نتائج الانتخابات تكشف ضعف تحالف الاحزاب , والمصارف اللبنانية مستمرة بإجراءاته المالية ضد حزب الله

 

السفير :

كل قراءات الأحزاب المسيحية للانتخابات البلدية في جبل لبنان تتقاطع عند نقطة واحدة: حققنا انتصارات بالجملة والمفرّق في الجبل.
حرام هذا الجبل، إذ إنه يكاد يصبح جمهورية قائمة بذاتها، اذا تم اعتماد عداد الأحزاب للقرى والبلدات التي حققت «انتصارات» فيها، وهي تفيض عن الجبل وكل لبنان!
وحرام هذا الجبل عندما يتبين أن تضاريس ساحله الممتد من الرميلة جنوبا حتى فغال شمالا، أصعب بكثير من بعض المرتفعات والجرود. تضاريس الأحزاب والعائلات السياسية والزعامة المارونية ورئاسة الجمهورية.
فجأة تختفي الشعارات الكبرى و «الحقوق» وتحل محلها حسابات الزواريب والعائلات والأجباب.. وبلوغ السلطة بكل مستوياتها.
كان يمكن لانتخابات بلدية أن تكتسب طابعاً محلياً بحتاً لولا أنها تحصل في سياق أزمة رئاسية مفتوحة على فراغ سيكمل عامه الثاني بعد أسبوع، ولا شيء يشي باختراق جدي، برغم المحاولات الفرنسية المتكررة، في اتجاهات إقليمية ودولية لإيجاد مخرج دستوري وسياسي.
في هذا السياق تحديدا، يستقبل رئيس فرنسا فرنسوا هولاند، اليوم، في قصر الأليزيه، رئيس الحكومة الأسبق سعد الحريري، في موعد تقرر مباشرة بعد زيارة بطريرك الموارنة بشارة الراعي للعاصمة الفرنسية، وما تخللها من مباحثات تطرقت الى رزمة الأفكار اللبنانية التي يتداولها الفرنسيون في هذه الأيام، وأبرزها إمكان التوافق على رئيس للجمهورية لمرحلة انتقالية، والمقصود هنا تحديداً العماد ميشال عون، بعدما باتت الأبواب موصدة حاليا أمام إمكان تسويق سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية.
ومن الواضح أن ثمة من يحاول بلورة هذا المخرج أو غيره، كالرئيس نبيه بري الذي لم يأت كلامه الأخير عن تقصير ولاية المجلس النيابي وإجراء انتخابات نيابية مبكرة، من الفراغ، بل بدا متناغماً الى حد كبير مع طروحات كنسية لبنانية ورسمية فرنسية، لكن رئيس المجلس النيابي كان واضحا بقوله لمن سألوه عن جدية اقتراحه بأنه يريد ضمانة أن يلتزم الجميع بتأمين النصاب لجلسة انتخاب رئيس الجمهورية فور إنجاز الاستحقاق النيابي.
يعني ذلك في مكان ما أن بري صار متيقناً من صعوبة تمرير صفقة انتخاب فرنجية، وهو لا يريد أن يتحمل بعد سنة وزر أي محاولة للتمديد النيابي اذا استمر الواقع الحالي، خصوصا أنه لا شيء يشي بإمكان التوصل الى مخرج لا لرئاسة الجمهورية ولا للقانون الانتخابي، مع ميل واضح لتكريس قانون الستين كأمر واقع، ولو أن رئيس المجلس تلمّس للمرة الأولى، مؤخرا، «نقزة» واضحة من «تيار المستقبل» إزاء «الستين» واستعداداً جدياً للبحث بقانون انتخابي آخر (اقتراح بري معدلا)، خصوصا في ضوء استعداد كل من معراب والرابية للقبول بقانون الستين، استنادا الى دراسات أظهرت أنه يمكن أن يؤمن لهما كتلة نيابية لا تقل عن 42 نائبا.
وبينما يحاول بري جس نبض القوى السياسية إزاء فكرة تقصير ولاية المجلس، كان لافتا للانتباه، عشية لقاء الأليزيه بين الحريري وهولاند، مبادرة السفير الفرنسي في لبنان ايمانويل بون الى الإعلان عن أن وزير خارجية بلاده جان مارك ايرولت سيناقش في زيارته المرتقبة لبيروت في 27 الجاري، «مع كل الأحزاب والسلطات اللبنانية موضوع التحضير لمؤتمر دولي يساعد على حل الأزمتين الدستورية والسياسية» في لبنان.
الى جونيه مجدداً..
هل يمكن فصل الطابع السياسي الذي اتخذته الانتخابات البلدية الحالية، عن هذا «المسار الدولي»؟
رب قائل إن مجرد طرح سؤال كهذا يأخذ الانتخابات المحلية الى مطارح دولية لا تحتملها. بالنسبة الى العماد ميشال عون، لم يكن استحقاق انتخابات جونية، وقبله زحلة ولو بدرجة أقل، بعيدا عن مناخات دولية معينة. الرجل مقتنع بأن مبادرة المتمول جيلبير شاغوري الى شحن ملايين الدولارات الى عاصمة الموارنة، بتشجيع سياسي واضح من سليمان فرنجية، كان الهدف منها دفنه سياسياً وقطع الطريق على أية فرصة خارجية أو محلية لوصوله الى رئاسة الجمهورية، ولذلك، قرر التشمير عن ساعديه والنزول الى جونية، عشية المعركة الانتخابية.
الأخطر، لا بل ما لم ولن يفصح عنه «الجنرال» هو موقف «القوات» الحمّال لأوجه كثيرة. هم يضفون على الانتخابات طابعاً محلياً، فإذا ربحت «لائحة الكرامة» المدعومة من «التيار» ينسب «الانتصار» الى رئيسها جوان حبيش، أما اذا خسرت، فيكون الخاسر الأول هو ميشال عون.
وعندما أطل سمير جعجع فور انتهاء العملية الانتخابية، كان يتحدث بلغة الواثق من فوز «لائحة التجدد» المدعومة منه، ومن العائلات السياسية الكسروانية التقليدية (أفرام والبون والخازن)، ونزع عنها أي طابع سياسي وأي صلة بتبنيه لـ «الجنرال» لرئاسة الجمهورية، وهو خيار «لن تهزه لا بلدية جونية ولا غيرها»، وأكمل ـ وهذه النقطة الأهم التي التقطتها الرابية ـ «لست مع التلاعب بالمهل من جديد (تقصير ولاية المجلس النيابي)، وأنا مع إجراء الانتخابات النيابية في وقتها (ايار 2017)، ومع إجراء الانتخابات الرئاسية أولاً».
هو «الشيك» ذاته، وطبعا بلا أي رصيد، «يصرفه» جعجع يوميا ويحمّل «حزب الله» مسؤولية عدم اكتمال النصاب الدستوري، وعندما يأتي موعد أول «اختبار ميداني» لـ «تفاهم معراب»، يحاول كل طرف شدّه صوبه.. وصولا الى إثارة مخزون «الحساسيات التاريخية القديمة» («حرب الإلغاء») كما حصل في انتخابات الحدت في قضاء بعبدا، المعقل التاريخي للعونيين، لكأن المطلوب سقوط مزدوج لـ «الجنرال» في عرينه الكسرواني وعند عتبة «قصر الشعب» في بعبدا.. على يد «القوات»!
واذا كانت الإدارة العونية في هاتين المعركتين وأيضا في معركة دير القمر، قد أعطت نتائج «يبنى عليها سياسيا.. في المستقبل»، فإن «الجنرال» يواجه مهمة مزدوجة في المرحلة المقبلة، الأولى تتمثل في تشخيص أسباب الفشل الذريع في إدارة «التيار» لمعظم المعارك البلدية في الجبل وخصوصا في المتن، والثانية، الذهاب الى مصارحة قيادية قريبة مع «القوات» لإعادة ترميم «تفاهم معراب»، في ضوء استمرار حاجة الطرفين اليه، فضلا عن مردوده الإيجابي على الجمهور المسيحي وصولا الى طرح الأسئلة المحرجة على الحليف المستجد (هل يعقل أن تخاض بينهما «حروب إلغاء» جديدة؟).
وثمة مهمة عاجلة تقتضي إجراء مصارحة سياسية مع الحلفاء، وخصوصا سليمان فرنجية الذي فعل تدخله في انتخابات جونية مفعولاً عكسياً (نظرية «الغْريب»)، برغم استناده الى مدرسة «المال الانتخابي» والى عائلات متجذرة في كسروان منذ ما قبل زمن الاستقلال.. والى «القوات»، وهذه من مفارقات الانتخابات.
ومثلما لا يمكن للمزاج الزغرتاوي أن يقبل بهزيمة سليمان فرنجية في بلدته، فإن كسروان أعطت «درساً» جديداً برفضها محاولات كسر «الجنرال» وترحيله مجدداً خارج معقل الزعامة المارونية، وهذه المرة ليس عبر السفارة الفرنسية، بل عبر مرفأ جونية!

