يجد رجلا الأعمال الإيرانيّان النافذان بابك زنجاني ورضا ضراب نفسيهما الآن في مأزق مريع. فزنجاني، أحد أقطاب الأعمال الأكثر شهرة في إيران، قد حكم عليه بالإعدام بعد أن نُسِبت إليه تهمة عدم تسديد الأموال المستحقّة لوزارة النّفط من صادرات النّفط التي رتّبها في فترة العقوبات على إيران. أمّا ضراب، رجل الأعمال الإيراني الأصل الذي جرت تبرئته منذ سنوات قليلة من تهمة الرّشوة، والفساد والتّورّط في أعمال تهريب تضمّ عدّة أعضاء في مجلس الوزراء التّركي، فقد أصبح الآن رهن الاعتقال في الولايات المتّحدة بتهمة غسل الأموال، فضلاً عن تهم أخرى. وكان قد جرى توقيفه في فلوريدا بتاريخ 19 آذار بموجب قرار اتّهامي أودعته محكمة اتّحاديّة في مانهاتن.
في مقابلة مع "مونيتور"، يقول أمير عباس سلطاني، وهو مشرّع إيراني وعضو في اللّجنة البرلمانيّة المكلّفة متابعة قضيّة زنجاني، إنّ ضراب سافر عمدًا إلى الولايات المتّحدة ليجري القبض عليه هناك. وقال سلطاني: "لا فرق بين ضراب وزنجاني. بالإضافة إلى ذلك، ضراب شخص مهمّ، وهو الشّخصيّة الرّئيسيّة في قضيّة الفساد هذه الخاصّة (بـزنجاني)".
وأضاف سلطاني: "قام ضراب عمدًا بزيارة الولايات المتّحدة وسلّم نفسه على أساس خطّة معدّة مسبقًا. فبعد اطّلاعه على قضيّة زنجاني في إيران، استشعر خطرًا كامنًا في انتظاره. واعتقد أنّ المسؤولين الإيرانيّين سيقبضون عليه في حال بقائه في تركيا". وتابع: "كان ضراب يبحث عن ملاذ آمن بذهابه إلى الولايات المتّحدة. فقد كان مسؤولونا القضائيّون يتابعون قضيّته، ولم يكن الوضع في تركيا مناسبًا له مع تحسّن العلاقة بين طهران وأنقرة. فلو أدانه القضاء الإيراني، كان سيجري تسليمه لطهران بالاستناد إلى اتّفاقيّاتنا مع تركيا".
وبحسب سلطاني، "علم ضراب بعدم وجود أيّ اتّفاقيّة لتسليم المتّهمين بين إيران والولايات المتّحدة؛ ولذلك قرّر الذّهاب إلى الولايات المتّحدة. وهو ينتظر الآن ليرى متى سيهدأ الوضع وما سيحصل لزنجاني. فإذا جرى إعدامه (زنجاني)، يستطيع ضراب أن ينكر عددًا كبيرًا من الحقائق بعد موت زنجاني". في 27 نيسان، أعلن ضراب أنّه غير مذنب بأربع تهم تآمر، بما في ذلك مؤامرة احتيال مصرفي وغسل أموال؛ وتترتّب على هذه التّهم عقوبة أقصاها 75 عامًا من السّجن. وكان ضراب قد أنكر في وقت سابق التماسه الحصول على كفالة في فلوريدا حيث جرى اعتقاله. وبحسب رواية سلطاني "ضراب هو أحد المقرّبين المؤتمنين على أسرار زنجاني وكذلك أحد كبار مدراء شركاته. أسّس كلاهما أكثر من 70 شركة كان ضراب يدير عددًا كبيرًا منها".
وقال أيضًا عضو البرلمان الإيراني للمونيتور إنّ "ضراب غالبًا ما كان يزور إيران قبل توقيف زنجاني. وكان يحاول باستمرار أن يبعث لنا رسالة بأنّ لا علاقة تربطه بزنجاني. لكنّ الأمر واضح تمامًا بأنّه كان على صلة بزنجاني وكان أحد مدرائه".
وأكّد سلطاني أنّ "معظم أصول زنجاني في تركيا مسجّلة باسم ضراب". لكن منذ بضعة أشهر، زعم 'رسول كوهبايه زاده'، وهو محامي زنجاني، أنّ 'قدرت تنجل'، أحد شركاء زنجاني، استولى بصورة غير مشروعة على بعض من أصول موكّله في تركيا. وأفاد سلطاني بوجود أكثر من 30 تهمة ضدّ زنجاني وضراب، بما في ذلك "سرقة أموال وزارة النّفط الإيرانيّة".
