تتّخذ المعارك الانتخابية في بعض بلدات جبل لبنان طابعاً أكثر حدّية، خصوصاً أنّ الوقائع أظهرَت أنّ التحالفات الحزبية مبنية على المصالح الخاصة وليس على المبادئ العمومية التي تهمّ المجتمع. واللافت أنّ الأحزاب تتحالف في ما بينها عندما يكون هناك مصلحة لها، وتسعى إلى الوفاق في البلدات التي ترى أنّها لا تستطيع الانتصار فيها. وفي هذا الإطار برز التنافس في جونية، حيث يواجه «التيار الوطني الحرّ» والكتائب اللبنانية حزبَ «القوات اللبنانية»، في حين يخوض «التيار» و»القوات» معركة ضد الكتائب في سنّ الفيل، فيما يتواجه «التيار» و»القوات» في بسكنتا. يتوجّه ناخبو جبل لبنان إلى صناديق الاقتراع الأحد المقبل، حيث لم يتمكّن تحالف «القوات اللبنانية» و«التيار الوطني الحرّ» من الاتفاق، بل إنّهما يتنافسان في بلديات عدة، في وقتٍ انقسَم كلّ منهما بعضُه على بعض وتوزَّعوا على اللوائح في بعض البلدات.

وفي هذا السياق، تتواجه «القوات» و«التيار» في بلدات عدة، حيث لم يستطيعا تأليف لوائح مشتركة، بل إنّ كلّ ما حكِيَ عن تفاهمات شاملة ذهبَ أدراج الرياح، واللافت أنَّ هاتين القوّتين تتواجهان في بلدة معيّنة وتتحالفان في بلدة أخرى مع القوى المحلية أو رؤساء البلدية، عندما يدركون أنّهما لا يستطيعان الفوز بالبلدية.

إلى ذلك، استمرّت نسبة التصويت المتدنّية لـ»لائحة البيارتة» في اليوم الانتخابي الطويل الأحد الماضي بالتفاعل سلباً، وتردّدت أصداؤها في أرجاء «بيت الوسط»، مثيرةً تساؤلات كبيرة حول إمكان تأثير ما حصَل على العلاقة بين تيار «المستقبل» والحلفاء الذين غمزَ الرئيس سعد الحريري من قناتهم، في اعتبار أنّ ما حصَل كاد يُهدّد المناصفة.

مصادر «المستقبل»

وفي هذا السياق، أقرَّت مصادر بارزة في «المستقبل» لـ»الجمهورية» بأنّ ما حصل الأحد خلقَ مرارةً شديدة لدى «التيار»، وهو الذي يحمل راية المناصفة والعيش المشترك، معتبرةً أنّ مَن صوَّتَ لغير لائحة «البيارتة» كان يقول إنّه ليس مهتمّاً لا بالمناصفة ولا بالعيش المشترك، وقالت: «لو لم يصبَّ جمهورُنا في هذه اللائحة بالشكل الذي أقدمَ عليه، لكانت المناصفة والعيش المشترك في خطر، ونفتخر بأنّنا نحن من حَمينا المناصفة ونأسَف لأنّ الآخرين لم يقدّروا ماذا فعلوا، هذا إذا هم فعلوا، أمّا إذا تبيَّن أن لا مونة لهم على شارعهم، فذلك أسوأ بكثير».

وإذ جزَمت المصادر بأنّ تقويماً دقيقاً سيجري لِما حصَل، رفضَت الإجابة عن سؤال هل أنّ الثقة بالحلفاء لا تزال موجودة، وقالت: «من المبكر الحديث عن ذلك». وأضافت: «أخبرَنا حلفاؤنا أنّ 86 في المئة من الشارع معهم، لكن تبيّنَ أنّه إمّا أنّ هذا الكلام غير صحيح لأنّهم قالوا إنّهم لم يستطيعوا السيطرة على الشارع، وإمّا الكلام صحيح وأخذوا الناس إلى مكان آخر، وفي الحالين هناك مشكلة عندهم وليس عندنا».

وخَتمت المصادر: «إنّ الرئيس الحريري هو مَن حمى المناصفة، ولولا أصوات تيار «المستقبل»، لكانت الأمور أخذت منحى آخر، ونحن نفتخر بأنّنا حملنا المناصفة على أكتافنا وحميناها».

حوري

وكان عضو كتلة «المستقبل» النائب عمّار حوري قال «إنّ بعض من تَحالفنا معهم أمَّنوا لأنفسهم مقاعدَ في المجلس البلدي لكنّ أصواتهم ذهبَت في اتّجاه اللائحة المنافسة».

وأضاف: «ما يُزعجنا أنّ اللائحة كانت تحمل عنواناً أساسياً هو المناصفة والعيش الواحد المشترك»، مشيراً إلى أنّ تيار «المستقبل» أخَذ على عاتقه التزام هذا النهج»، ورأى أنّ «الامتناع عن دعم هذه اللائحة فيه نوع من الإخلال».

