إذا كنت من عشاق البرامج "المحترمة" فنصيحة لك بأن لا تشغل بالك في البحث عنها في التلفزيون لأن الساحة اليوم باتت تحتلها البرامج "التافهة" ذات المضمون الفارغ. فقد كثرت في الأونة الأخيرة البرامج التي تقدم فقرات لا قيمة لها في حين بات من الصعب أن تجد برنامجا ثقافيا أو إجتماعيا واحدا.
هذه الموضة الجديدة والتي فرضت نفسها على المحطات سببها الجمهور المتعطش لبرامج تهربه من المتاعب اليومية وتقدم له شيء من الترفيه.
إن إقبال المشاهد على هذه النوعية من البرامج عزز إتجاه المحطات إلى زيادة عددها,خاصة وأن ذلك يجذب المعلن الساعي إلى عرض إعلاناته في أوقات تكون فيها نسبة المشاهدة عالية ,ما يؤمن بدوره الربح المادي لأصحاب المحطات تلك.
إن هذه البرامج "التافهة" باتت تنافس البرامج السياسية وأبعدت البرامج الثقافية عن الواجهة. فصارت بعض المحطات تعرضها بشكل يومي في حين أن البرامج الهامة باتت شبه منقرضة.
إن بعض وسائل الإعلام لن تقصر في عملية إتلاف عقل المشاهد إن كان ذلك سيرد عليها الأرباح ولو كان ذلك على حساب برامج أهم أوعلى حساب سمعتها أيضا.
إلا أن أحد التلفزيونات الذي لا يزال يكافح هذا المرض المتفشي هو تلفزيون لبنان الذي يقدم عدة برامج تهم المواطن وترضي جميع الأذواق بالرغم من إمكاناته المادية والتقنية البسيطة.ولعل أن بساطة هذه الإمكانات تؤكد أن المحطات التي تقدم برامج "محترمة" ستعاني دائما إن لم تتجه نحو الإنحطاط.
إذا المشكلة خطيرة فعلا والمشاهد يتحمل الجزء الأكبر منها بمشاركة المحطات والمعلنين. هذه المشكلة تستدعي وقفة جدية من كل محطة لإعادة النظر في نوعية البرامج التي تقدمها,لا سيما أن الكثير من المشاهدين اليوم يتعطشون لبرامج ذات قيمة.والمطلوب ليس إلغاء هذه البرامج,بل زيادة عدد البرامج الجيدة ودعمها من قبل المعلنين.
وعلى صعيد تلفزيون لبنان,فإنه لا بد من دعمه من قبل الحكومة بشكل جدي وإبعاده عن الصراعات السياسية الحاصلة في البلد ليعود-وكما كان-المحج الأول للمشاهد.
وبناءا على ذلك, فهل تعود البرامج الراقية إلى الواجهة من جديد, أم أننا سنبقى غارقين في مستنقع التفاهة؟