النهار :

لم يكن غريباً أن تصطدم غالبية القراءات المتسرعة لنتائج الانتخابات البلدية والاختيارية في جبل لبنان، والتي أجريت على وقع انفعالات الفجر، مع نتائج غير رسمية لماكينات حزبية بوقائع معظمها مغاير لدى بدء انكشاف المشهد الحقيقي لجولة الجبل. وبذلك بدا مثيرا للاهتمام ان ترسم هذه الانتخابات التي عرفت تسييساً مفرطاً اتخذت معه المرحلة الثانية طابع عرض عضلات سياسية شامل أقرب ما يكون الى قياس استباقي للقوة الانتخابية والتجييرية للقوى والاحزاب المنخرطة فيها، معالم سباق محموم ارتبط في الكثير من حقائقه بآفاق الانتخابات الرئاسية من جهة والانتخابات النيابية المقبلة من جهة أخرى.
واذا كانت معركة جونية لم تتوقف عن اطلاق المفاجآت حتى الساعات الاولى من قبل ظهر أمس مبينة خرقاً رباعياً للائحة الفائزة بفوارق ضيقة جداً لا بل مذهلة في الاصوات بين اللائحتين المتنافستين بما شكل توازن قوى في "جونية مختلفة" لكل افرقاء النفوذ والتنافس، فان حقائق أخرى في اقضية أخرى لم تقل عنها أهمية وتأثيراً في استكمال مشهد الصدمات. مع انه يمكن القول إن غالبية القوى الحزبية والسياسية ذات النفوذ التقليدي في أقضية الجبل تخرج راسمة "شارات النصر" لكونها جمعت ارصدة مرموقة من المجالس البلدية والاختيارية بفعل تحول الاستحقاق البلدي استفتاء من الطراز الاول للقوة الشعبية.

المتن
في هذا السياق لم تكن مفارقة عابرة ان يعيد نائب رئيس الوزراء السابق النائب ميشال المر اثبات كونه معادلة أولى ثابتة في المتن وبعض بعبدا وان تسفر الجولة البلدية عن حصاد كبير له في المتن الشمالي ناهز الـ41 مجلساً بلدياً من أصل 54، بالاضافة الى 64 مختاراً، علماً ان 21 بلدية فازت بالتزكية سلفاً كانت من هندسة المر. وبات في حكم المؤكد وسط هذه النتائج أن تعود رئاسة اتحاد بلديات المتن مرة أخرى الى رئيسة بلدية بتغرين السيدة ميرنا المر أبو شرف. وقد صاغ المر تحالفاته مع الكتائب في الكثير من البلدات والقرى كما مع قوى وأحزاب أخرى على نحو اضطلع بدور حاسم في هذا الحصاد، علماً أنه لا يمكن أيضاً تجاهل التقدم البارز الذي حققه حزب الكتائب في الكثير من البلدات.

 

جونية
أما في جونية التي نامت على فوز لائحة جوان حبيش المدعومة من "التيار الوطني الحر" والكتائب واستفاقت على خرق للائحة فؤاد البواري المدعومة من الثلاثي نعمة افرام ومنصور غانم البون وفريد هيكل الخازن ومعهم "القوات اللبنانية"، فإن الحسابات انقلبت ولو أن ذلك لا يقلل أهمية فوز لائحة وضع العماد ميشال عون ثقله شخصياً لانجاحها رافعاً التحدي الى مستوى التصويت على زعامته. لكن الأعضاء الأربعة الذين خرقوا لائحة حبيش وهم البواري وفادي فياض وسيلفيو شيحا ورودريغ فنيانوس رسموا بفوارق الاصوات الضئيلة مع منافسيهم معالم تبدل في واقع جونية طرحت معه أسئلة كثيرة من أبرزها: هل ما حصل يعد نصف فوز ونصف انكسار للفريق الفائز؟ ولماذا اختارت "القوات اللبنانية" الصمت حيال المعركة؟ ثم أين عوامل الخلخلة لدى اللائحة الخاسرة التي تراجعت قوتها التجييرية في معاقلها حارة صخر وغادير وصربا؟ وأي وقائع تقف وراء تلويح رئيس مؤسسة الانتشار الماروني نعمة افرام بالطعن في النتائج؟
من جونية انطلقت القراءة الاوسع لتفحص حال طرفي تفاهم معراب "التيار الوطني الحر" و"القوات اللبنانية" بعد هذه الجولة. لا شك في ان الحديث عن اهتزاز اصاب الثنائي في مدن وبلدات اساسية افتقدا فيها التحالف قد أصاب جانباً من الحقيقة. ومع ذلك فان ما حصده الثنائي في الكثير من بلدات كسروانية ومتنية وشوفية وأيضاً في قضاء جبيل لم يكن قليلاً. تبعاً لذلك، سيتعين على فريقي التفاهم مراجعة حساباتهما حيال القوى الأخرى التي تمكنت من أن تقف أمام دفع التفاهم وتسييله في أكثر من منطقة مسيحية أو مختلطة.

