غريب أمر القوى السياسية، تعجز عن أبسط واجباتها في انتخاب رئيس للجمهورية، وتتباهى في الفوز بمختار في الأشرفية، أو بلدية في البقاع من بين عشرات البلديات. تتذرّع بمخاوف أمنية لعدم إجراء الانتخابات النيابية، وهي في الحقيقة لا تخاف إلّا على مناصبها ومقاعدها. سقطت الذرائع الأمنية أمس عندما نزل المواطنون إلى صناديق الاقتراع لاختيار مجالسهم البلدية والاختيارية في بيروت والبقاع، فيما يستمرّ النواب في التقاعس عن النزول إلى المجلس النيابي لانتخاب رئيس للجمهورية، أو إقرار قانون للانتخابات النيابية. وقبل أن تعلَن النتائج الرسمية لانتخابات بيروت والبقاع، انهمكَ اللبنانيون في التدقيق في نتائجها السياسية، وحجم تصويت كلّ فريق ضمن تحالفاته، وأسباب انكفاء أعداد كبيرة من المواطنين عن الإدلاء بأصواتهم. وفي المقابل سارَع البعض إلى الترويج بالفوز في مكان والتعتيم على التعثّر في أماكن. تَعدَّد الرابحون أمس، وكان أبرزهم الرئيس سعد الحريري الذي ضمنَ بحيوية لافتة انتصارَ المناصفة بين المسيحيين والمسلمين في العاصمة، والديمقراطية التي أعيدَت الروح إليها، ووزارة الداخلية والجيش وقوى الأمن التي وفّرت الأمن على رغم كلّ الأعباء.
واكبَت «الجمهورية» العملية الانتخابية منذ ساعات الصباح الأولى، وتوزّعَ مندوبوها على مختلف المناطق، خصوصاً تلك التي شهدت معارك حامية، حيث تركّزَت المعركة في بيروت بين «لائحة البيارتة» التي يَرأسها جمال عيتاني، المدعومة من تيار «المستقبل» والقوى الحزبية الأخرى، في مقابل لائحة «بيروت مدينتي» برئاسة المهندس ابراهيم منيمنة، والتي نواتُها من المجتمع المدني، وأظهرت النتائج الأوّلية فوز «لائحة البيارتة»، بعد يوم اقتراع طويل لم يشهد أيّ إشكالات تُذكر، فيما وصلت نسبة الاقتراع إلى 20.14 في المئة. (التفاصيل صفحة 6).
أمّا في الأشرفية، الصيفي والرميل فكانت المعركة على لوائح المخاتير، لكن اللافت كان تسجيل خلافات داخل صفوف «التيار الوطني الحر» نتيجة عدم التزام بعض قياديّيه بالقرار المركزي (راجع صفحة 7).
وبقاعاً أظهرت النتائج الأوّلية فوز لائحة «إنماء زحلة» برئاسة أسعد زغيب على لائحتَي «زحلة الأمانة» برئاسة يوسف سكاف، و»زحلة تستحق» برئاسة موسى فتّوش، بعدما وزّع «حزب الله» أصواته على «التيار الوطني الحرّ» ولائحتَي سكاف وفتّوش، وانقسام الصوت السنّي، وسط تراشق الاتهامات بالرشاوى واستخدام المال الانتخابي (التفاصيل صفحة 8).
وفي بعلبك الهرمل فازت اللوائح المدعومة من تحالف «حزب الله» وحركة «أمل» في معظم المدن وخصوصاً في بعلبك والهرمل، بينما سُجّل يوم هادئ في عرسال التي تخطّت نسبة الاقتراع فيها الـ 60 في المئة (راجع الصفحتين 9 و11).
كما واكبَت «الجمهورية» مجريات المعركة الانتخابية ورصَدت شكاوى المواطنين من غرفة العمليات المركزية في وزارة الداخلية (صفحة 10).
ولا بدّ من انتظار إعلان النتائج الرسمية اليوم لقراءتها في شكل مفصّل وشامل لتوضيح الصورة بعيداً من الترويج والاستغلال السياسيين.
الحريري
وفي المواقف، شكرَ الرئيس سعد الحريري مساءً كلّ البيارتة الذين قاموا بواجبهم الانتخابي في «يوم عرس بيروت، وهو يوم ديموقراطي بامتياز». وتمنّى «أن تفتح هذه الانتخابات الباب للانتخابات الرئاسية والنيابية في المستقبل».
واعتبر أنّ غياب «حزب الله» عن «لائحة البيارتة» أمر إضافي لبيروت.
سلام
وأكّد رئيس الحكومة تمّام سلام أنّ» الانتخابات البلدية مطلب شعبيّ بامتياز، وهي من صلب نظامنا الديموقراطي، ونأمل أن تنعكس على استحقاقات أخرى، وأبرزها انتخاب رئيس للجمهورية».
