يبدو أن تنظيم "داعش" استعاد توازنه وسط سوريا، خلال الأيام القليلة الماضية، وقد تمثل هذا بسيطرته على "حقل شاعر" النفطي ومناطق أخرى في ريف حمص الشرقي، ما يجعل خريطة السيطرة في هذه المنطقة وعموم البادية السورية؛ خريطة متحركة.
فبعد استعادة النظام السوري مدينة تدمر الأثرية، بدعم من الطيران الروسي، بدا وكأن التنظيم قد انكفأ، لكن الآن عادت المدينة لتكون تحت تهديد التنظيم.
ويحمل الحقل أهمية كبيرة للنظام في مجال إنتاج النفط والغاز، حيث ينتج يوميا ثلاثة ملايين متر مكعب من الغاز الخام، يتم تحويله إلى وقود غازي في معمل إيبلا المجاور، والذي بات أيضا تحت مرمى نيران التنظيم.
ويرتبط معمل إيبلا بحقل شاعر بخطّ لنقل الغاز الخامّ بطول 77 كيلومترا. ويُرسَل الغاز المعالج بعدها إلى معمل "الشبكة الوطنيّة"، الذي ينتج حوالى 120 طنّا من الغاز المنزليّ يوميا وحوالى 2500 برميل من المكثّفات، إضافة إلى 2.5 مليون متر مكعّب من الغاز النظيف، وبالتالي فإن السيطرة عليه ستتسبب بأزمة وقود خانقة ستصيب النظام.
كما أن حقل شاعر، الذي يبعد عن مدينة حمص قرابة 120 كيلومترا، كان يشكل بالنسبة للنظام نقطة ارتكاز للتقدم باتجاه عمق البادية والمناطق التي يسيطر عليها تنظيم "داعش". لكن سيطرة التنظيم عليه سيعيده للاقتراب من التجمعات السكانية والقرى الداعمة للنظام في ريف حمص الشرقي، فضلا عن توفير إمكانية الربط بين مراكز ثقل التنظيم بين أرياف الرقة وحمص ودير الزور مع امتداداتهما باتجاه الحسكة وحلب.
علاوة على ذلك، فإن سيطرة التنظيم على الحقل ومن ثم على جزء كبير من حقل غاز المهر الواقع إلى الشرق من مطار "التيفور"؛ تجعل المطار عرضة للحرائق، حيث اندلعت فيه النيران مع الضربات المدفعية الأولى لتنظيم "داعش" وذلك لكثرة الأنابيب المنتشرة فيه لكونه حقل تغذية مع مركز تحويل. كما أدت القذائف لاحتراق محركات مراقبة الطاقة الإلكترونية، الأمر الذي دفع الخبراء والمهندسين للفرار من الحقل مع بقاء بعض النقاط العسكرية في محيطه، بحسب قول الناشط التدمري، محمد الأسعد.
وإلى جانب مطار "التيفور" الذي يبعد عن حقل شاعر 25 كيلومترا، وعن مدينة حمص 90 كيلومترا، وعن تدمر حوالى 60 كيلومترا، هناك مطار "الشعيرات" الواقع على طريق حمص - تدمر؛ والذي بات هو الآخر عرضة لقذائف التنظيم أكثر من أي وقت مضى، وهذا ما دفع التنظيم إلى التقدم باتجاه مطار التيفور الذي أصبح قاعدة روسية بامتياز، حيث هاجم الكتيبة المهجورة المحاذية له وقتل أكثر من 23 عنصراً من قوات النظام بينهم ضابطان وعنصران من "حزب الله" كما تمكن من إسقاط طائرة مروحية تابعة للنظام في منطقة "حويسيس" القريبة، بحسب التنظيم الذي أعلن عن السيطرة على كميات من الأسلحة الثقيلة، من بينها مدرعات ودبابات ومدافع وقاذفات صواريخ، إلى جانب كميات كبيرة من الصواريخ والقذائف.
ووفق المعطيات الحالية، يبقى السؤال: هل سيعيد التنظيم إطباقه على مدينة تدمر التي باتت خالية من أهلها البالغ عددهم نحو 110 آلاف نسمة، باستثناء أعداد قليلة ممن شق عليهم النزوح؟ أم سيتركها بقعة معزولة وسط الصحراء؟ مع تساؤلات أخرى بشأن عدم استهداف التنظيم للمدينة التي باتت قاعدة روسية.
(عربي 21)