بعدما أحكم «حزب الله» لفّ حبال التعطيل حول رأس الجمهورية فارضاً واقعاً من الشلل الخانق على مختلف مفاصل الدولة الحيوية والمؤسساتية، بات البلد محكوماً بالتفكير بأي طريقة تتيح انتشاله من هذا الوضع القاتل والبحث عن أي كوة ممكنة في جدار التعطيل، ومن هنا كان طرح رئيس المجلس النيابي نبيه بري تقصيراً مشروطاً لولاية المجلس بتقديم كافة الأفرقاء تعهداً خطياً بتأمين النصاب اللازم لانتخاب الرئيس في جلسة تُعقد لهذه الغاية فور انتهاء الانتخابات النيابية المبكّرة. وعقب التداول إعلامياً بموقف مغلوط يُنسب لرئيس كتلة «المستقبل» الرئيس فؤاد السنيورة الإعراب على طاولة الحوار عن رفض هذا الطرح، أكد السنيورة لـ«المستقبل» مساءً أنّ الكتلة لم تتخذ بعد أي موقف إزاء مبادرة بري «لا سلباً ولا إيجاباً»، موضحاً أنه اكتفى على طاولة الحوار بإظهار المخاطر المتعلقة بتقديم أولوية الانتخابات النيابية على الرئاسية، أما موضوع المبادرة بحد ذاته فهو يحتاج إلى النقاش والتباحث داخل التيار والكتلة قبل تحديد الموقف النهائي منه.

وكان بري قد طرح على المتحاورين أمس مبادرته الهادفة إلى إبرام توافق وطني حول القانون الجديد للانتخابات النيابية وفي حال تعذر ذلك يُصار إلى إجراء انتخابات نيابية مبكّرة وفق قانون «الستين» من ضمن اتفاق أشمل يقضي بانتخاب فوري للرئيس بعد إجراء الانتخابات النيابية يليه تشكيل حكومة جديدة بشكل يعيد الانتظام إلى الهرمية المؤسساتية للدولة، تاركاً في ضوء طرح هذه المبادرة المجال أمام مختلف الأفرقاء حتى جلسة الحوار المقبلة في 21 حزيران المقبل لإجراء مشاورات سياسية داخلية وبينية بشأن تفاصيلها.

وفي التعليقات الأولية على المبادرة، برزت إشارة رئيس حزب «الكتائب اللبنانية» النائب سامي الجميل على طاولة الحوار إلى عدم التزام «حزب الله» بالاتفاقات الوطنية السابقة، مذكراً وفق ما نقلت مصادر المتحاورين لـ«المستقبل» بنقض «حزب الله» توقيعه الخطي على «إعلان بعبدا»، ومقترحاً في المقابل عقد خلوة بين المتحاورين تستمر لأيام بهدف التوصل إلى توافق سياسي مضمون ينهي الأزمة الرئاسية وإلا فليتم وقف الحوار لأنه لا يستطيع أن يبقى يدور في حلقة مفرغة من دون سقف زمني وبلا تحقيق نتائج.

وإذ عبّر الوزير بطرس حرب عن اعتراضه على إجراء الانتخابات النيابية قبل الرئاسية لكي لا تُفسر مبادرة بري على أنها تأتي كجائزة ترضية للمعطلين تكافئهم على التعطيل وتمنحهم الحق في ممارسته، لفت الانتباه تشديد رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد أمام المتحاورين في معرض تشخيصه الأزمة الرئاسية على كون «القصة كلها في الخارج وليس في لبنان«، في حين بدا مفصلياً السؤال الذي وجهه رئيس «تيار المردة« النائب سليمان فرنجية إلى كل من «حزب الله» و«التيار الوطني الحر» عما إذا كانا يقبلان بإجراء الانتخابات النيابية وفق قانون «الستين» فأجابه رعد بالإيجاب مؤكداً موافقة «حزب الله» على الأمر، فما كان من فرنجية إلا أن أبدى استغرابه لانتقاده سابقاً من قبل هذا الفريق نفسه حين جاهر بوجوب إجراء الانتخابات وفق قانون «الستين» النافذ في حال لم يتم الاتفاق على قانون انتخابي جديد.

وبينما آثر وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل عدم الخوض في مناقشة مبادرة بري، مكتفياً بإثارة الهواجس من توطين السوريين بالاستناد إلى كلام الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون حول ضرورة تجنيسهم في دول لجوئهم، علّق السنيورة على الموضوع مؤكداً عدم قدرة أي جهة على إجبار لبنان على اتخاذ أي خطوة طالما أنّ أبناءه بمجملهم مجمعون على رفضها وشدد على أنّ ذلك ينسحب حكماً على مسألة رفض التوطين التي تُعتبر من المسائل القليلة جداً التي تحظى بإجماع اللبنانيين.