كادت الوضعية الإقليمية والدولية للبنان تتقدّم على ما عداها، حتى أن الانتخابات البلدية في مرحلتها الثالثة بعد أربعة أيام، أوشكت أن تكون انتهت قبل أن تبدأ، وإن بدا النائب ميشال عون يحشد في جزّين، حيث لا معالم معركة، بعدما أعلنت «القوات اللبنانية» أنها جزء من لائحة نحنا لجزين» والتي تضمها إلى التيار العوني والكتائب والعائلات، وما يزال حزب الله على دعمه لحليفه العوني، في حين رفض الرئيس نبيه برّي أن يكون جزءاً من إشتباك جزّين، تاركاً الحرية لمؤيديه من مسلمين ومسيحيين، حتى إذا ما جاءت النتائج لصالح تحالفاته كان يعني انتصاراً جديداً يتجاوز جونية وزحلة، وإن قال النائب عون ليل أمس أنه «ليس بحاجة لانتخابات بلدية لإثبات أنه الأقوى مسيحياً».
وتمضي الاستعدادات، وسط ورشة توسعة للشوارع وإعادة ترصيفها في مدينة صيدا من قبل البلدية الحالية، حيث أعلنت النائب بهية الحريري أن صيدا الأحد على موعد مع تجديد الثقة لمحمد السعودي على رأس لائحة «إنماء صيدا» التي اختارت شعاراً لمعركتها: «صيدا إلى الأمام»، فيما ينشط مناصرو «لائحة الناس» المدعومة من النائب السابق أسامة سعد لعرض برنامجهم على أبناء المدينة.
وفي النبطية، إنسحابات بالجملة، حيث سجل انسحاب 187 مرشحاً من أصل 1141 ليستقر العدد على 994 مرشحاً بلدياً بينهم 26 إمرأة، وسط خلافات عائلية وتنظيمية وتمردات تبذل جهود فوق العادة لاحتوائها، سواء في البلدات الساحلية الكبرى أو قرى القضاء، وصولاً إلى قضائي مرجعيون وبنت جبيل.
العقوبات الأميركية
ولا يمكن النظر إلى الانتخابات البلدية في الجنوب وهي المحطة الشيعية الثالثة بعد البقاع والضاحية الجنوبية، بمعزل عن المواجهة الحاصلة بين مصرف لبنان ومعه جمعية المصارف و«حزب الله» التي تتولى بالنيابة عنه كتلة «الوفاء للمقاومة» الضغط على الحاكم رياض سلامة لتعليق أو إلغاء التعاميم التي أصدرها إلى المصارف للإلتزام بروحية القانون الصادر عن الكونغرس الأميركي في ما خصّ العقوبات على حزب الله وقيادته وكياناته الإعلامية والإقتصادية والإجتماعية، من دون استبعاد أن تلحق هذه الإجراءات بالبلديات الشيعية أو بما يصفه حزب الله «شرائح واسعة من اللبنانيين»، متهماً «البعض من اللبنانيين بأنه متأمرك أكثر من الأميركيين»، على حدّ تعبير عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب حسن فضل الله الذي رأى أن «التعاميم التي تصدر باسم حاكمية مصرف لبنان تتلاقى مع تعاميم وقرارات أميركية، وأن هناك من يحاول أن يفرض أكثر مما يريده الأميركيون».
ومن غير المستبعد أن يتطرّق الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصر الله بعد غد الجمعة في خطابه التأبيني لمصطفى بدر الدين، إلى الانتخابات البلدية وإجراءات المصارف، على الرغم من أن المناسبة قد لا تتّسع لمثل هذه المواضيع الملحّة.
لقاء هولاند - الحريري
وحضر الوضع اللبناني بكل تعقيداته، «من الوضع الاقتصادي والاجتماعي الذي وصل إلى مراحل خطرة للغاية»، على حدّ تعبير الرئيس سعد الحريري، إلى الانتخابات البلدية باعتبارها تفتح الباب أمام انتخاب رئيس للجمهورية ومجلس نيابي جديد، وصولاً إلى الجهود الدولية المبذولة لوقف النار في سوريا والعودة إلى طاولة المفاوضات لإنهاء الحرب المستمرة منذ ما يزيد عن الأربع سنوات، على مدى ساعة كاملة في قصر الإليزيه، على طاولة اللقاء بين الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند والرئيس الحريري الذي حظي باستقبال استثنائي من قبل الرئيس الفرنسي الذي استقبله على مدخل القصر وصافحه بحرارة.
