هل يجرؤ اقطاب 14 آذار على تنظيم مهرجان في مجمع البيال، ليعلنوا سقوط «الحركة« وبالتالي حلها؟ في هذه الليلة اللبنانية الطويلة اين هو منسق الامانة العامة فارس سعيد، وأين هو رئيس المجلس الوطني سمير فرنجية الذي كان عليه منذ البداية ان يرفض «هذه المسخرة»! هو من قالها...
المرحلة الاولى من الانتخابات البلدية زعزعت كل ملوك الطوائف. مصدر ديبلوماسي اوروبي سأل «هل بدأت الثورة في لبنان بعدما انتهت «حقبة التعليب»، ليضيف ان الطبقة السياسية تعيش الآن أزمة مصيرية، كل المؤسسات الدستورية اما انها فارغة، او مشلولة، او تمشي على اصابع قدميها...
اختزل نتائج يوم الاحد الفائت بعبارة «الاخوة الاعداء»، اين سعد الحريري وسمير جعجع، اين ميشال عون وسليمان فرنجية، وأين وليد جنبلاط من كل هؤلاء؟ وهل ان ما حصل في البقاع جعل الرئيس نبيه بري والسيد حسن نصرالله ينامان في تلك الليلة، وفي الليالي التالية، قريري العين، وحيث بدا التململ واضحاً وصارخاً، من طريقة ادارة العمليات الانتخابية...
كلياً سقطت الثقة بين الناس والابراج العالية. حتى الآن لم يتمكن الشيخ سعد من ان يستوعب كيف ان اولئك الذين وصفهم احد مستشاريه بـ«الفانتازيا السياسية والاعلامية» طاردوا لائحة في عقر دارها، بالرغم من كل النفخ في الابواق ومن كل النفخ على الشاشات، وفي الشوارع، حتماً في الجيوب؟
المصدر الديبلوماسي الذي لاحظ كيف انهم في بلدان اخرى يطلقون على ثوراتهم تسميات من قبيل «ثورة الياسمين» و«ثورة القرنفل» و«ثورة البنفسج»، فيما تكاد في لبنان تندلع «ثورة القمامة». أهل السياسة ظنوا انهم مثلما ارغموا اللبنانيين على التعايش مع المذهبية القاتلة يرغمونهم على التعايش مع القمامة القاتلة.
المصدر الديبلوماسي قال ان لبنان لا يستطيع ان يستمر هكذا، لاحظ ان النسبة التي حصلت عليها لائحة «البيارتة» لا تؤهلها البتة للنجاح، كان يفترض بالحريري بدل ان يرفع شارة النصر (وكان ذلك قبل ان يعرف بالارقام) ان يعلن عدم اعترافه بالمجلس البلدي الجديد، عالمياً هذه نسبة لا يعتد بها قانوناً، في لبنان، القانون خارج على القانون:
التراشق لم يعد بالقفازات بين القوى المسيحية والحريري، كلام وراء الضوء عن ان بكركي تدخلت لمنع تدهور «العلاقات بين الطرفين والى حد الانفجار»،.
ولأن البنان بلد العجائب، حديث وراء الكواليس عن مساع تبذلها احدى الشخصيات السياسية لاحداث ارضية مشتركة او لغة مشتركة بين تيار المستقبل و«حزب الله» وانطلاقاً من دعوة الامين العام للحزب السيد حسن نصرالله الى فصل الازمة (او الازمات) الداخلية في لبنان عن ازمات المنطقة، وبالتالي التوافق على رئىس جمهورية هو بـ«بالضرورة» العماد ميشال عون.
وبحسب المعلومات فان التيار والحزب باتا مقتنعين بأن سياسة الانتظار هي سياسة قاتلة للبلد، فالصراع في سوريا يتصاعد، ومعه تتصاعد وتيرة الصراع الاقليمي، ودون توفر معطيات حاسمة حول احتمالات التسوية في المدى المنظور.
