لا يزال حاكم مصرف لبنان رياض سلامة خارج لبنان منذ الجمعة الماضي. تقول مصادره إنه في زيارة لباريس جرى تحديد موعدها مسبقاً، أي قبل صدور بيان كتلة الوفاء للمقاومة في شأن قانون «حظر التمويل الدولي عن حزب الله» ومناقشة إجراءات المصارف المحلية في جلسة مجلس الوزراء المنعقدة يوم الخميس.

غياب سلامة أخّر حتى الآن تحديد موعد لاجتماعه مع الرئيس تمام سلام ووزير المال علي حسن خليل، من أجل «متابعة هذا الموضوع»، بحسب ما تقرر في الجلسة المذكورة.
في هذا الوقت، أعلنت جمعية مصارف لبنان «تأجيل المؤتمر الصحافي الذي كان سيعقده رئيس الجمعية جوزف طربيه ظهر الخميس المقبل، الى موعد آخر يحدد لاحقاً». وقررت القيام بجولة اتصالات محلية لتوضيح موقف المصارف والدفاع عن إجراءاتها، باعتبار أنها مجبرة على القيام بما تقوم به. ومن المقرر أن تجتمع عند الواحدة والنصف من بعد ظهر اليوم مع وزير المال، بناءً على طلبها.
وكانت الجمعية قد أصدرت بياناً في الاسبوع الماضي رأت فيه أن تطبيق القانون الاميركي «هو من المستلزمات الضرورية لحماية مصالح لبنان والحفاظ على ثروة جميع أبنائه وعلى مصلحة كل المواطنين والمتعاملين مع المصارف، ما يؤمن لهم سلامة استمرارية العمل من خلال النظام المالي العالمي». إلا أن مصرفيين متابعين وخبراء قانونيين حذروا من أن بعض الاجراءات التي اعتمدها عدد من المصارف ليس مبرَّراً، وينطوي على توسّع مثير للقلق في تفسير أحكام القانون الاميركي، ويبلغ حد اتخاذ إجراءات عقابية تطال أسر مسؤولين في حزب الله وأفراداً وشركات ليسوا مرتبطين بالحزب ولا تشملهم العقوبات الاميركية. وأشارت دراسة قانونية سلّمت الى جهة حكومية معنية الى أن القانون الاميركي يتحدّث عن مراقبة وتعطيل عمليات مصرفية، في حين أن المصارف ذهبت مباشرة الى إقفال حسابات معينة «احترازياً»، و»هذا أمر خطير ولا يجوز الاستسهال في التعامل معه».
وكانت كتلة الوفاء للمقاومة قد رأت في بيانها الأسبوع الماضي أن القانون الاميركي «يؤسّس لحرب إلغاء محلية يسهم في تأجيجها المصرف المركزي وعدد من المصارف، فضلاً عن كون التزامه مصادرة للسيادة اللبنانية النقدية». وحذرت من «أن التعاميم التي أصدرها أخيراً حاكم المصرف المركزي وفقاً للقانون الاميركي السيّئ الذكر، هي انصياع غير مبرر لسلطات الانتداب الاميركي النقدي على بلادنا، ومن شأنها أن تزيد تفاقم الأزمة النقدية وتدفع البلاد نحو الإفلاس بسبب ما سينتج من قطيعة واسعة بين اللبنانيين والمصارف، الأمر الذي يعرض البلاد لانهيار نقدي خطير ولفوضى عارمة غير قابلة للاحتواء». ودعت الكتلة حاكم المصرف المركزي الى إعادة النظر في تعاميمه الأخيرة لتتوافق مع السيادة الوطنية، وطالبت الحكومة باتخاذ الاجراءات المناسبة لتلافي التداعيات الخطرة التي ستنجم عنها.
وبحسب مصادر متابعة، تطالب الكتلة بالعودة الى الاتفاق الذي حصل سابقاً مع سلامة، ويقضي بعدم ترك أمر تطبيق القانون الاميركي للمصارف واستنسابيتها، وإلزامها بطلب الموافقة المسبقة من هيئة التحقيق الخاصة (التي يرأسها حاكم مصرف لبنان) على أي إجراء تنوي اتخاذه بذريعة تطبيق هذا القانون، وليس مجرد الابلاغ عن الاجراءات وتبريرها بعد اتخاذها بحسب ما نص عليه تعميم سلامة رقم 173 الصادر في 3 أيار الجاري. كذلك تطالب الكتلة بأن لا تخضع العمليات بالليرة اللبنانية لأي إجراءات يمليها طرف خارجي.