زهرا

في المقابل، سأل عضو كتلة «القوات اللبنانية» النائب أنطوان زهرا: «هل نحن أتباع لسيّد إسمُه «المستقبل» لنخونَه في الانتخابات البلدية؟»، مشيراً إلى أنّه على قدرِ استطاعة الجمهور النزولَ نزلوا، ولكنْ ماذا عن نسبة المشاركة في المناطق الأخرى؟».

ولفتَ إلى أنّ كلّ الناس قصّروا ويجب معالجة هذا التقصير بالحوار لا برميِ المسؤولية والاتّهامات على الآخر. وأكّد أنّه في الانتخابات البلدية وفي بيروت لم يجرِ أيّ تشطيب من «القوات»، مشدّداً على أنّ جمهور تيار «المستقبل» هو مَن شطّبَ «القوات» وليس العكس». وأضاف: «هم يشتكون تقليدياً أنّ هناك أُمرةً لا تردّ في «القوات»، هل أصبحَت «القوات اللبنانية» الآن لا تمون على محازبيها»؟

وسأل زهرا:« لماذا لا نقول إنّ تيار «المستقبل» خانَنا في زحلة، ومع العِلم أنّه سيقف على حياد، فإنّ جمهورَه لم يلتزم ذلك».

«التيار الوطني الحر»

على المقلب الآخر، ظلّت انتخابات بيروت تتفاعل داخل أروقة «التيار الوطني الحرّ»، وكانَ لافتاً إعلان القيادي في «التيار» زياد عبس أنّه لم يتبلَّغ حتّى الساعة أيّ قرار بفصلِه، على رغم كلّ ما قيل، مؤكّداً «أنّ سوءَ إدارة ملفّ الانتخابات البلدية والاختيارية في بيروت، وكلّ ما نتجَ عنها من ترشيحات ونتائج وردّات فعل، ولا سيّما تهميش إرادة هيئة القضاء والهيئات المحلّية في اختيار المرشّحين المناسبين، كلّ ذلك، يتحمّل مسؤوليتَه «المفاوض الوحيد» المكلّف إدارة هذا الملف».

واعتبَر أنّ «ردّة فعل هيئة القضاء وعونيّي بيروت، يتحمّل مسؤوليتَها العماد ميشال عون»، وأضاف: «منه تعلّموا ألّا يقبلوا بأقلّ مِن ما يستحقّون وأن يختاروا هم مَن يمثّلهم وألّا يصوّتوا لغير قناعتهم، وطالما ردّدوا معه، «إذا كان الرفض متعِباً، فإنّ القبول مميت».

برّي

إلى ذلك، نَقل النواب عن الرئيس نبيه برّي بعد «لقاء الأربعاء النيابي» ارتياحه إلى حسنِ سير المرحلة الأولى من الانتخابات البلدية، مؤكّداً ضرورة أن تُستكمل بقيّة المراحل في ظلّ هذه الأجواء.

وقال إنّنا أصبحنا أكثر حاجة اليوم لإنجاز قانون جديد للانتخابات والخروج من دائرة المراوحة، لأنّه يشكّل مفتاح حلّ أزماتنا السياسية. وجدّد القول إنّ التوافق على هذا القانون يفتح الباب أمام إجراء الانتخابات النيابية في أيّ وقت، مؤكّداً في الوقت نفسه أن لا تمديد للمجلس بأيّ شكل من الأشكال بعد اليوم.

المشنوق

وكان وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق اعتبَر «أنّ التجاذبات السياسية الحادة، لم تؤثّر على عمل البلدية فقط، بل على الحياة العامة بأكملها، من توقّفِ التشريع، إلى عدم انتخاب رئيس للجمهورية، إلى زواج بالإكراه في مجلس الوزراء».

نصر الله

وفي هذه الأجواء، وفيما تشخص الأنظار إلى ما سيقوله الأمين العام لـ«حزب الله» السيّد حسن نصرالله في احتفال «يوم جريح المقاومة الإسلامية» الذي يُقام عند الساعة الرابعة والنصف عصر اليوم، في إطلالة هي الثانية له منذ أسبوع، علمت «الجمهورية» أنّ كلمة نصرالله ستنقسم إلى قسمين، حيث سيتحدّث في القسم الأوّل عن المناسبة، مرَكّزاً على تضحيات جرحى المقاومة وعلى وضع المقاومة ودورها في لبنان والمنطقة.

أمّا القسم الثاني فسيُخصّص للحديث عن نتائج الانتخابات البلدية في البقاع ودلالاتها، شاكراً مَن صوَّت للّوائح المدعومة من حركة «أمل» و«حزب الله»، وسيركّز على دور البلديات في خدمة الناس.

