وبتكاليف باهظة على البلاد، أكان مالياً أو اجتماعياً أو بنيوياً أو سياسياً"، مضيفاً أن "الرسالة هي ان على المجتمع الدولي واجب القيام بالمزيد من أجل دعم لبنان". وشرح أن "الفكرة هي أن هناك خيارين، أما أن يذهب اللاجئون الى بلدهم عندما تسمح الظروف، وهذه غير متوافرة، وإما إعادة توطينهم في بلدان ثالثة". وكرر أن "أحداً لا يجادل في أن لبنان يتحمل مسؤولية لا دولة أخرى تتحملها من حيث عدد بعدد اللاجئين".
ورداً على سؤال آخر، قال إن "التقرير كتب برؤية عالمية. ومن المفهوم أن تنظر البلدان الى التقرير من منظورها المحلي. ما نقوله هو أن أنظروا الى التقرير من منظور عالمي". وأفاد أن الأمم المتحدة على تواصل مع الحكومة اللبنانية في هذا الشأن.
وعلمت "النهار" ان ممثلة الامين العام للامم المتحدة في لبنان سيغريد كاغ ستزور اليوم وزير الخارجية جبران باسيل ثم رئيس الوزراء تمام سلام وستدلي بتصريح عما أثير في شأن منح اللاجئين الجنسية.
وقالت مصادر نيابية مواكبة لهذ الموضوع لـ"النهار" إن التقرير الذي جرى الحديث عنه وزع في 21 نيسان الماضي وهو موجه الى الجمعية العمومية للامم المتحدة تحضيراً للاجتماع الدولي في 19 أيلول، ويتعلق بقضية تشمل ربع مليار لاجئ من أنحاء العالم. ولفتت الى ان المادة 86 من التقرير غير الملزم تتضمن عبارة "(...) ينبغي ان تمنح الدول المستقبلة للاجئين وضعاً قانونياً وأن تدرس أين ومتى وكيف تتيح لهم الفرصة ليصبحوا مواطنين بالتجنّس"، مما أثار الريبة في لبنان، الأمر الذي أوضحته الامم المتحدة أمس وستوضحه أكثر اليوم.

اللجان
على صعيد آخر، قررت اللجان النيابية المشتركة في جلستها الثالثة التي عقدتها أمس لمناقشة قانون الانتخاب حصر النقاش بالنظام الانتخابي المختلط وستشرع في درس هذا النظام في جلستها المقبلة في 26 أيار. ولم تتجاوز الجلسة أمس حدود تسجيل المواقف المعروفة للكتل النيابية وسط حملة حادة على قانون 1960.

 

الحريري
وكانت للرئيس سعد الحريري كلمة مساء أمس في مجمع "بيال" خلال العشاء السنوي لمنتدى بيروت السادس للفرانشايز (بيفكس 2016) والذي أقيم في بيروت، في الذكرى العاشرة لتأسيس الجمعية اللبنانية لتراخيص الامتياز، أكد فيها ان "الاستثمار في لبنان لا بد ان يُنظر إليه على انه استثمار طويل المدى، ويوضع في إطار الفرص الواعدة التي سوف تنشأ حكماً عند انتخاب رئيسٍ للجمهورية وعودة الانتظام إلى عمل المؤسسات الدستورية. وهذه مناسبة لأؤكد أمامكم أهمية انتخاب الرئيس ووضع حدٍ للفراغ ". وقال: "أتعهد أمامكم أني سأبقى متمسكاً بنموذج العيش المشترك والوحدة الوطنية والمناصفة والاقتصاد الحر القائم على شركة تكامل بين القطاعين الخاص والعام، وسأبقى متمسكاً بخط الاعتدال والانفتاح ومشروع بناء الدولة المدنية الحديثة، وبالحريات الفردية والدينية والسياسية والفكرية، ليبقى لبنان رسالة ونموذجاً لكل النجاحات الإنسانية والسياسية والاقتصادية في المنطقة والعالم "لو شو ما صار".

مأدبة عسيري
الى ذلك، يقيم السفير السعودي في لبنان علي عواض عسيري مساء اليوم في دارته مأدبة عشاء جامعة تضم أكثر من 150 شخصية في أطار التأكيد "ان المملكة تقف على مسافة واحدة من كل الاطراف في لبنان ممن يكنون لها الود". ومن المدعوين الرئيس سلام والرئيس الحريري والاقطاب الموارنة الاربعة: الرئيس أمين الجميل والعماد ميشال عون والنائب سليمان فرنجية والدكتور سمير جعجع، الى رؤساء الحكومة السابقين وعدد من الوزراء والنواب وقائد الجيش العماد جان قهوجي وعدد من الشخصيات الشيعية وعدد من رؤساء البعثات الديبلوماسية.