وأضاف قائلاً: "حكم على زنجاني بالإعدام لكنّه لا يصدّق أنّ الحكم سينفّذ بحقّه. ولذلك لم يأخذ عقوبة الإعدام على محمل الجدّ". وتجدر الإشارة إلى أنّ محامي وزارة النّفط الإيرانيّة أشار مؤخّرًا إلى أنّ حكم الإعدام الصّادر بحقّ زنجاني قد يتمّ إلغاؤه إذا أعاد الدّين الكبير إلى الحكومة. وبحسب سلطاني، "12,000 مليار تومان (4 مليارات دولار) مستحقّة لوزارة النّفط الإيرانيّة هي بين يدي زنجاني".
والجدير بالذّكر هو أنّ زنجاني بقي طوال سنوات يحوّل مليارات الدّولارات من عائدات النّفط الإيراني عبر شبكة من الشّركات الممتدّة من تركيا إلى ماليزيا والإمارات العربيّة المتّحدة. وفي إحدى المراحل، قال لمجلّة إيرانيّة إنّه جمع ثروة تصل إلى 10 مليارات دولار.
ولدى سؤاله عن الوقت الذي بدأ فيه مشروع زنجاني وضراب المزعوم، قال سلطاني: "كان هناك اتصال وعلاقة بين الحكومة الإيرانية السّابقة (بقيادة الرّئيس محمود أحمدي نجاد) وضراب. وهو كان قد كتب رسالة إلى الحاكم السّابق للبنك المركزي (الإيراني)".
وبحسب سلطاني، "أدّى أربعة من وزراء أحمدي نجاد دورًا في هذه القضيّة. فهم من أعطوا زنجاني السّيطرة على أكثر من 12 ناقلة ضخمة".
هناك افتراضات أيضًا حول وجود علاقة بين أحمدي نجاد ووالد ضراب، الحاج حسين ضراب. وتفيد إحدى المؤسّسات الإخباريّة الإيرانيّة بأنّه في خلال اجتماع يهدف إلى تشجيع أصحاب المشاريع في مدينة تبريز شمال غرب البلاد في العام 2007، قدّم ضراب الأب اقتراحًا إلى أحمدي نجاد حول تأسيس شركة الفولاذ SFK، وقد وافق الرّئيس آنذاك على الاقتراح في الاجتماع عينه. ولدى سؤاله عن صورة تجمع ضراب الأب بمسؤول في حكومة أحمدي نجاد، قال سلطاني للمونيتور، "لم أتوصّل إلى استنتاج حول علاقة والد ضراب بمحمود أحمدي نجاد".
بالإضافة إلى ذلك، لدى التطرّق إلى موقف الحكومة التّركيّة من قضيّة زنجاني، قال سلطاني إنّ "الحكومة التّركيّة دعمت بابك زنجاني ورضا ضراب. ورأينا أيضًا كيف أنّ المحكمة التّركيّة قامت بتبرئة ضراب بمساعدة النظام الحاكم". ولدى سؤاله عن سبب عدم تقدّم الرّئيس التّركي رجب طيب أردوغان لمساعدة ضراب، قال سلطاني: "كيف يمكنك أن تعرف أنّ أردوغان لم يساعد ضراب؟ هم لا يخرجون مثل هذه الأمور إلى العلن".
وردًّا على السّؤال ما إذا كانت إيران قد طلبت من الحكومة الأميركيّة تسليم ضراب إلى إيران، قال سلطاني، "لم تطلب إيران ذلك، لكنّني متأكّد أنّ (الأميركيّين) سيقولون إنّ محكمتهم العليا مستقلّة، وأنّهم لا يمكنهم التدخّل. لذلك، أعتقد أنّ احتمال تقديمهم أيّ مساعدة مستبعد جدًا".
وأضاف سلطاني، "لو قرّر المسؤولون الإيرانيّون التّحقيق في مسألة ضراب في وقت مبكر، لكانت معضلة زنجاني قد حلّت بالتأكيد الآن. لكنّه انتهز الفرصة ليبعد نفسه عن حبل المشنقة".
واختتم سلطاني بقوله إنّ "تعاون الولايات المتّحدة مع إيران سيسمح بمعرفة التفاصيل القليلة المتبقّية في قضيّة زنجاني. فضراب هو المفتاح (لـحلّ) هذه المشكلة".
(almonitor)