ارتفعت حدّة التوتر الروسي الأميركي جراء بدء الولايات المتحدة تشغيل درع صاروخية في رومانيا أمس الخميس.
وترى واشنطن أن الأمر مشروع وحيوي لحماية أوروبا من “الدول المارقة”، فيما ترى موسكو أن الأمر يستهدف محاصرتها وتحييد ترسانتها النووية.
واللافت أن الأوساط الأميركية سعت إلى طمأنة روسيا من خلال ما أطلقه مساعد وزير الدفاع الأميركي روبرت وورك من تصريحات تؤكد أن بلاده لن تستخدم الدرع ضد الصواريخ الروسية، وهو أمر لم يقنع موسكو ولم يقنع خبراء الدفاع في العالم.
ويرى مراقبون أن الاستراتيجيين العسكريين الأميركيين والأطلسيين يعملون على بناء قوة رادعة ضد روسيا، لا سيما بعد قيام الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بضم شبه جزيرة القرم، ضاربا عرض الحائط الموقف الأميركي الأوروبي في هذا الصدد، وتنامي الاستراتيجيات الروسية في أوكرانيا مع احتمال استخدامها كسابقة تهدد كافة دول أوروبا الشرقية.
وتعتبر أوساط دبلوماسية أن الولايات المتحدة ستعمل على توسيع درعها الصاروخية في أوروبا تحت مسوغ الأخطار المطلة من الشرق الأوسط، حيث أكد وورك في احتفالات تدشين الدرع في رومانيا أنه “ما دامت إيران مستمرة في تطوير ونشر الصواريخ الباليستية ستظل الولايات المتحدة تعمل مع حلفائها للدفاع عن حلف شمال الأطلسي”.
ولا تخفي روسيا غضبها مما تعتبره استعراض قوة أميركيا – أطلسيا في أوروبا الشرقية. وتعتبر أن واشنطن تعمل على تحييد ترسانتها النووية وتطويقها بالقرب من البحر الأسود حيث ترسو قطع استراتيجية من الأسطول البحري الروسي.
وتَعِدُ موسكو، التي تعزز وجودها بثلاث فرق جديدة، بالردّ المناسب على ما تعتبره استفزازا ينال من أمنها الاستراتيجي.
ومع أن الأمين العام لحلف الأطلسي ينس ستولتنبرج يؤكد أن “الدفاع الصاروخي هو من أجل الدفاع ولا يُقَوِض الرادع النووي الاستراتيجي الروسي ولا يُضعفه”، غير أن المراقبين يرون أن الأخطار الإيرانية مزعومة ولا ترقى إلى درجة تخصيص درع دفاعية لصدّها في أوروبا، وأن الأهداف الحقيقية للدرع، لا سيما في طبعتها النهائية تروم مكافحة الطموحات الهجومية لإدارة الكرملين.
واستغرب دبلوماسيون حديث واشنطن عن أخطار إيرانية، في حين أنه من المفترض أن الاتفاق النووي مع إيران كان هدفه محاصرة هذه الأخطار، لا سيما وأن إدارة الرئيس باراك أوباما طالما حاولت التقليل من هذه الأخطار حين كانت تثيرها الدول الخليجية الأقرب جغرافيا إلى إيران من أوروبا.