واذ تشير المعلومات الى جلسة الحوار الاخيرة في عين التينة على انها «جلسة استثنائية وبكل معنى الكلمة»، تقول ان الحريري لم يعد يستطيع ان ينتظر على باب السراي الحكومية اكثر مما انتظر، وقد زادته نتائج الانتخابات البلدية حاجة الى رئاسة الحكومة لتعويم وضعه السياسي والشعبي، وربما المالي ايضاً.
ـ اقترعوا للسيد حسن ـ
يضاف الى ذلك، ان الحزب بدأ يستشعر بدقة تداعيات الازمة الداخلية على قاعدته الشعبية، لا سيما في البقاع حيث يقال علناً ان الاوضاع في الصومال، لجهة الطرقات، واستشراء السرقات، وانعدام فرص العمل، قد تكون افضل من الاوضاع في العديد من مناطق البقاع.
ولم يعد سراً ان من انتخبوا لوائح الحزب في البقاع الاوسط، كما في البقاع الشرقي والشمالي كانوا يرددون علناً انهم يقترعون لـ«السيد حسن» ولـ«المقاتلين ضد داعش» و«النصرة» وليس للوائح.
ـازمتان (أزمة تيار المستقبل وأزمة «حزب الله») تصنعان رئىساً؟!ـ
وما يتردد ان تأكيدات وصلت الى تيار المستقبل بأن الحزب لا يعترض على «الادارة السنيّة» للبلد من خلال اتفاق الطائف، والصلاحيات العابرة للادارات والاجهزة لرئاسة الحكومة، ولكن على اساس الاتيان برئيس مسيحي قوي يؤمن «ميدانيا» التوازن الميثاقي بين المكونات الاساسية للبنان.
ـ ما قاله البطريرك لهولاند ـ
وفي هذا السياق، يندرج ما قاله البطريرك مار بشارة بطرس الراعي للرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند، اثناء لقائهما في قصر الصنوبر من ان المسيحيين يريدون اعادة الاعتبار الى «توقيع» رئىس الجمهورية الذي يحاصره النص الدستوري بالمهل، فيما هذا الحصار لا يشمل المرجعيات الدستورية والسياسية الاخرى، وصولاً الى الوزير الذي لا تقيده المهل.
الانتخابات البلدية، وبالرغم من الغبار الذي تثيره، لم تحجب مسألتين اساسيتين، انتخابات رئاسة الجمهورية وقانون الانتخاب، بالنسبة الى المسألة الاولى، ترددت معلومات سياسية وديبلوماسية على السواء بأن وزير الخارجية جبران باسيل اثار مع مسؤولين قطريين موضوع الاستحقاق الرئاسي في لبنان، مذكراً بالدور الذي اضطلعت به الدوحة في ايار 2008.
الآن، لا تسمح الظروف بانعقاد لقاء آخر هناك، ولكن ما يتردد يشير الى ان باسيل يريد دوراً لقطر لدى المملكة العربية السعودية التي طالما قيل انها هي من يضع الفيتو على الجنرال، ومنذ ان كان الامير سعود الفيصل وزيراً للخارجية، وقيل ان الامير الراحل كان ذا مزاج خاص، وذاكرة خاصة، اذا قال له شخص ما «لا» او لم يوافقه الرأي او لم يعامله على انه الآمر الناهي، يسقط من لائحته الى الابد.
هل يستطيع عادل الجبير ان يخرج من عباءة سعود الفيصل، حديث عن ان رئىس التيار قال ما ينبغي ان يقال، وطلب ما ينبغي ان يطلب من الدوحة بالنسبة الى رئاسة الجمهورية.