دير القمر
أما معركة دير القمر، فاكتسبت توهجاً في ظل تمكن رئيس حزب الوطنيين الاحرار دوري شمعون عبر اللائحة التي دعمها مع الكتائب والوزير السابق ناجي البستاني من خرق اللائحة الفائزة المدعومة من "القوات اللبنانية" و"التيار الوطني الحر" بستة أعضاء من أصل 18، علماً أن المواجهة أسقطت شقيق النائب جورج عدوان الذي كان من مرشحي اللائحة الفائزة. لكن شمعون كشف لـ"النهار" أن اتصالاً أجري بينه وبين رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع "وقلت لجعجع إن مشكلتي ليست مباشرة معكم وليست شخصية بل بسبب التحالف الذي حصل وفي النهاية تحصل المناكفات وتمر".

 

المستقبل :

ألقت نتائج معارك جبل لبنان الانتخابية بثقلها العائلي على الساحة المسيحية فارضةً إيقاعاً شعبياً مدوياً أطاح بنظريات التمثيل الحزبي الأكثري على الساحة المسيحية وأعاد التأكيد بأصوات المسيحيين أنّ الأكثرية الشعبية ليست للأحزاب ولا حكراً على تحالف معراب بين «التيار الوطني الحر» و«القوات اللبنانية» الذي عجز عن بسط سطوته الانتخابية والتمثيلية تحت وطأة الوجود الطاغي للعائلات والفاعليات المناطقية من جهة، والحضور الانتخابي والشعبي القوي والوازن لكل من النائب ميشال المر وحزب «الكتائب اللبنانية».
وإذا كانت جونية قد قالت كلمتها على مضض بمنحها فوزاً هزيلاً لم يُحتفل به للائحة «الكرامة» العونية خرقه أربعة أعضاء من لائحة «التجدد» المنافسة هم رئيسها فؤاد بواري ونائبه فادي فياض بالإضافة إلى سيلفيو شيحا ورودريغ فنيانوس، فإنّ نتيجة المعركة كانت تحتاج إلى مجرد 45 صوتاً ليتغيّر المشهد الانتخابي رأساً على عقب لصالح لائحة بواري كما أكد فياض أمس لموقع جريدة «المستقبل»، مستغرباً تحويل «التيار الوطني» المعركة من إنمائية إلى سياسية لدرجة دفعت النائب ميشال عون إلى إرسال نداءات استغاثة إلى الناخبين «للتصويت ضدنا كأننا غرباء عن المنطقة»، وذكّر فياض كيف ظهر إعلامياً دفع الأموال الانتخابية من قبل اللائحة العونية، مضيفاً بعد تحقيق خرق بأربعة مقاعد: «ندرس خيارنا إما المشاركة أو الطعن بالنتيجة، لكننا نتجه نحو طي صفحة الماضي«.
كذلك علّق عضو كتلة «الكتائب« النائب إيلي ماروني لـ«المستقبل» على ما أفرزته صناديق الاقتراع في جبل لبنان ولا سيما في ضوء بروز الحضور الانتخابي الوازن لتحالف المر - «الكتائب« في المتن وفوزه الصريح في معركة سن الفيل مقابل خسارة التحالف العوني القواتي، فقال: «ما حصل منطقي وطبيعي كون تحالف معراب ليس ناضجاً على الأرض إنما هو عبارة عن مجرد تحالف عناوين ويحتاج إلى المزيد من الوقت لكي تتمكن القواعد الشعبية من الاقتناع به، بينما تحالف «الكتائب» - المر راسخ وعمره سنوات في المتن وليس أمراً مستجداً».
أما في دير القمر حيث فازت اللائحة المدعومة من «التيار الوطني» و«القوات» بـ12 مقعداً مقابل 6 مقاعد للائحة المدعومة من رئيس حزب «الوطنيين الأحرار» النائب دوري شمعون الذي أكد لـ«المستقبل» أنّ «الفارق في النتائج كان بسيطاً جداً» وساعد في تحقيقه عدم الإقبال التام من أبناء دير القمر المقيمين في الساحل للاقتراع في بلدتهم، فكان لافتاً للانتباه في هذا السياق سقوط شقيق نائب رئيس «القوات» النائب جورج عدوان في الاستحقاق في مؤشر يعبّر عن حالة الامتعاض الشعبي من محاولة التحالف القواتي العوني إلغاء البيوتات السياسية في معاقلها كما حصل في مواجهة شمعون.
وعن التوقعات بالنسبة لرئاسة اتحادات البلديات، أعربت مصادر كسروانية لـ«المستقبل» عن ثقتها بأنّ «التيار الوطني الحر» لن يتمكن من حصد رئاسة الاتحاد في كسروان حيث الكلمة العليا ستكون للعائلات، في حين أغلبية قرى كسروان الفتوح ذهبت نتائج انتخاباتها لصالح النائب السابق منصور غانم البون، بينما كان الحضور طاغياً للنائب السابق فريد هيكل الخازن في بلدات وقرى كسروانية أخرى. أما متنياً، فحُسمت رئاسة اتحاد المتن الشمالي لميرنا المر أبو شرف، ومن المتوقع أن يتولى رئيس بلدية الشبانية كريم سركيس رئاسة اتحاد المتن الأعلى.

الديار :