المشنوق
وقد نجحت وزارة الداخلية في هذه الانتخابات أمنياً ولوجستياً وتقنياً، وأكّد الوزير نهاد المشنوق بعد اليوم الانتخابي الطويل في مؤتمر صحافي عَقده في وزارة الداخلية مساءً «أنّ اللبنانيين أثبتوا أنّهم يستحقون الحرية والديموقراطية وأنّهم جاهزون للاستحقاقات المقبلة»، وقال: «ما رأيناه في مراكز الاقتراع كفيل بالإجابة عن كلّ مَن راهنوا أو عملوا على تأجيل الانتخابات». ولفت إلى «أنّ الانتخابات التالية يجب أن تكون الرئاسية قبل النيابية، وأيّ كلام غير ذلك هو في إطار فتح مشكلة».
وكان المشنوق قد انتقل صباحاً إلى البقاع واطّلع على سير العملية الانتخابية وترَأس اجتماعاً لمجلس الأمن الفرعي في سراي بعلبك. وجدّد تأكيده على أنّ «الانتخابات البلدية والاختيارية هي الخطبة، والعرس الديموقراطي هو في إجراء انتخابات رئاسة الجمهورية، وأشار الى أنّ مشاركة المواطنين بالانتخابات دليل إيمانهم بالديموقراطية والانتخاب كوسيلة وحيدة لإيصال الممثلين الى السلطة.
وفي نهاية العملية الانتخابية أكّدت قيادة الجيش عدم «تسجيل حوادث أمنية، باستثناء بعض الإشكالات المحدودة في عدد من المناطق، بحيث عملت قوى الجيش بالتنسيق مع القوى الأمنية على تطويقها ومعالجتها بصورة فورية».
حمادة
وأعرب النائب مروان حمادة لـ»الجمهورية» عن سروره الشديد لإجراء استحقاق الانتخابات البلدية والاختيارية أيّاً كانت نتيجته، ملاحظاً أنّ الإقبال في بعض المناطق جاء مخيّباً للآمال، وتمنّى «على الأجيال الطالعة والتي ستتسلّم إنْ شاء الله وقريباً مقادير الحكم والبلد، أن توليَ الاقتراع الانتخابي الديموقراطي اهمّية أكبر».
وإذ ذكّر حمادة بأنّ طرابلس والحدود الشرقية والضاحية الجنوبية ومناطق لبنانية عدة كانت تشهد تفجيرات، ما حالَ دون إجراء الانتخابات النيابية، اعتبَر أنّ «الأمر الوحيد الذي يؤخّر من الآن وصاعداً الانتخابات النيابية ليس أمنياً، وأتمنّى ان لا يعود أمنياً، إنّما هناك أمران لا بدّ منهما: إقرار قانون الانتخابات الجديد أو الاتفاق على إجراء الانتخابات مهما كلّف الثمن وفقاً للقانون الحالي»، مستبعداً حصول تمديد جديد آخر».
إلّا أنّ حمادة شدّد على وجوب ان نستفيد من هذه الفترة لانتخاب رئيس الجمهورية، آسفاً «أن يكون الامين العام لـ»حزب الله» السيّد حسن نصرالله قد أخّرَ الحلول الى ما بعد الانتخابات الرئاسية الاميركية متمنّياً أن لا يكون في ذهنه أو ذهن بعض حلفائه تعليق الأمور الرئاسية حتى هذا الاستحقاق».
فتفت
بدوره، رفضَ عضو كتلة «المستقبل» النائب احمد فتفت اعتبار ما جرى امس بأنه عودة موقّتة الى الديموقراطية، وقال لـ»الجمهورية»:»ما جرى عمل محلّي انمائي عائلي غير مرتبط بالوضع السياسي في البلد.
فإذا أرادوا فعلاً إعادة تحفيز العمل السياسي فيجب ان يُجمِع الجميع على انتخاب رئيس جمهورية وننطلق منها الى قانون انتخابات جديد وانتخابات نيابية، ولكن لنكُن صريحين، حتى الآن لا يبدو انّ الوضع السياسي مؤهل لذلك، فالقوى التي ترفض إعادة تفعيل عمل المؤسسات وانتخاب رئيس لا تزال على موقفها، وكلام السيّد نصرالله الأخير يؤكّد أنّه لا يزال يضع فيتو على الرئاسة في انتظار تغييرات في الميدان السوري أو في ايّ مكان آخر يغيّر المعادلة لمصلحته وهو ما زال مصرّاً على أمرَين: الأول تعيين رئيس الجمهورية، ونحن نريد انتخابه، والثاني أنّه «مش فرقانة معو شي» بل ينتظر انهيار كلّ مؤسسات الدولة اللبنانية، لأنّ البديل في رأيه موجود عبر تنظيمه السياسي والعسكري والأمني».
غلايزر في بيروت قريباً
وبعيداً من الشأن السياسي، تترقّب الأوساط المصرفية والمالية كما السياسية وصولَ مساعد وزير الخزانة الأميركية لشؤون تمويل الإرهاب دانيال غلايزر الى بيروت في الأيام المقبلة حاملاً معه ملفّاً متكاملاً عن التفاصيل التطبيقية للمرسوم الخاص الصادر عن الكونغرس الاميركي الذي يستهدف مصادر تمويل مسؤولي ومؤسسات «حزب الله».
