وافق العلامة المفكر السيد محمد حسن الأمين طرح البطريرك الماروني الكاردينال مار بشاره بطرس الراعي الذي قدمه في محاضرته في البرلمان الاوروبي في بروكسل حول الصراع الدائر في الشرق الأوسط وتأثيره على المسيحيين، والتي قال في نهايتها ان لإسلام مدعو لأن يتحرر من الأصولية، ويدخل عصر العولمة، ويتبنى الاعلان العالمي لحقوق الانسان، ولكن السيّد اعتبر ان هذا الطرح جزئي، وهو بحاجة الى رؤية أعمق تعالج الأسباب الحقيقية للمأزق الذي يعيشه العالم الاسلامي حاليا.

يقول السيد الأمين “ان كلمة البطريك الراعي والتي دعا فيها “الإسلام أن يتحرر من الأصولية، ويدخل عصر العولمة، ويتبنى الاعلان العالمي لحقوق الانسان”، مع موافقتنا المبدئية عليها، فهي لا تعالج أسباب التطرّف والتخلّف عن العصر عند المسلمين، وتبدو وكأنها شكل من أشكال الموعظة التي يتوجه بها رجال الدين عموماً نحو الجمهور، وهذه المواعظ إذا كان لها من تأثير فهو لا يتعدّى التأثير العاطفي المؤقت، ولا يشكل رؤية مدروسة للمشكلة التي يريد أن يعالجها، ولذلك فإنه من السهل أن يطالب المسلمين، أتحدث لديهم عملية الانتقال والتجاوز والتحوّل التي يشير إليها، والتي يعرف هو كما ينبغي، أن المسألة أكثر تعقيداً من ذلك بكثير، وأن المعطيات السلبية التي يحتشد بها عالم المسلمين يوجد في مقابلها تعقيدات أكثر خطورة وتشكل نسيجاً للنظام السياسي العالمي الذي نعيش فيه".

ويشرح السيد الأمين وجهة نظره من هذه المسألة قائلا ان “الإسلام كاجتماع في هذا العالم هو صورة معبرة عن طبيعة الأزمات التي كانت وما زالت تعصف بكيانه، وأحد هذه الأزمات الفاعلة والمؤثرة هي مرحلة من مراحل التاريخ المعاصر أو الحديث الذي شكل قاعدة لصراع استعماري بين الشرق والغرب. وإذا كان علينا أن نعترف أن الغرب استطاع أن يتقدم نسبياً وأن ينجز حلولاً إيجابية بشكل نسي أيضاً”.

وبرأي السيد الأمين “فإن تغييراً نوعياً في الاجتماع الإسلامي هو عملية مرتبطة بما هو أوسع وأكثر تعقيداً، فمعالجة العنف والإرهاب في عالمنا المعاصر وكما يعلم البطريرك الراعي هي ذات علاقة في الأزمات السياسية التي تعصف بعالمنا المعاصر، والتي يقع المسؤولية فيها على كثير من الدول المتقدمة، ولا يبعد أبداً أن تكون بعض هذه الدول المتقدمة وعلى رأسها أميركا، هي أحد العوامل المؤثرة وبصورة فاعلة وسلبية في إنتاج هذا النوع من العنف ما دامت السياسة الدولية وخاصة في الولايات المتحدة تقوم على معيار المصالح السياسية، وعلى السعي نحو النفوذ والسيطرة لدى شعوب العالم الإسلامي، وإذا أردنا أن نورد مثالاً فاضحاً، فانه علينا أن نراقب وبدقة، موقف الولايات المتحدة من الحرب المشتعلة في سوريا، والتي بدلاً من أن تنحاز فيها الولايات المتحدة إلى المساعدة في وقف هذا الصراع، فالمراقب يلاحظ تمام الملاحظة أن هناك حرصاً أميركياً على استمرار هذا الصراع تارة بالدعم الخطابي والقولي للمعارضة السورية من جهة، والسكوت عن العنف الذي يمارسه الارهابيون والنظام تجاه الشعب السوري دون أن يكون هناك أي تأثير للشعارات التي تتبجح فيها أميركا في إطلاقها والدعوة إليها، وعلى رأسها شعار حقوق الإنسان”.