ليلة سقوط الاقنعة، او ليلة سقوط الوجوه، اي رأس، اي رؤوس كان مخططاً لها أن تسقط في تلك الليلة؟
كل ما في الأمر، انها الاسئلة التي خرجت من الصناديق بالتزامن مع خروج النتائج، الدكتور سمير جعجع قال «لا بلدية، ولا اي شيء آخر، يهز دعمنا للعماد ميشال عون لرئاسة الجمهورية».
غير ان متابعين للاتصالات، وللقاءات البعيدة من الضوء، وللايعازات الخارجية والداخلية، تؤكد ان ثمة من خطط، وبمنتهى الدقة والفاعلية، لينفذ قراراً ما لا يتصور أحد انه هبط من المريخ «مطلوب رأس الجنرال هذه الليلة».
«الديار» تنقل بعض ما قيل ويقال، على مَن تضحك الاحزاب حين تقول ان المعركة او المعارك انمائية وعائلية، وموشاة بالسياسة، هي سياسية بامتياز، وقبل ان يحاول كل زعيم حزب تأكيد وزنه، وحجمه، وعلى طريقة عارضات الأزياء، كان همه تدمير الآخر، او الآخرين، بأوراق الاقتراع ما دام يتعذر تدميرهم بوسائل أخرى.
ثمة سؤال آخر: هل كان مطلوباً اسقاط رأس الجنرال أم ترك رأسه عالقاً على كتفيه بذلك العدد القليل من الأصوات، الذي جعل الفوز خجولاً بل ومخجلاً؟
الطريف ان يكون هناك من يؤكد ان قوى اقليمية، وربما دولية، تدخلت في الحرب ضد رئيس تكتل التغيير والاصلاح (لا ريب ان الكلمات التي نقلت عن الوزير السابق سليم جريصاتي تعكس الكثير من واقع الحال)، تدخل اقليمي ودولي في الانتخابات البلدية؟
ويقال «أليس الدكتور سمير جعجع، وهو السياسي المحنك، واللاعب البارع، يعرف ماذا تعني معركة جونيه بالنسبة الى حليفه ليس في ما يتعلق بوضعه المسيحي، ولا في ما يتعلق برئاسة الجمهورية وانما في ما يتعلق بوجوده السياسي؟»
الجنرال الذي طالما الصقت به تهمة شن حروب الالغاء تعرض لحرب الغاء في أكثر المواقع حساسية، وان قال نائب سابق «كل ما نفعله اننا نمارس حقنا في طرده من كسروان التي هي، في واقع الحال، محتلة من قبل الجنرال».
لا تجدي كل محاولات الالتفاف او الهروب الى الأمام، النائب حكمت ديب قال بالفم الملآن «يريدون التخلص من الزعيم الأول للمسيحيين». هذا وصف يظل أقل وطأة من وصف النائبين عاطف مجدلاني وسيرج طورسركيسيان للرئيس سعد الحريري بـ«الزعيم الأوحد» ليس داخل الطائفة السنية وانما على امتداد لبنان.
لو ان الديكتاتورية، وعدوى الالقاب التوتاليتارية، انتقلت الى لبنان، ثمة زعيم أول، وزعيم أوحد، دولة الديكتاتوريات المتحدة، هكذا وصف لبنان الانكليزي ديفيد هيرست...
على امتداد تلك الليلة تبادل زعماء سياسيون القهقهات والتعازي في آن «العوض بسلامتكم الجنرال»، تلك الحفنة القليلة، القليلة جداً، من الاصوات، هل حقاً انها انقذت الموقف؟
في الوسط السياسي «سقطت اسطورة الرجل الاقوى لدى المسيحيين»، ومهما حاول جهابذة الكلام الببغائي ان يغيروا في الصورة، وقيل انه تم استفزاز عون في منطقة لا يوجد فيها لحليفه الاستراتيجي «حزب الله» موطئ قدم واحدة لا موطئ قدمين.
البعض كان حذراً، اذا اسقطنا عون كلياً، ونهائياً، من يضمن ألا يختل الوضعان الأمني والسياسي على نحو دراماتيكي، قناعة البعض ان عون مستهدف لسببين، انه رجل عصي على الترويض الداخلي والخارجي، ثم انه حليف «حزب الله» الذي يؤمن له التغطية السياسية.
«حزب الله» الحليف الاستراتيجي، و«القوات اللبنانية» حليف تكتيكي، ثمة خلل صارخ في الصورة اذا ما علمنا كيف تهاجم «القوات اللبنانية» الحزب على مدار الساعة وتنعته بأشد النعوت، وفي الوقت نفسه هي على تفاهم يرقى الى حدود التحالف، مع الجنرال.

ـ خارطة الطريق الى القصر ـ

يقول وزير بارز «هذه صفحة لا تطوى». خارطة الطريق الى القصر الجمهوري تغيرت، ما المقصود بكل ما يتردد وراء الضوء حول تغير في موقع رئيس تكتل التغيير والاصلاح داخل السباق الى الرئاسة؟
وتعقيباً على تساؤل «الديار» عما اذا كان هناك من استدرج عون الى معركة جونيه لكي يدفعه الى خارج المعادلة الرئاسية، اتصل مسؤول في التيار ليوضح ان «الطرف الآخر» خطط لتوظيف فوزه في الانتخابات البلدية سياسياً ونيابياً، وهناك معطيات موثقة تؤكد ذلك، وكان على الجنرال ان يدخل المعركة اياً كان الثمن لاحباط ذلك السيناريو.
المسؤول يضيف «ان كل الأسلحة استخدمت ضد التيار، ودون ان ننكر لحظة واحدة ما هو وضع السيد نعمة افرام في المدينة، أو في المنطقة، ونحن نتفهم هذا، ولكن من الواضح ان أموراً كثيرة حصلت لتحويل المعركة البلدية الى حرب ضد الجنرال شخصياً وسياسياً.
وفي اوساط التيار «اي جدوى للتحالف مع «القوات» اذ لم يعبر عن نفسه في هذه المحطة الاستراتيجية» وليس فقط في بلدات وقرى ليس للمعارك فيها اي دوي او اي تأثير سياسي.
للدامور رمزيتها الخاصة، وعذاباتها الخاصة، لا تحالف بين التيار الوطني الحر و«القوات اللبنانية»، البعض تحدث عن «تحالف الزوايا».

ـ كأس الهزيمة وكأس الويسكي ـ

في دير القمر، لا سبيل امام النائب دوري شمعون الا ان يحتسي كأس الهزيمة كما لو انه يحتسي كأساً من الويسكي. هذا رأي عضو عتيق في حزب الوطنيين الاحرار، ويعترف بأن الدنيا تبدلت «لا دوري شمعون هو كميل شمعون ولا كارلوس اده هو ريمون اده».
يضيف «من زمان والريس دوري من دون اي دور سياسي».
في الشويفات تنفس الامير طلال ارسلان الصعداء. وصف المعركة في المدينة ب«الكبرى»، من غير الواقعي القول ان النائب وليد جنبلاط يريد اجتثاث رئيس الحزب الديموقراطي من الخارطة السياسية للطائفة. البعض حاول تحويل المعركة الى جنبلاطية ويزبكية على طريقة قيسية ويمنية. للمير طلال مكانته الخاصة...
هل انتهى تيار المستقبل في اقليم الخروب؟ الحريريون الموجودون حالياً هم جماعة رفيق الحريري لا جماعة سعد الحريري. كلام يقال علناً. هؤلاء تعاطوا مع «الجماعة الاسلامية» التي تحاول قدر المستطاع ان تظهر بوجهها اللبناني هادئة ومنفتحة، ولا تستطيع ان تكون في صدام مع تيار المستقبل في بيروت ولا في صيدا.
المراقبون يقفزون فوق الاحد المقبل، وحيث انتخابات الجنوب التي ستكون روتينية الى حد بعيد. في صيدا، يخوض رئيس التنظيم الشعبي الناصري المعركة، بلائحة يرأسها بلال شعبان، لاثبات الوجود. الاسلاميون الراديكاليون وبقايا انصار الشيخ احمد الاسير لهم لائحتهم غير المكتملة. رهان على «الزوايا المعتمة» في صيدا القديمة. في كل الاحوال، لا احد تقريباً ضد رئيس البلدية الحالي محمد السعودي. الكل يقر بانجازاته.
هناك فرعية جزين في اليوم نفسه. امل حكمت ابو زيد يكاد يفوز بالتزكية..