وقال مصدر مقرّب لـ«اللواء» أن المحادثات اتسمت «بالجدّية والإنتاجية»، وأن الرئيس الحريري لمس حرصاً فرنسياً ثابتاً لإنهاء الشغور الرئاسي، ومساعدة لبنان على الخروج من الأزمة التي تعصف به، سواء على خلفية استمرار الشغور في منصب رئيس الدولة، أو التداعيات السورية الضاغطة على لبنان ديموغرافياً ومالياً واقتصادياً.
وكشف الرئيس الحريري بعد اللقاء أن موضوع الفراغ الرئاسي سببه حزب الله والعماد عون، واللبنانيون يدفعون الثمن، والحل لوقف التدهور الحاصل في المؤسسات هو إنهاء الفراغ، معلناً أن لا مانع لديه من لقاء العماد عون، لكن يجب أن يُحدّد هدف اللقاء أولاً، لأنه لدينا مرشّح رئاسي وهو النائب سليمان فرنجية، ودعا حلفاء عون في 8 آذار للتباحث في ما بينهم للتوصل إلى حل والتحدث معه وليس أن يتحدثوا مع الحريري لإقناعه بهذا الحل.
وفي ما خصّ اللاجئين السوريين قال الحريري أن «الحل الأساسي لهذا الموضوع هو عودة اللاجئين إلى ديارهم ضمن حل سياسي بأسرع وقت».
رسالة كيري إلى سلام
وفي إطار متصل، تميّز يوم رئيس الحكومة تمام سلام أمس، بأنه ديبلوماسي بامتياز، فمن جهة تلقى دعوة للمشاركة في القمة العربية التي ستعقد في نواكشوط في 25 و26 تموز، ومن جهة ثانية تسلّم رسالة من وزير الخارجية الأميركي جون كيري نقلها إليه القائم بأعمال السفارة داني هول تتعلق بأوضاع النازحين السوريين، وتعبّر وفقاً للديبلوماسي الأميركي عن التزام الولايات المتحدة بمساعدة لبنان على التعامل مع وجود أكثر من مليون نازح سوري، كاشفاً بأن الولايات المتحدة قدّمت أكثر من 133 مليون دولار في مؤتمر لندن كمساعدات إنسانية طارئة للنازحين السوريين والمجتمعات التي تستضيفهم، وأكد أن واشنطن تتطلع إلى الوقوف على التزاماتها خلال القمة العالمية الإنسانية المرتقب انعقادها في اسطنبول في 23 و24 أيار الحالي.
تداعيات الإجراءات المالية
في خضم هذه الضغوطات، تفاعلت تداعيات القانون الأميركي، في الوقت الذي يسعى فيه الرئيس تمام سلام من تهدئة المخاوف واحتواء المشكلة المندلعة بين المصرف المركزي و«حزب الله».
وانفاذاً لقرار مجلس الوزراء التقى وزير المال علي حسن خليل وفداً من جمعية المصارف برئاسة جوزف طربيه تطرق إلى الاتصالات المتاحة للخروج من هذا المأزق، عشية عودة مجلس الوزراء إلی الإنعقاد غدا الخميس، حيث سيحضر هذا الملف على جدول الأعمال، ومن دون استبعاد أن يكون على طاولة الحوار الوطني اليوم.
وفي جملة النقاط التي جرت مناقشتها في اللقاء والتي أشار إلى بعضها طربيه:
1- أن المصارف اللبنانية تعمل تحت سقف القانون، وتحت سلطة الدولة اللبنانية والقوانين الصادرة عن المجلس النيابي.
2- ومع ان المصارف تطبق القوانين اللبنانية، لكنها تعمل ضمن إطار قوانين عالمية تطبق على كل المصارف في العالم بما في ذلك مصارفنا العاملة في 33 بلداً.
