في البداية، أوجه لكم سلام الأخ المشفق الرحيم، فلا تظنن أبدا أننا ننظر إلى آلامكم نظرة لا مبالاة، فضلا عن أن تكون نظرتنا نظرة تشف وشماتة والعياذ بالله ! ولكن، لا بد من أن نوضح لكم عدة أمور .
وينبغي عليكم الإستماع لها جيدا، فإن في ذلك صلاح حالنا وإغاظة عدونا . أولا : يجب أن تعلموا أننا كشيعة ﻵل بيت الرسول (ص) ليس من شيمنا الاعتداء على الأبرياء من أي دين كانوا، فكيف لنا أن نعتدي على قوم بيننا وبينهم رابطة الدين والجوار ؟!
ثانيا : من المهم أن تعلموا أن قتال بعض شيعة لبنان في سوريا لم يكن ضد المدنيين من الشعب السوري بسبب معارضتهم لنظام يحكمهم، إنما كان ضد فئة أبلغتنا جهارا نهارا أنها ستغزونا بمجرد سيطرتها على الحكم في سوريا .
وهي فئة باتت الآن تعتدي حتى عليكم، وبتم أنتم وفصائلكم المختلفة تقاتلونها، وهم مجموعة متوحشة تتقرب إلى الله تعالى بقتل عباده، بل بات هؤلاء يقاتل بعضهم بعضا !
وتدخل هؤلاء الشيعة في سوريا كان بنية قتال هؤلاء الذين تريد أن تجعل منهم أمريكا وحلفائها جيشا يضربون به أعدائهم الذين نحن شيعة لبنان جزء منهم .
وأما غير ذلك من جرائم ترتكب ضد المدنيين في سوريا، سواء جائت هذه الجرائم من النظام أم من غيره، فنحن "كشيعة لبنان" لسنا مسؤولين عن هذه الدماء التي تسفك ظلما، ونبرأ إلى الله تعالى ممن يسفكها .
ثالثا : من الضروري أن تبادر قياداتكم الاجتماعية والسياسية والدينية والشعبية على اختلاف مستوياتها إلى ملاقاة أقرانهم من شيعة لبنان كي يتوقف هذا النزف الذي تغضب له ملائكة السماء وصالحوا الأرض ويهتز له عرش الرحمان .
وفي الملاقاة هذه، صلاح لديننا ودنيانا وإلقاء للحجة على جميع الأطراف المتنازعة في أرض الشام الطيبة كي يفوتوا -على الصليبي الشرقي والغربي والصهيوني وكل خادم لهم من عملاء أمتنا- الفرصة للتخلص من المسلمين من خلال إشعال فتن بينهم ظلت نائمة منذ قرون طويلة، ولن تنتهي -إذا استمرت بالاشتعال- إلا بالندم لكل مذاهب الإسلام .
وإذا كانت لديكم مخاوفكم من السيطرة الإيرانية على بلادكم، فإن لشيعة لبنان مخاوفهم من سيطرة الفكر البربري الذي بتم أنتم تعانون منه معاناة لا نريد أن نعانيها نحن الشيعة في لبنان في حال ترك هذا الفكر يتحكم بسوريا كمقدمة للإعتداء على محيطها الذي نحن جزء منه .
إن في هذا الجهد -الذي يجب شرعا وأخلاقا أن يبذل- خير رد على كل مدع لشعارات بإسم الوطن أو الدين أو المذهب من كل الأطراف، ويريد من شعاراته البراقة هذه أن تستمر الحرب في سوريا ليحصد زرعا يذيق به أهل الإسلام مر العلقم !
إن في لبنان نخبة من الشيعة حاضرين ليمدوا أيديهم إلى من تختارونهم منكم ليكونوا رسل سلام، ويكون همهم -مع إخوانهم من شيعة لبنان- إطفاء نائرة الفتنة الصليبية الشيطانية هذه، والتي مضى عليها حتى الآن خمس سنوات ولا تعرف لها نهاية .
نحن الشيعة في لبنان لا نمانع أن نتحدث مع أي أحد ترتضونه ليكون رسول سلام لشعبنا، كائنا من كان، بل هذا من دواعي سرورنا . وإذا ما بادرنا إلى هذه الخطوة ووجدنا من يرفضها منا أو منكم، فسنعلن جميعا للناس جميعا أن هذا الشخص أو تلك الفئة ترفض أن يتوقف سيل دم أطفال الإسلام ويتوقف هتك الأعراض .
وعندها يصبح الطرف الرافض للصلح مباح الدم . كااائنا من كان .
يجب أن نضع نصب أعيننا أن ملة الكفر واحدة، سواء كانت شرقية أو غربية، وأن هدفهم الأساس هو إلغاء دين محمد (ص) بإبادة أتباعه . ويجب أن نعلم أن الأمريكي والروسي والأوروبي واليهودي، لن يغمض له جفن ما دام لم يطمئن إلى أن الأمة التي غزت بلادهم في العقود والقرون الماضية قد تمت إبادتها .
فسياسة هؤلاء الأعداء بالأمس كانت تحت شعار : "فرق تسد"، بينما اليوم باتت سياستهم أكثر خبثا، حتى بات شعارهم : "فرق وأبد" !
إن هؤلاء الأعداء التاريخيين لا ينظرون إلينا كسنة وشيعة، بل ينظرون إلينا كمسلمين يحملون فكرا رحمانيا نريد أن ننشره في أصقاع الأرض، وهذا الفكر يتعارض مع الفكر الشيطاني لأمم الكفر هذه الشرقية والغربية، والتي وجدت أخيرا طريقها ﻹبادتنا من دون أن يسفك لجندي منهم قطرة دم واحدة . يا أمة التوحيد في الشام بكل مذاهبها، أفيقي من كابوسك الشيطاني هذا، قبل أن يتحول هذا الكابوس إلى واقع لا وجود لك فيه !!
وإلى الله المشتكى ...
بقلم : الشيخ عباس حطيط