 

الجمهورية :

بدأ غُبار المعركة الانتخابية في محافظة جبل لبنان ينجلي تدريجاً، لتكشفَ نتائجها دلالات سياسية عدة، خصوصاً في منطقة المتن، حيث كرّسَت مجدّداً زعامة نائب رئيس مجلس الوزراء السابق النائب ميشال المر في «قلعته»، فيما أثبتَت بما لا يقبل الجدل عدم ترجمة التحالف بين «التيّار الوطني الحر» و«القوات اللبنانية» على الأرض بلدياً. في وقتٍ أجمعَت الأوساط السياسية على التنويه بأداء وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق السياسي والأمني واللوجستي والإداري في إدارة العمليات الانتخابية بنجاحٍ قلَّ نظيرُه، إلى درجة أنّ أياً من القوى السياسية لم تسجّل أيّ مأخَذ أو اعتراض على هذا الأداء الذي لقيَ أيضاً ثناءً في مختلف الأوساط الديبلوماسية. تواصَلت أمس القراءات لنتائج الانتخابات البلدية في محافظة جبل لبنان، وفي وقتٍ لم يسجّل أيّ نشاط سياسي ملحوظ خارج هذه القراءات، ارتفعَت وتيرة الاستعدادات للجولات الانتخابية اللاحقة في الجنوب الأحد المقبل، والشمال في الأحد التالي.
في نتائج المتن
وفي هذا الإطار توقّفت مصادر سياسية عند النتائج التي أفرزتها الانتخابات البلدية في المتن، وقالت لـ»الجمهورية»: «عندما تقيم أحزاب مسيحية كبرى كـ«التيار الوطني الحر» و«القوات اللبنانية» ثنائية معيّنة، في محاولةٍ لجمعِ أكبر نسبة ممكنة من التمثيل المسيحي، أو في محاولة للقول إنّها تمثّل الأكثرية المسيحية، وقد بَذلت جهداً كبيراً على مستوى المناطق اللبنانية كافة لتظهير معادلة تمثيلِ مسيحي جديد، فهذا المسعى سَقط في منطقة المتن من خلال النتائج التي أحرَزها النائب ميشال المر.
ولقد كان واضحاً جداً أنّ ما جرى في المتن لم يحصل في أيّ منطقة أخرى، والواقع كان مختلفاً تماماً، فالمتن من خلال طرَف واحد هو ميشال المر، نجَح في مواجهة ثنائية مشتركة قواتية ـ عونية، ونجح في الوقت نفسه في مواجهة حزب قديم تقليدي، صحيح أنّها لم تكن مواجهة مباشرة شاملة، إنّما على الأقلّ كانت مواجهات موضعية معيّنة.
لقد تمكّنَ مِن خوض معارك على جبهات متعدّدة، في حين أنّ أحزاباً كبرى لم تستطع خوض معارك مشابهة. فـ»القواتيون» و»العونيون» اضطرّوا إلى الوجود معاً في معظم المناطق، وفي الأماكن التي لم يستطيعوا فيها ذلك لم يخوضوا معاركَ، في الوقت الذي كانت لميشال المر القدرة التكتيكية على أن يخوض في اماكن معيّنة معارك في مواجهة هذين الفريقين معاً، ومعارك في مواجهة أحدهما، ومعارك في مواجهة فريق ثالث هو حزب الكتائب.
وبالتالي فإنّ الأحزاب الكبرى تفتش اليوم كيف ستضع يدَها من خلال تحالفات معيّنة، على اتّحاد بلديات كسروان أو اتّحاد بلديات جبَيل أوغيره، في الوقت الذي كان المر يقول عند الرابعة عصراً وقبَيل إقفال صناديق الاقتراع إنّه فازَ بما يكفي من البلديات لكي يربح اتحاد بلديات المتن، في حين أنّ أحزاباً كبرى وتحالفات على مستوى كبير جداً لا تزال صورة اتّحاد البلديات غيرَ واضحة حتى الآن أمامها وتحاول تركيبَها بعضها مع بعض، ما يؤكّد أنّ هذا الرجل هو فعلاً ظاهرة غريبة. فحتى عند الدروز لم يستطِع النائب وليد جنبلاط أو النائب طلال أرسلان في الشوف وعاليه تحقيقَ النتائج التي استطاع المر تحقيقَها.
فجنبلاط خرج من المعركة في الشوف وعالية مهشّماً، بمعزل عن النتائج التي حقّقها، في الوقت الذي بدا المر مرتاحاً جداً إلى المعركة وحتى قبل حصولها، وذلك على رغم الموجة الحزبية التي كانت تقول إنّها «ستقلب معادلات وتغيّر وَجه التمثيل الحقيقي». لكن المر نجَح في منطقة المتن في أن يثبتَ حالةً سياسية صَعُبَ على الأحزاب منفردةً ومجتمعةً أن تلغيَها أو أن تقيم مثيلاً لها».
وأضافت هذه المصادر: «مِن الواضح أنّ التحالف المسيحي ـ المسيحي لم يترجَم في كلّ الأمكنة، وحتى في الأمكنة التي تُرجم فيها كبلدة دير القمر، فقد تمكّن النائب دوري شمعون من الفوز بستّة مقاعد من أصل 18 مقعداً، فقد اجتمعَ حزبان على كسر شمعون وفازا بـ 12 مقعداً، أي نال لكلّ طرف 6 مقاعد، لكنّ شمعون استطاع انتزاع 6 مقاعد، وبالتالي فإنّ حجمَه كـ«حزب وطنيين أحرار» هو بمقدار حجم كلّ مِن «القوات» و«التيار الوطني الحر».
ولذا فإنّ التحالف المسيحي ـ المسيحي لم يؤمّن لهما النتيجة التي كانا يريدانها، والحسابات على الورقة والقلم هي غير حسابات الأرض. الناس كانوا يقولون لهما إنّهم معهما في الخط السياسي العام لكنْ «بَس مِش دِبنا فيكم وخلِصتو منّا».
فالخطأ الأساسي الذي ارتكباه هو أنّهما اعتقدا أنّه إذا اجتمع طرَفان من أحجام معيّنة فإنّ بقيّة الأحجام الأخرى ستُلغى، فيما أظهرت الأمور عكس ذلك، والتحالف الذي أقاماه شدَّ عصبَ القيادات الأخرى وسمحَ لها بالحصول على تعاطف كبير لدى أوساط الرأي العام وتَسَبّب بردّة فعل عكسية عليهما».
