مؤشرات كثيرة تفيد بأن مطلع الأسبوع المقبل قد يحمل انفراجاً في ملف تطبيق القانون الأميركي ضدّ حزب الله. فما رشح عن لقاء هيئة مكتب جمعية المصارف مع الوزير حسين الحاج حسن والنائب علي فياض والنائب السابق أمين شري، أمس، يُظهر أن المصارف قرّرت أن تكون متعاونة مع الآلية التي يقترحها حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، لجهة إبلاغ هيئة التحقيق الخاصة قبل إغلاق أي حساب أو تجميده.

«بعض المصارف كانت تبدي نوعاً من التعاون، فيما بعضها الآخر كان يلجأ إلى التوسّع والتعسّف في تطبيق القانون الأسود». هذه العبارة كانت حاضرة في اللقاء الذي امتد لنحو ساعتين، وجاء بناءً على طلب فياض، خلافاً لما أُشيع أول من أمس عن أن الجمعية طلبت الاجتماع بالحزب. وانتهى اللقاء بخلاصة مفادها «أن المصارف مستعدة للتعاون».
شهدت الجلسة نقاشات حادّة ثم هادئة، لكن المصارف كانت أقل حدّة من اجتماعها مع وزير المال علي حسن خليل أول من أمس، وبدت أكثر مرونة، خصوصاً لناحية التعاطي مع الآلية التي اقترحها سلامة في بيانه أول من أمس لمعالجة الأزمة. وتنص الآلية على أن على المصارف الامتناع عن إغلاق أو تجميد أي حساب، إلا بعد عرض الأمر على هيئة التحقيق الخاصة التي لها أن تجيب خلال 30 يوماً.
حملة إغلاق الحسابات أو الطلب إلى الزبائن إغلاق حساباتهم أو تجميدها، التي شنتها بعض المصارف خلال الشهور الماضية، بينت أن هناك مصارف متواطئة في استهداف بيئة الحزب مباشرة. ولدى حزب الله شكوك حول مصرفين بارزين، على الأقل، طلبا من المؤسسات التعليمية والنواب والمستشفيات وغيرها من المؤسسات الاجتماعية إغلاق حساباتها. وما يعزّز هذا الاحتمال، عدم لجوء مصارف أخرى إلى التوسّع والاجتهاد في تفسير القانون الأميركي.


سلامة لا يريد
صداماً مع الحزب،
لكنه يريد
آلية تتيح تطبيق القانون الأميركي

 


على أي حال، ينتظر الجميع عودة حاكم مصرف لبنان من زيارته الأوروبية السبت المقبل، وهو سيعكف مباشرة على إنهاء هذا الملف الذي كاد يسبّب أزمة كبيرة. أحد المصرفيين غمز من قناة هذه الأزمة، مشيراً إلى أن «الشيعة يمثّلون ثلث الثقل المالي لدى المصارف، وبالتالي فإن المصارف لن تذهب في اتجاه استعدائهم».
وفي المقابل، قالت مصادر قريبة من سلامة إن سلوك المصارف جعل مصرف لبنان بين نارين: «الخلاف مع حزب الله من جهة، وتطبيق القانون من جهة ثانية». إذ إن الحاكم قدّم وعوداً بمنع المصارف من التوسّع والعشوائية في تطبيق القانون لأنه لا يريد الدخول في مواجهة مع الحزب. وهو يسعى إلى توفير الحل بالتعاون مع الرئيس نبيه برّي، «والهاتف بينهما لم يغلق قطّ، قبل صدور البيان الباريسي للحاكم».
مصادر قريبة من بري توضح أن «الذين يقدّرون أو يسعون إلى التمييز بين موقف حزب الله وموقف حركة أمل في مسألة القانون الأميركي مخطئون». وكان برّي قد أثار موضوع القانون مع القائم بالأعمال الأميركي في لبنان ريتشارد جونز الذي أكد أن حسابات النواب وتوطين الرواتب وسواها من الحسابات العادية التي لم تطرأ عليها تطورات ملحوظة لا تدخل ضمن القانون الأميركي. كلام مماثل سمعه سلامة من جونز الذي قال لبري إن سلامة علا صوته أثناء الحديث، إلا أن هذا لا يلغي أن موقف وزارة الخارجية الأميركية سياسي، فيما موقف وزارة الخزانة الأميركية تقني، وأن القرار الاستراتيجي لا يعود إلى جهة وحدها، بل يعود إلى مجموعة مؤلفة من الوزارات والإدارات، وحصل سابقاً أن اجتمعت هذه الإدارات حين اتخذت قراراً بتسمية البنك اللبناني الكندي.
هذه التطورات تعيد المسألة إلى المربع الأول الذي تلا صدور اقتراح سلامة في بيانه أول من أمس: هل يكفي هذا البيان لمعالجة الأزمة وكفّ يد المصارف عن الممارسات المدمّرة والإلغائية؟ يقول المصدر القريب من سلامة إن التعميم قادر على معالجة الإشكال الذي حصل، إذ أصبح مصرف لبنان في موقع منع المصارف من الإجراءات التعسفية، لكنه في الوقت ذاته يحمّل مصرف لبنان مسؤولية أكبر من تلك الملقاة على عاتقه، وخصوصاً أن المصارف تحقق أرباحها فقط لأنها تتحمل مسؤولية إدارة المخاطر، أما التعميم فهو يحمّل مصرف لبنان المسؤولية.