تعريف الإمامة : يقول الشيخ المفيد : "أن الإمام هو الإنسان الذي له رئاسة عامة في أمور الدين والدنيا نيابة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ". (النكت الاعتقادية ،ص39) ويقول السيد محسن الأمين : "إنها واجبة وإنها رئاسة عامة في أمور الدين والدنيا لشخص من الأشخاص نيابة عن النبي صلى الله عليه وآله".
(أعيان الشيعة ،ج1 ،ص107) إذا تعريف الإمامة هي : "الرئاسة العامة في أمور الدين والدنيا لشخص نصبه الله تعالى واختاره" وإذا أسقطنا هذا التعريف على لفظ إمام في هذه الآية :{وإذا ابتلى ابراهيم ربه..} فتصبح الآية :"إني جاعلك للناس أميرا ورئيسا ،حاكما عليهم في أمور دينهم ودنياهم "فهل هذا الإسقاط صحيح ؟؟؟ طبعا غير صحيح بسبب أن إبراهيم عليه السلام لم يكن أميرا ولا رئيسا ولا حاكما.
وهنا نقول :
إما أن نقول إن الله سبحانه أراد جعل إبراهيم عليه السلام إماما بمعنى قدوة وليس إماما بالمعنى الاصطلاحي للإمامة عندنا ،وهذا هو الأصوب.
إن إبراهيم عليه السلام لم يكن خليفة وحاكما مطاعا وإنما كان قدوة ونموذجا للتأسي والإتباع ،والإمام عندنا هو الخليفة أو الحاكم المتصرف في أمور الناس بتعيين من الله وليس القدوة المجرد عن ذلك ،ولو كان الله تعالى قصد بالإمامة التي جعلها له ما ذهبت إليه الإمامية لما تخلف وعد الله له ولصار حاكما مطاعا فعلم من ذلك أن الله تعالى لم يقصد بالإمامة ،الحكم والتصرف ولذلك فرق الله تعالى بين داود وإبراهيم في اللفظ فقال لداود عليه السلام {ياداود إنا جعلناك خليفة في الأرض}(البقرة : 124) بينما قال لإبراهيم عليه السلام :{إني جاعلك للناس إماما } لأن داود كان خليفة وحاكما ومتصرفا وإبراهيم لم يكن كذلك .
ملاحظات أخرى :
أولا : لقد تخطى النبي إبراهيم من مرحلة النبوة إلى مرحلة الإمامة وهذا ما لم يحدث للأئمة عليهم السلام فالأئمة لم يكونوا أنبياء ويؤيد ذلك جملة من الروايات منها : روى الكشي في الصحيح عن أبي بصير ، قال :"قال أبوعبدالله عليه السلام :"يا أبا محمد أبرء ممن يزعم أنا أرباب ،قلت برء الله منه .فقال :إبرء ممن يزعم أنا أنبياء .
قلت : برء الله منه"(رجال الكشي،ح529) ثانيا : قال تعالى عن إبراهيم عليه السلام : {وجعلنا في ذريته النبوة والكتاب} (البقرة : 124) ولم يقل (النبوة والإمامة والكتاب) مع أنهم أئمة مما يدل على أن النبوة أرفع رتبة من الإمامة.
ثالثا :فول الله {جاعلك} تفيد المستقبل ، وهذا المستقبل متعلق بمن سيأتون من البشر الذين سوف يقتدون بإبراهيم وليس معنى الآية سوف أعطيك منزلة الإمامة التي لم تحصل عليها بعد .
نخلص إلى :
أن نيل الإمامة يكون بالتفضل من الله تعالى وليس بالاستحقاق المترتب على قيامهم بأعمال كانت السبب أو الشرط في نيلها ،والإمامة التي أثبتتها الإمامية ل(الأئمة) قدرية كائنة مع الإمام منذ وجوده ،بينما إمامة إبراهيم عليه السلام حسب قول الإمامية حادثة بعد أن لم تكن ، فهي ليست قدرية تكوينية ،فأما أن تكون الإمامة حادثة كإمامة إبراهيم عليه السلام فهي ليست الإمامة التي أثبتناها للأئمة وأما تكون غيرها وعندئذ فلا وجه للاحتجاج بها بإمامة إبراهيم عليه السلام.
يتبع ...