وتوقّفَت المصادر عند نتائج انتخابات جونية، واعتبَرت «أنّ ما حصل شكّل انتصاراً للائحة جوان حبيش البلدية وليس انتصاراً لمعركة ميشال عون الرئاسية، وقد أثبتَت النتيجة هذا الموضوع بنحو واضح جداً، بدليل أنّ لائحة «كرامة جونية» اختُرقت بأربعة مقاعد، والأطراف الأربعة التي خاضت معركتَها فازت بفارق نحو 50 صوتاً، وبالتالي لا يستطيع عون أن يقول اليوم إنّه هو ربح المعركة بل هو كان أحدَ أطرافها».
حمادة
وقال النائب مروان حمادة لـ«الجمهورية»: «ربّما كانت انتخابات المتن الأكثر رمزية وتعبيراً عن المناخ الحقيقي للرأي العام اللبناني. بغَضّ النظر عن الحزبيات، اقترَع أهالي البلدات والقرى المتنية لمن اعتبروه الأبَ الروحي والعملي لنهضة منطقتهم وخدمة أهلهم، والتعبير عن مناخهم الوطني الجامع الذي طالما تمثّلَ في شخص الرئيس ميشال المر ومواقفِه.
فعند العمارة، بل القلعة، اصطدمت وسَقطت كلّ المزاعم وكلّ محاولات زعزعة إرثِ لم يكن يدّعي يوماً الوراثية، بل حملَ على مرّ العقود الهموم والمشاريع»..
وختمَ حمادة:»... حاوَلوا إلغاءَه، فدحرَهم».
سعَيد
وأجرى منسّق الأمانة العامة لقوى 14 آذار النائب السابق الدكتور فارس سعيد قراءةً لانتخابات كسروان وجبيل والمتن، وقال لـ»الجمهورية»: «إنّ العلامة الفارقة التي بَرزت خلال مرحلة الانتخابات في جبل لبنان هي الجرأة الشيعية التي بَرزت في بعض القرى الشيعية والقرى المختلطة في قضاء جبيل في مواجهة «حزب الله»، وبالتحديد في قرية مشّان والحصون ومغيري وأفقا ولاسا، وهذه الجرأة الشيعية قد تكون لها معانٍ سياسية مستقبلية، اليوم نضعها فقط في الإطار البلدي والأهلي، إنّما العلامة الفارقة أنّها لم تكن موجودة في خلال انتخابات 2009 ولا في انتخابات 2010، واليوم أصبحَت موجودة، أي البيئة الشيعية التي كانت مهيمنة على الصوت الشيعي أصبحَت اليوم منقسمة بين فريقين: العائلات المستقلّة من جهة، و«حزب الله» من جهة أخرى».
وأضاف سعَيد: «إنّ الطابع الأهلي التقليدي العائلي العفوي تجاوَز الطابعَ التنظيمي الحزبي على مساحة جبل لبنان، حتى في جونية، جاء الطابع السياسي من خلال زيارة العماد عون إلى المدينة، إنّما إذا دقّقنا في ما جرى في جونية نرى بالملموس وبنحوٍ واضح أنّ العائلات والتصويت العفوي والأهلي كان سيّد الموقف، وليس تصويت التيارات السياسية والحزبية، لا بل على العكس كانت هناك عفوية أهلية وعائلية تجاوزَت الإرادة السياسية».
وتابَع سعيد: «لقد برز أيضاً أنّ المال مهمّ جداً، لسوء الحظ، في العملية الانتخابية، إذ إنّ هناك لوائح كانت تتمتّع بماكينات انتخابية وازنة، ولوائح أخرى كانت لوائح عفوية تتمتّع فقط بعفوية اندفاعها الأهلي».
وأضاف: «أمّا في ما يتعلق بانتخابات المتن فقد جاءت نتائج صناديق الاقتراع لتؤكّد حضور الرئيس ميشال المر بشكل وازن على مساحة القضاء وتؤكّد أنّه لا يزال شخصية سياسية ذات وزن انتخابي. وفي النهاية أعتقد أنّ الانتخابات البلدية أصبحَت وراءنا، وقد أسقط إجراؤها الحجّة الأمنية التي كانت يتستّر وراءَها البعض من أجل عدم إجراء الانتخابات النيابية».
هولاند والحريري
إلى ذلك، تَشخصُ الأنظار الى باريس اليوم حيث يُعقد في قصر «الإليزيه»عند الثالثة بعد الظهر لقاءٌ بين الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند والرئيس سعد الحريري.
وقالت مصادر تواكب الحريري في هذه الزيارة لـ«الجمهورية» «إنّ اللقاء الذي سيكون ثنائياً هذه المرّة يكتسب أهمّية خاصة، فالرئيس الفرنسي يسعى عبر ديبلوماسيته إلى تحقيق خرقٍ في الاستحقاق الرئاسي، وهو ما يتلاقى ومساعي الحريري إلى مثلِ هذا الخرق في الجمود القائم الذي انعكسَ شَللاً في كلّ المبادرات التي أُطلِقت للخروج من الشغور الرئاسي».
وتأتي زيارة الحريري لباريس في إطار الجولة الواسعة التي يقوم بها حتى الآن اليوم، وكان منها زيارته الاخيرة لموسكو ولقاؤه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، قبل أن يقصد تركيا للقاءِ الرئيس رجب الطيّب أردوغان ساعياً إلى الخروج بالملف الرئاسي من عنقِ الزجاجة، وهو يدرك أنّ أيّ خرقٍ لن يتحقّق ما لم تكن طهران في قلب العملية السياسية المقبلة.
ففي رأي الحريري أنّ طهران هي التي تعوق التفاهمات الداخلية، ولدى كلّ من التقاهم إلى اليوم اتّصالات مع العاصمة الإيرانية ولا بدّ من توفير طرح يعدّل في استراتيجية طهران المعتمَدة لتجميد الملف اللبناني كما أرادت طهران ذلك، وهو ما كرّسَته حتى اليوم أمراً واقعاً لا يشكّك فيه أيّ عاقل مطّلع».
وإلى هذه المعطيات، أضافت المصادر «أنّ الحريري يزور باريس هذه المرّة للاطّلاع على ما تَحقّق منذ زيارة هولاند لبيروت في 16 و17 نيسان الماضي، حيث وعد بإجراء مزيد من الاتصالات مع القوى الإقليمية والدولية والفاتيكان. وسبقَ له أن التقى البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي مرّةً أخرى في العاصمة الفرنسية في التاسع من الجاري، ولا شكّ في أنّ هناك جديداً يمكن البحث في تثميره للخروج من المأزق.

