دعت الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، الحائزة على جائزة نوبل للسلام لسنة 2015، السلطات إلى تفعيل عقوبات بديلة للحد من أزمة الاكتظاظ في سجون تونس.
وفي مؤتمر صحافي، دعا عبدالستار بن موسى رئيس الرابطة، الحكومة إلى تفعيل العقوبات البديلة للسجن مثل العمل للمصلحة العامة والغرامات المالية والسراح الشرطي والعفو الخاص.
كما دعا إلى مراجعة التشريعات التونسية الصارمة التي تعاقب بالسجن على “جرائم بسيطة” أو تجيز توقيف مشتبه بهم على ذمة القضاء لمدة أقصاها 14 شهرا، مشيرا إلى أن نحو 60 بالمئة ممن يقبعون في سجون تونس اليوم موقوفون على ذمة القضاء الذي لم يصدر بعد أحكاما باتة في شأنهم.
ونشرت الرابطة تقريرا بعنوان “السجون مؤسسات إصلاحية أو مؤسسات عقابية ومهينة للذات البشرية؟” هو الأول لمنظمة غير حكومية تونسية حول وضع السجون في البلاد.
وكان تقرير لمكتب مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان بتونس نشر قد سلط الضوء على حالة الاكتظاظ الشديدة التي تشهدها السجون التونسية بنسبة تصل إلى 150 بالمئة عن طاقة استيعابها، وهو ما أكدته الرابطة في تقريرها الأخير.
وجاء في هذا التقرير أن “الاكتظاظ أثر سلبا على مسألة النظافة، فمكوث السجناء لفترة طويلة بالغرف، وقلة مساحات التهوئة، ووجود بيوت الراحة داخل الغرف، مع قلة صيانتها وترك بقايا الأطعمة بهذه الغرف، كل ذلك أدى إلى انتشار الأوساخ وتفشي الأمراض خصوصا الجلدية”.
وتفتقر السجون التونسية إلى أطباء وممرضين دائمي الحضور لأنهم “لا يحبذون العمل بصفة دائمة ومباشرة في السجن” ما اضطر حراس السجون إلى “ممارسة التمريض دون أن يكونوا مختصين أو مؤهلين لذلك” حسب التقرير.
ونبهت الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان إلى أن سجون تونس لا تعتمد المعايير الدولية في تصنيف المساجين، حيث يتم الزج بـ”موقوفين ومحكومين” و”مبتدئين وأصحاب سوابق” و”خطرين وغير خطرين” في زنزانة واحدة.
ولاحظت أن عدم الفصل بين المساجين بحسب تصنيفهم أدى إلى “انخراط في تعاطي المخدرات إما استهلاكا وإما ترويجا، وهي من المظاهر المنتشرة داخل السجون التونسية”، كما أدى إلى “استقطاب” و”تطرف” مساجين حق عام محبوسين في زنزانات واحدة مع مساجين الإرهاب.
وتحوّلت السجون التونسية إلى فضاء لتفريخ الجهاديين واستقطاب الشباب الضالع في قضايا حق عام متعلقة بتعاطي المخدرات أو السرقة، ليتحولوا إلى مناصرين للسلفية الجهادية يتحركون تحت لواء أنظمة متشددة تعمل على نسف الدولة المدنية في تونس وتثبيت أركان دولة الخلافة.
وسبق أن أفاد المدير العام للسجون في تونس، صابر الخفيفي بأنه “لم يتم إعداد زنزانات خاصة لإيواء المتهمين في قضايا تتعلق بالإرهاب”، مؤكدا أنه يتم إيواؤهم بالوحدات السجنية مع بقية المساجين العاديين.
ووصفت تقارير إخبارية السجون في تونس بـ”المدارس المعدة لتخريج المتشددين دينيا”، عوض أن تكون مؤسسة إصلاحية فاعلة تعمل على الحد من الجرائم والحفاظ على السلم الاجتماعي.
وأشارت تحقيقات صحافية إلى أن العديد من المتشددين التونسيين الذين يقاتلون في صفوف تنظيمي داعش وأنصار الشريعة تم استقطابهم وتأطيرهم من داخل السجون، فأحمد الرويسي أحد أبرز قيادات أنصار الشريعة المحظور في تونس دخل السجن قبل أحداث 14 يناير2011 بتهمة الشعوذة والاحتيال والاتجار في المخدرات ليغادره إرهابيا حاملا للفكر الجهادي.
هذا ورصدت المنظمة التونسية لمناهضة التعذيب (منظمة غير حكومية) خلال عام 2015، ما يقارب 250 حالة تعذيب وسوء معاملة، أغلبها في السجون ومراكز الإيقاف الأمنية.
وقالت الحقوقية راضية النصراوي، إن ”عدد الملفات ناهز 250 ملفا في 2015، فيها سوء معاملة وتعذيب وهناك منظمات دولية ووطنية أخرى في تونس تتلقى ملفات أيضا، مثل الرابطة التونسية لحقوق الإنسان، والمنظمة العالمية لمناهضة التعذيب”.
وجاءت تصريحات النصراوي خلال مؤتمر صحافي بالعاصمة تونس، السبت، لتقديم التقرير السنوي الإحصائي للمنظمة التونسية لمناهضة التعذيب 2015.
وكشف التقرير الذي وزعته المنظمة، أن التجمعات السكانية الكبرى في البلاد على غرار العاصمة تونس تستأثر بـ51 بالمئة من مجموع حالات التعذيب، وحول الجهات المعنية بالتعذيب فقد استحوذت الشرطة على 65 بالمئة من الحالات التي وصلت المنظمة، وأن 72 بالمئة من ضحايا التعذيب هم من فئة الشباب.
العرب