مضى نهارٌ آخر لم يتبدّل فيه المشهد. تجهّزت الشاشات باكراً لنقل انتخابات كان الظنّ أنّها مسلّية. شمس يوم الأحد ملائمة للنزهة أكثر منها لمتابعة شاشات يتوجّه معظمها إلى جمهوره بخطاب الأنا المذهبية المتورّمة.
تتحدّث "المنار" عن "روح رياضية"، ولعلّها تقصد لوائح التكليف الشرعي في البيئة الحاضنة. بدأت نشرتها بما هو عفوي يترك الوجوه مبتسمة: "فوز اللبنانيين قبل صناديق الاقتراع". "اللبنانيون" كلمة ساذجة، المقصود بها، على الأرجح، مَن زفّ إليهم الشيخ نعيم قاسم "النجاح الكامل" في بريتال وبعلبك. لعلّهم غير لبنانيي الطريق الجديدة الذين لن يكفّ "المستقبل" عن تأطيرهم بشخصية "أم خالد" الهزلية. خطابٌ مضاد يجمع السنّة بالشيعة. تجنّدت المحطة لتكون الطريق الجديدة أمّ الحدث. ثم بدا أنّ للشاشات أرضاً لم تطئها ومكاناً غريباً تدوسه بتعجّب وحيرة. تراءى التلفزيون في أحد أدواره ماكينة انتخابية صارخة. جهَّز ضيوفاً يحتفظ بهم لكلّ المناسبات وأعلنها حفلة ثرثرة. ضيوفٌ ينشطون في التفجيرات والاغتيالات وتحرير العسكريين وفوز اللوائح "زي ما هيّ" وفي اللحظة المجيدة حين يبارك نعيم قاسم انتصار "المقاومة"، مستحضراً دماء الشهداء للزجّ بها في لعبة تقاسم الغنيمة.
تحمّست الشاشات لتُقنع جمهورها بأنّ ما يحصل رهانات رابحة. الطوائف تتزاحم على الكسب والنهش والتفرّد، والشاشات بمعظمها تسير وراءها، بحسٍّ نقديّ معدوم وغالباً بأحقاد بائسة. راقب مقدّمات النشرات. ليت "الجديد" تملك إقناعنا بأنّ القصد من تعداد أخطاء سعد الحريري التحفيز على المحاسبة والنقد. في كلّ مرة ترفع فيها النبرة، تُثبت تسيّسها. كأنّها لولا هذا التسييس لأنتجت مقدّمة من دون لؤم قرأتها سمر أبو خليل بلا انفعالات درامية. مؤسف أنّ عبارة "عرس الديموقراطية" أطلقتها زميلتها اللدودة "أم تي في"، فراح نهاد المشنوق يستعيدها أينما عقد مؤتمراً صحافياً. "التوك شو" السياسي الممل عكّر مزاجية المساء، فلمس المُشاهد قيمة أن تعرض "أل بي سي آي" "الحرام" رغم تشوّهاته.