3- اعتبر طربيه ان المخرج هو التطبيق الواعي للقانون، وأن المصارف ليست جزءاً من العقوبات التي يفرضها القانون الأميركي على «حزب الله»، معتبراً ان تطبيق العقوبات في لبنان هو جزء من ضريبة الامتثال التي يجب أن يتعامل معها القطاع المصرفي، لذا يتعين أن يحدث تفاهم بين المصارف والحكومة ومصرف لبنان، كاشفاً أن تعميم مصرف لبنان لم نبدأ تطبيقه بعد.
بدوره، خرج حاكم مصرف لبنان عن صمته وأصدر بياناً أوضح فيه الآتي:
1 - القانون الصادر في الولايات المتحدة هو قانون أميركي مطلوب تطبيقه عالمياً، في لبنان، وبالتالي فان التعميم رقم 137 تاريخ 3 أيار 2016 الصادر عن المصرف المركزي كان واجباً قانونياً لبنانياً.
2 - لم يكن من الممكن تأمين الاستقرار التسليفي إذا لم يطبق هذا القانون الأميركي، وبالتالي فالتعميم من شأنه أن يريح المصارف المراسلة ويؤكد ملاءمة العمل المصرفي في لبنان عما هو مطلوب دولياً، وهذا ما من شأنه أيضاً أن يسمح بحركة الأموال الوافدة من المغتربين وغير المقيمين.
3 - أما في ما خص كيفية تنفيذ هذا التعميم سواء في ما خص حركة الرقابة بين المصارف وهيئة الرقابة في مصرف لبنان، لا سيما في ما خص الحسابات الدائنة والمدينة التي تحميها السرية المصرفية، واستثناء الحسابات العائدة إلى أشخاص أو مؤسسات مدرجة على اللائحة السوداء لـOFAC (مكتب مراقبة الاصول في الخزانة الأميركية)، فانه يتعين على المصارف اتباع الآلية التالية:
أ - على المصارف التي تريد اقفال حسابات أشخاص أن تبرر خطوتها بكتاب ترفعه إلى المصرف المركزي.
ب - تنظر هيئة التحقيق بالطلب ولا يقفل المصرف الحساب قبل أن يأتيه الرد أو بعد مرور 30 يوماً، علماً أن الخلافات يمكن ان تطرح على الهيئة المصرفية العليا باعتبار أن قراراتها غير قابلة للمراجعة من الناحية القانونية، وان تعميماً تطبيقياً اضافياً سيصدر لهذه الغاية.
ونفى مصدر مصرفي أن يكون لدى الحاكم أية نية للاستقالة، وأن هذا الموضوع غير مدرج على جدول الأعمال.
وهذا الموضوع شكل بنداً سجالياً جديداً بين «حزب الله» وكتلة «المستقبل» التي استنكرت ما صدر عن كتلة الوفاء للمقاومة الذي طالب المصارف اللبنانية بعدم الالتزام بالقانون الأميركي، معتبرة أن «حزب الله» بموقفه هذا يعرّض الأمن الاقتصادي والمالي ومدخرات اللبنانيين والنظام المصرفي للخطر الشديد، معربة عن دعمها لإجراءات مصرف لبنان على هذا الصعيد.
بيئياً، اليوم 18 أيار الموعد النهائي لإقفال مطمر الناعمة، من دون اتخاذ الإجراءات الكفيلة التي تحول دون تكديس النفايات في الشوارع..
وهذا الموضوع سيكون على جدول أعمال مجلس الوزراء غداً.
اللواء : الحريري في الأليزيه: دعوة حلفاء عون لإقناعه بحل مشكلة الرئاسة
اللواء : الحريري في الأليزيه: دعوة حلفاء عون لإقناعه بحل...لبنان الجديد
NewLebanon
|
عدد القراء:
485
مقالات ذات صلة
الجمهورية : السلطة تحاول التقاط أنفاسها... والموازنة تفقدها...
الاخبار : السفير الروسي: الأميركيّون يهيّئون لفوضى في...
اللواء : باسيل يتوعَّد السياسيِّين.. ورعد...
الجمهورية : مجلس الوزراء للموازنة اليوم وللتعيينات غداً.....
الاخبار : الحريري بدأ جولة...
اللواء : هل يستجيب عون لطلب تأجيل جلسة المادة...
ارسل تعليقك على هذا المقال
إن المقال يعبر عن رأي كاتبه وليس بـالضرورة سياسة الموقع
© 2018 All Rights Reserved |
Powered & Designed By Asmar Pro