عزز ذلك بتصريح، اثر لقائه زميله القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، بالقول «ان لبنان سيكون دائماً جزءاً مكوناً اساسياً من هذه المنطقة ومن هذا العالم العربي، لا ينسلخ عنها، وهو ما يتمسك به اخواننا العرب ودولة قطر، ويتمثل هذا الامر بالحفاظ على افضل العلاقات الثنائية لان ما يجمع الشعبين لا تزيله لحظة او محطة معينة شابتها التباسات عديدة، وان العلاقات ستبقى راسخة ونعمل على تعزيزها اكثر».
ـ احياء الهبة السعودية ـ
والسؤال ما اذا كانت الرياض قد صفحت عن وزير الخارجية، اذ ان مرجعاً عسكرياً لبنانياً رفيعاً تحدث عن «بارقة أمل» بالنسبة الى الهبة العسكرية للجيش، ردد العبارة أكثر من مرة، فهل هو المسعى الفرنسي ام ان هناك جهات اخرى وظروفاً أخرى.
ثمة سيناريو في رأس الرئىس نبيه بري حول الانتخابات النيابية التي تعقبها، للحال، انتخابات رئاسية. كلام عن شيء ما يطبخ وراء الضوء بتقاطع جهود داخلية مع جهود خارجية.
اما الرئيس تمام سلام، فرأى انه «لم يعد مستحيلاً البناء على انجاز الانتخابات البلدية للتقدم نحو محطات اخرى من الممارسة الديموقراطية، من اجل احياء حياتنا السياسية، واعادة بناء هيكلنا الدستوري، واول ركائزه رئاسة الجمهورية، وليس مستحيلاً التوصل الى قانون انتخاب عصري والذهاب نحو انتخابات عامة تعيد تجديد المجلس النيابي».
ـ العواقب الخطيرة ـ
الاثنان (بري وسلام)، وتبعاً لما تذكره مصادرهما على قناعة تامة بأن المراوحة ان بقيت ستدفع بالبلد الى عواقب خطيرة، وقد يفضي خلط الاوراق على ذلك النحو الدراماتيكي، الى الحد من الدوران حول قانون الانتخاب العتيد بانتاج صيغة تنسق مع الخارطة الجديدة للعلاقات وللتحالفات.
وفي خضم النقاشات حول انتفاء الظروف التي فرضت التمديد مرتين للمجلس النيابي، رأى الوزير السابق زياد بارود «ان المجلس الدستوري ترك النافذة مفتوحة لوضع حد للتمادي في استعمال الظروف الاستثنائية مطية لتمديد غير دستوري نعلم تماماً خلفياته السياسية المقنعة بلباس الدستور والقانون، وبذلك اقفل باب التمديد واعاد فتح باب دورية الانتخاب، ملقياً على السلطة التنفيذية موجب اجراء الانتخابات النيابية فوراً.
ـ نصرالله: لا اعداء ـ
الى ذلك، وفي «يوم الجريح»، اضاء الامين العام لـ«حزب الله» على بعض النقاط المتعلقة بالانتخابات البلدية، مؤكداً «اننا لا نعتبر الذين كانوا في لوائح مواجهة لنا في البقاع او في المراحل الاخرى اعداء لنا انما هم اهلنا». اضاف «لقد اتخذنا قراراً بأن تكون تحالفاتنا السياسية منسجمة مع وضعنا السياسي، ولا يمكنني ان اقول لجمهور «حزب الله» ان يصوت ويكون رافعة لاعادة احياء سياسي (لمن وقفوا ضد الحزب)، اذ بذلك نحمّل قواعدنا ما لا يطاق حتى ولو كانت هناك مصلحة سياسية».
واوضح «ان هذا ليس اعتراضاً على خيارات حلفائنا. ونحن اتخذنا قراراً بتفهم حلفائنا» متوجهاً اليهم بالقول «اننا ملتزمون معكم سياسياً واخلاقياً وادبياً لكننا لسنا ملزمين بمن تتحالفون معهم اذا كانوا خصوماً سياسيين».
واذ تطرق الى موقف الحزب من انتخابات بيروت وزحلة، اكد «اننا نريد الحد الادنى من التوتر في البلد».