وقالت مصادر مصرفية ومالية لـ«الجمهورية» إنّ المسؤول الأميركي سيلتقي عدداً من الشخصيات المالية والمصرفية الرفيعة أبرزها وزير المال علي حسن خليل وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة ورئيس جمعية المصارف جوزف طربية، لإطلاعهم على مضمون المرسوم الاميركي، والإطلاع على الإجراءات التي اتّخذها لبنان، ولا سيّما التعميم الذي اصدرَه سلامة على المصارف والإجراءات التي باشرَتها جمعية المصارف التزاماً بمضمونها ولوقفِ ايّ انعكاسات سلبية يمكن أن تطاول القطاع المصرفي خصوصاً ولبنان مستقبلاً.
يوسف وشبارو
وفي ملف الإنترنت غير الشرعي، وكما ذكرَت «الجمهورية» يوم الجمعة، فقد أكّد وزير الاتصالات بطرس حرب أنّه تلقّى نسخة عن التحقيقات التي أجرتها النيابة العامة المالية مقروناً بطلب الإذن لملاحقة بعض الموظفين في وزارة الإتصالات، وهم الدكتور عبد المنعم يوسف والدكتور توفيق شبارو وكابي سميرة، وباشرَ بدرس الملف ليبنيَ على محتوى التحقيقات وما يُساق ضد هؤلاء الموظفين من اتهامات، وما يمكن ان يتّخذه من قرار قبولاً بإعطاء الإذن او عدمِه، على ان يصدر موقفَه في بداية الأسبوع الجاري، مع الإشارة الى انّه لا يزال على موقفه في تسهيل عمل القضاء.
وعليه، قالت مصادر قضائية لـ«الجمهورية» إنّ موعد 11 أيار الذي كان قاضي التحقيق في جبل لبنان رامي العبدالله قد حدّده للإستماع الى إفادة يوسف بات بحكمِ المؤجّل بعدما تمّ الأخذ بمضمون بيان الوزير حرب الذي استبعَد عودة يوسف الى بيروت قبل إبلاله من الوعكة الصحية التي أصابته في باريس، وهي غير متوقّعة قبل العشرين من أيار الجاري، وكذلك بالنسبة الى مدير تكنولوجيا المعلومات في أوجيرو الدكتور توفيق شبارو الموجود خارج لبنان بسبب مشاركته في مؤتمر للاتصالات في الولايات المتحدة الأميركية.
تعيينات تلفزيون لبنان
وإلى ذلك، يعقد مجلس الوزراء جلسته العادية عصر الخميس المقبل في السراي الحكومي، وقد عمّمت الأمانة العامة للمجلس نهاية الأسبوع الماضي جدول أعمال الجلسة، وفيه 120 بنداً، من أبرزها اقتراح وزير الإعلام رمزي جريج إجراء تعيينات جديدة في رئاسة وعضوية مجلس إدارة تلفزيون لبنان وقضايا إدارية وماليّة مختلفة.
وعلمت «الجمهورية» أنّ جريج سيقترح ثلاثة أسماء كاثوليكية لرئاسة مجلس إدارة التلفزيون: الرئيس الحالي للمجلس طلال مقدسي، الزميل كميل منسى، وعميد كلية الإعلام السابق الدكتور جورج كلّاس، ولعضوية مجلس الإدارة أرثوذكسياً واحداً هو المحامي شوقي ساسين، ودرزيّاً واحداً هو زياد شيّا وشيعياً واحداً هو ذو الفقار عيدي، ومارونيَين إثنين هما: عميد كلية الإعلام جورج صدقة والدكتور جورج جبور وسنّيَين إثنَين هما: الزميل سمير منصور وغالب الأيوبي.
وقالت مصادر وزارية لـ«الجمهورية» إنّ هذه التعيينات لن تمرّ بسبب التمايز في اقتراح اسمَين أو ثلاثة اسماء لمواقع، وإسم واحد لمواقع أخرى، دون أيّ خيار ثانٍ، في محاولة لفرض هذه الأسماء، وهو ما سيَعوق بتَّ هذه التعيينات في هذه الجلسة.
الجمهورية : عودة الديموقراطية من الباب البلدي والنتائج الرسمية تكشف «الخبايا» اليوم
الجمهورية : عودة الديموقراطية من الباب البلدي والنتائج...لبنان الجديد
NewLebanon
|
عدد القراء:
428
مقالات ذات صلة
الجمهورية : السلطة تحاول التقاط أنفاسها... والموازنة تفقدها...
الاخبار : السفير الروسي: الأميركيّون يهيّئون لفوضى في...
اللواء : باسيل يتوعَّد السياسيِّين.. ورعد...
الجمهورية : مجلس الوزراء للموازنة اليوم وللتعيينات غداً.....
الاخبار : الحريري بدأ جولة...
اللواء : هل يستجيب عون لطلب تأجيل جلسة المادة...
ارسل تعليقك على هذا المقال
إن المقال يعبر عن رأي كاتبه وليس بـالضرورة سياسة الموقع
© 2018 All Rights Reserved |
Powered & Designed By Asmar Pro