كذلك سيتحدّث نصرالله عن المراحل الانتخابية المقبلة في كلّ مِن محافظات جبل لبنان والجنوب والشمال. واستبعَدت مصادر متابعة أن يتناول نصر الله الشأن الإقليمي أو الملف الرئاسي، في اعتبار أن لا جديد على هذا الصعيد.

لجنة النازحين

على صعيد آخر، اجتمعَت اللجنة الوزارية لشؤون النازحين أمس برئاسة رئيس الحكومة تمام سلام، وتابعَت أوضاع النازحين السوريين في لبنان.
وقالت مصادر وزارية شاركت في اللقاء لـ»الجمهورية» إنّ البحث تركّزَ على المشاريع التي أعدَّها البنك الدولي وبعض الدول المانحة لتوسيع نطاق العمالة في مناطق انتشار النازحين السوريين لترميم البنى التحتية في المجتمعات المضيفة، وقيام بعض المشاريع الحيوية المتصلة بالواجهات البحرية في المناطق المعرّضة للفيضانات، بالإضافة إلى سلسلة مشاريع زراعية وصناعية تُعزّز الأوضاع الاقتصادية في المناطق المضيفة للنازحين وللإفادة من اليد العاملة السورية.

وبعد استعراض المشاريع المطروحة على لبنان، ولا سيّما تلك التي تبرّعت بتمويلها ألمانيا وبريطانيا بما يقارب 800 مليون دولار أميركي، تقرّر البتّ بها شرط التزام القوانين اللبنانية وتوفير فرَص العمل لليد العاملة اللبنانية والسورية، ما يَحول دون إقامة مستدامة للنازحين السوريين واستمرار العمل من أجل عودة النازحين الآمنة إلى بلادهم في أسرع وقت.

كما تقرّرَ في الاجتماع وضعُ تقرير نهائي بالمواقف اللبنانية التي تُعبّر عن قبول هذه الهبات وتحديد إطارها القانوني بما يمنع أيّ شكل من أشكال التوطين في لبنان، وحفظِ حقوق المواطنين ونقلِها إلى المراجع المعنية في الدول المانحة والبنك الدولي في الوقت عينه.

الإنترنت

وفي ملف الإنترنت غير الشرعي، وكما سبقَ وذكرت «الجمهورية»، فقد تحوّل موعد 11 أيار للتحقيق مع المدير العام لمؤسسة «أوجيرو» عبد المنعم يوسف دون أيّ قيمة بفعل بقائه خارج البلاد لأسباب صحّية.

ولأنّ مدير تكنولوجيا المعلومات في «أوجيرو» الدكتور توفيق شبارو قد وصَل إلى بيروت أمس الأوّل مِن مؤتمر للاتصالات عُقد في الولايات المتحدة الأميركية، فقد حضَر وزميله غابي سميرة أمس في الموعد المحدّد أمام قاضي التحقيق في جبل لبنان رامي عبد الله، فاستجوبَهما، في حين تغيّبَ يوسف عن الجلسة بداعي المرَض خارج البلاد، فاعتبَره القاضي عبدالله عذراً مقبولاً.

وعليه، فقد قرّر عبدالله استجواب يوسف في جلسة تعقَد في 23 الجاري إذا صحّت توقّعات وزير الاتصالات بطرس حرب بعودته إلى بيروت بعد إبلاله من الوعكة الصحّية التي أصابته في الخارج.

كما استمعَ عبدالله إلى مدير شركة «غلوبال فيشن» الموقوف توفيق حيسو الذي تقدّم وكيله فور انتهاء استجوابه بطلب لتخليةِ سبيله، وقد أرجَأ قاضي التحقيق البتّ بالطلب إلى اليوم.

إعتراف قضائي باعتذار يوسف؟!

وقالت مصادر قضائية لـ«الجمهورية» إنّ الإجراءات القضائية مستمرّة، ولا يمكن أن تتوقف آلية العمل القائمة بما تقول به القوانين المرعية الإجراء. ولفتت إلى أنّ استجواب يوسف أمرٌ لا نقاش فيه، وأنّ الحديث عن هرَبه إلى الخارج ليس له مكان في القضاء، وإذا لم يعُد كما هو متوقّع في الأسبوعين المقبلين سيكون القرار المناسب في الوقت المناسب، فلكلّ آن أوانه.

وجدّدت المصادر نفسُها التأكيد أنّها في انتظار الإذن من الوزير حرب لملاحقة الموظفين الثلاثة، يوسف وشبارو وسميرة، وإذا لم يأتِ الإذن فسيكون على النائب العام المالي القاضي علي ابراهيم رفع الرفض إلى مدّعي عام التمييز القاضي سمير حمود الذي يحقّ له إعطاء إذن مماثل للملاحقة إذا كانت المعطيات كافية لهذه الخطوة، وهو مَن يقدّرها ويُحدّد الخطوات الضرورية.