اللواء :

بين رمزي انطوان الاشقر آخر الفائزين في معركة بلدية جونية بـ4447 صوتاً وفرنسيس يعقوب ابي نخول اول الخاسرين في هذا «الماراتون» البلدي الطويل بـ4431 صوتاً، يكون الفرق 16 صوتاً.
وهذه النتيجة الواقعية والموضوعية والرسمية، لم ترق كثيراً للفريق العوني الذي لم يسلم بأن الوقائع حقائق عنيدة، وان النتيجة هي التي تقرر ولا احد سواها.
والمسألة تتعدّى ما وصفته محطةO.T.V الناطقة باسم «التيار الوطني الحر» في تدبيج كتب «بحبر أسود» مقارنة اياه «بالحقد الاسود»، في إشارة إلى مانشيت «اللواء»: «جونية تسقط خرافة المرشح القوي».
ولا حاجة للرد بأكثر من الوقائع، وبأن «الأناء ينضج بما فيه»، ففي عملية بسيطة يتضح كيف ان جهة ما تضع رأسها في الرمل، ولو كان على شاطئ جونية.
في معمعة هذه التقييمات الجارية لنتائج «المنازلة الكبرى» في جبل لبنان، والتي قدمت وصفاً موضوعياً لما جرى في الأقلام، وما ترتب عن الفرز من أرقام واحجام واوزان احدثت شرخاً ستتكفل بتظهيره الأيام، أو الأسابيع المقبلة، لا سيما وسط حركة سياسية ودبلوماسية، تبحث في كسر حلقة «الستاتيكو» في الواقع اللبناني، من وقائع بعضها انتخابي، وبعضها الآخر ميداني يتعلق بالتداعيات الخطيرة لاستمرار الحرب السورية على لبنان، وبعضها الثالث بطبيعة اقتصادية تتعلق بالكلام العالي النبرة لحاكم مصرف لبنان رياض سلامة يتعلق بمخاطر العقوبات الأميركية ضد «حزب الله» على لبنان واستقراره، وإن كان سيسعى في الخارج إلى تهدئة المخاوف من هذه العقوبات.
وهذه الملفات ستكون على طاولة المحادثات بين الرئيس سعد الحريري ومضيفه الفرنسي الرئيس فرنسوا هولاند عند الثالثة من عصر اليوم في الاليزيه، وقبل أكثر من أسبوع من وصول وزير الخارجية الفرنسي جاك مارك ايرلوت إلى بيروت لمتابعة المواضيع نفسها التي تعني فرنسا وتشغل اهتمامات اللبنانيين بعنوانها الكبير: انتخابات الرئاسة.
الحوار 18
في الداخل، تحضر نتائج الانتخابات البلدية وتداعياتها على الانتخابات النيابية، على طاولة الحوار في الجلسة 18 غداً الأربعاء، حيث يدرس الرئيس نبيه برّي تقديم اقتراح للمشاركين بتقصير ولاية المجلس الحالي، كما انه سيطلع المجتمعين على المراحل التي قطعها البحث في قانون الانتخاب الجديد قبل عودة اللجان المشتركة إلى الاجتماع بعد غد الخميس لمتابعة البحث في المشاريع الممكن اعتمادها للتفاهم على قانون للانتخابات.
وإذا كان جدول النشاطات الرسمية يتضمن جلسة لمجلس الوزراء يوم الخميس أيضاً، من دون ان تحضر على مناقشاتها الملفات الخلافية، بعد ان حقق الرئيس تمام سلام خطوة إلى الامام في اتجاه معالجة جهاز أمن الدولة، إذ كشفت وزيرة المهجرين أليس شبطيني ان مدير الجهاز اللواء جورج قرعة عاد يُشارك في الاجتماعات الأمنية، بانتظار معالجة القضايا المالية والإدارية.
فإن الأجندة السياسية من الممكن أن تشهد سجالاً جديداً بين وجهتي نظر: الأولى تعتبر أن المهمة الآن «إكتمال النصاب السياسي الدستوري»، بتعبير وزير الداخلية نهاد المشنوق، وذلك من خلال انتخاب رئيس جديد للجمهورية في أسرع وقت ممكن، والثانية يتمسك بها التيار العوني مستفيداً من حلفه مع «حزب الله» للذهاب إلى الانتخابات النيابية لتعيد رسم لوحة التوازنات في المجلس الجديد تسمح بانتخاب رئيس للجمهورية، سواء قصر عمر المجلس الحالي، وهذا مستبعد، أو عجز الطبقة السياسية عن التمديد مرة ثالثة للمجلس النيابي، رغم المخاوف الكثيرة على نتائج هذه العملية إزاء مراحل تكوين السلطة.
وعلى جدول اللقاءات، بعد نتائج بلدية جونية، وفشل محاولات جمع النائبين ميشال عون وسليمان فرنجية، قبل الحملة العونية على جيلبرت شاغوري وبعدها، وعتب رئيس مؤسسة الانتشار الماروني نعمة افرام مما وصفه بـ«حملة تجييش عونية ضده تتخطى مدينة جونية»، متسائلاً عن علاقة ذلك بالانتخابات النيابية أو الاستحقاق الرئاسي، فالكلمة ليست لكسروان وحدها في موضوع انتخاب الرئيس، لقاء مرتقب بين عون ورئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع الذي يتكتم الطرفان على موعده لأسباب أمنية، لكن أوساطهما تُشير إلى أنه قد يسبق انتخابات الجنوب أو يلي انتخابات الشمال في 29 أيار الحالي ليجري الطرفان تقييما سياسياً، وتقويماً للعلاقة التي تعرّضت للاهتزاز ليس في جونية وحدها، بل في أقضية وبلدات متعددة، لا سيما في كسروان، حيث الثقل الرئيسي لكلا القوتين المسيحيتين.
ويسعى التيار العوني إلى تسليط الضوء على انتخابات جزّين، سواء البلدية، أو الفرعية النيابية، والتي ستجري الأحد المقبل، لتعويض «الإنتكاسة» التي مُني بها في الانتخابات البلدية في المتن وكسروان.
تقييم مسيحي
وفي التقييم المسيحي للنتائج البلدية، لاحظ وزير الاقتصاد والتجارة آلان حكيم أن الانتخابات دلت على تجذر حزب الكتائب في الأرض، وأن نسبة المشاركة المرتفعة دلت على انفتاح الحزب على الجميع، وأن هناك أعداداً توّاقة إلى برنامجه المتعلق بإدارة الدولة ومكافحة الفساد، متحدثاً عن انتصار كبير في أكثر من منطقة في جبل لبنان، معتبراً أن اللامركزية هدف الحزب، آملاً أن تكون الانتخابات النيابية المقبلة على صورة البلديات.
ولاحظ النائب في كتلة «الاصلاح والتغيير» سليم سلهب أن من نتائج انتخابات جبل لبنان أن العائلات لم تنتهِ.
وعلمت «اللواء» أن اجتماع التكتل اليوم سيناقش الإشكالات التي حصلت في المتن بين كل من النائبين إبراهيم كنعان ونبيل نقولا، حيث يرفض الأخير مصادرة دوره كنائب وإلغاء علاقاته مع العائلات، لا سيما في أنطلياس وجل الديب والزلقا.
ولم ترَ مصادر في «القوات اللبنانية» مجالاً للكلام عن انتصار أو خسارة، رافضة أن تكون الأحزاب المسيحية في مواجهة العائلات، معتبرة أن الفائز الأول هو الاحتكام إلى الديمقراطية.
وتمتنع مصادر قواتية أخرى عن اعتبار التحالف مع «التيار الوطني الحر» في البلديات يمكن أن يكون مقياساً لتصور كيف يمكن أن تكون التحالفات النيابية.
بالمقابل، لا يخفي«التيار الوطني الحر» صعوبة التحالفات النيابية في وضع آخذ بالتحوّل بسرعة في لبنان، وإن كان مقرّبون من عون يتمسكون بأن النتيجة المتقاربة بين لائحة جوان حبيش ولائحة فؤاد البواري وحلفائه ما تزال تشكّل انتصاراً من وجهة نظرهم، مع أن البواري أعلن أنه سيتقدم بطعن أمام مجلس شورى الدولة، من دون أن يعرف أن الأعضاء الأربعة الذين فازوا من لائحته سيقدمون استقالتهم، أم لا، علماً أن افرام أعلن أن لا نية للأعضاء الأربعة للإستقالة من البلدية، فيما تردّد لائحة الماكينة الإعلامية الكتائبية حملة مؤداها أنه لولا أصوات الكتائب لما نجحت لائحة عون في جونية.
وفي الجبل الدرزي، وحده النائب طلال أرسلان عقد مؤتمراً صحفياً كاشفاً عن عدم رضاه عن نتائج انتخابات الشويفات، غامزاً من قناة الحزب التقدمي الاشتراكي الذي دعم المجتمع المدني الذي وصفه أرسلان بأنه «بالون منفوخ»، وقال: «كنت أتمنى أن يحافظ أهل الشويفات على الأعراف والتنوع الاجتماعي الذي تتمتع به البلدة»، في إشارة إلى سقوط المرشحين من العرب في خلدة في اللائحة الفائزة.
الأحد الثالث
وفي أحد البلديات الثالث في 22 الحالي، تستعد صيدا المدينة إلى معركة بين «لائحة الانماء» التي شكلها رئيس البلدية الحالي محمّد السعودي والمدعومة من الرئيس فؤاد السنيورة والنائب بهية الحريري، ولائحة النّاس المدعومة من التنظيم الشعبي الناصري والأحزاب الحليفة له، فضلاً عن «لائحة التنمية والعدالة» المدعومة من علي الشيخ عمار.
وفي قضاء النبطية، حيث عدد الناخبين نحو 141 ألفاً سيقترعون لـ39 بلدية في 251 قلم اقتراع، يطمئن تحالف «أمل» و«حزب الله» إلى وضعه، في حين يمكن ان تكون بلدة كفررمان أم المعارك في لائحة يتجه الحزب الشيوعي إلى تشكيلها مع اليسار، في ظل توازن في توزع أصوات المقترعين بين لائحة التنمية والوفاء المدعومة من الحزب والحركة واللائحة المناهضة، في حين تندفع شخصيات عدّة لتشكيل لوائح غير مكتملة أو خوض المعارك بطريقة انفرادية.
بلدية بيروت

الاخبار :

لا يزال حاكم مصرف لبنان رياض سلامة خارج لبنان منذ الجمعة الماضي. تقول مصادره إنه في زيارة لباريس جرى تحديد موعدها مسبقاً، أي قبل صدور بيان كتلة الوفاء للمقاومة في شأن قانون «حظر التمويل الدولي عن حزب الله» ومناقشة إجراءات المصارف المحلية في جلسة مجلس الوزراء المنعقدة يوم الخميس.

غياب سلامة أخّر حتى الآن تحديد موعد لاجتماعه مع الرئيس تمام سلام ووزير المال علي حسن خليل، من أجل «متابعة هذا الموضوع»، بحسب ما تقرر في الجلسة المذكورة.
في هذا الوقت، أعلنت جمعية مصارف لبنان «تأجيل المؤتمر الصحافي الذي كان سيعقده رئيس الجمعية جوزف طربيه ظهر الخميس المقبل، الى موعد آخر يحدد لاحقاً». وقررت القيام بجولة اتصالات محلية لتوضيح موقف المصارف والدفاع عن إجراءاتها، باعتبار أنها مجبرة على القيام بما تقوم به. ومن المقرر أن تجتمع عند الواحدة والنصف من بعد ظهر اليوم مع وزير المال، بناءً على طلبها.
وكانت الجمعية قد أصدرت بياناً في الاسبوع الماضي رأت فيه أن تطبيق القانون الاميركي «هو من المستلزمات الضرورية لحماية مصالح لبنان والحفاظ على ثروة جميع أبنائه وعلى مصلحة كل المواطنين والمتعاملين مع المصارف، ما يؤمن لهم سلامة استمرارية العمل من خلال النظام المالي العالمي». إلا أن مصرفيين متابعين وخبراء قانونيين حذروا من أن بعض الاجراءات التي اعتمدها عدد من المصارف ليس مبرَّراً، وينطوي على توسّع مثير للقلق في تفسير أحكام القانون الاميركي، ويبلغ حد اتخاذ إجراءات عقابية تطال أسر مسؤولين في حزب الله وأفراداً وشركات ليسوا مرتبطين بالحزب ولا تشملهم العقوبات الاميركية. وأشارت دراسة قانونية سلّمت الى جهة حكومية معنية الى أن القانون الاميركي يتحدّث عن مراقبة وتعطيل عمليات مصرفية، في حين أن المصارف ذهبت مباشرة الى إقفال حسابات معينة «احترازياً»، و»هذا أمر خطير ولا يجوز الاستسهال في التعامل معه».
وكانت كتلة الوفاء للمقاومة قد رأت في بيانها الأسبوع الماضي أن القانون الاميركي «يؤسّس لحرب إلغاء محلية يسهم في تأجيجها المصرف المركزي وعدد من المصارف، فضلاً عن كون التزامه مصادرة للسيادة اللبنانية النقدية». وحذرت من «أن التعاميم التي أصدرها أخيراً حاكم المصرف المركزي وفقاً للقانون الاميركي السيّئ الذكر، هي انصياع غير مبرر لسلطات الانتداب الاميركي النقدي على بلادنا، ومن شأنها أن تزيد تفاقم الأزمة النقدية وتدفع البلاد نحو الإفلاس بسبب ما سينتج من قطيعة واسعة بين اللبنانيين والمصارف، الأمر الذي يعرض البلاد لانهيار نقدي خطير ولفوضى عارمة غير قابلة للاحتواء». ودعت الكتلة حاكم المصرف المركزي الى إعادة النظر في تعاميمه الأخيرة لتتوافق مع السيادة الوطنية، وطالبت الحكومة باتخاذ الاجراءات المناسبة لتلافي التداعيات الخطرة التي ستنجم عنها.
وبحسب مصادر متابعة، تطالب الكتلة بالعودة الى الاتفاق الذي حصل سابقاً مع سلامة، ويقضي بعدم ترك أمر تطبيق القانون الاميركي للمصارف واستنسابيتها، وإلزامها بطلب الموافقة المسبقة من هيئة التحقيق الخاصة (التي يرأسها حاكم مصرف لبنان) على أي إجراء تنوي اتخاذه بذريعة تطبيق هذا القانون، وليس مجرد الابلاغ عن الاجراءات وتبريرها بعد اتخاذها بحسب ما نص عليه تعميم سلامة رقم 173 الصادر في 3 أيار الجاري. كذلك تطالب الكتلة بأن لا تخضع العمليات بالليرة اللبنانية لأي إجراءات يمليها طرف خارجي.