يحتفل لبنان وسوريا هذا العام بعيد الشهداء وقد مضى قرن بالكامل على تاريخ أحكام الإعدام التي نفذتها السلطات العثمانية بحق عدد من الوطنيين السوريين في كل البلدين الشقيقين إبان نهاية الحرب العالمية الأولى ما بين فترة 21 أب 1915 وأوائل 1917.
وكان إختيار يوم 6 أيار مناسبة للإحتفال بهذا العيد، لأن عدد الشهداء الذين أعدموا في هذا اليوم من عام 1916 هو الأكبر عددًا، فالسادس من أيار من كلّ عام مناسبة وطنية في سورية ولبنان، نستذكر فيها كلّ عام أحكام الإعدام التي نُفذت بحقّ عدد من الوطنيين السوريين في دمشق وبيروت.
هذا العيد هو أيضاً عيد شهداء الصحافة في لبنان، لأن معظم الذين أُعدموا كانوا من أهل الصحافة والإعلام، فلطالما دفعت الصحافة اللبنانية ثمناً باهظًا في سبيل الحرية فداء لكرامة وسيادة لبنان، ففي 6 ايار 1916، اقتيد العشرات من الصحافيين الى مشانق بيروت، حيث عُلّقوا على حبال المشانق امام اعين الجميع.
ومن ابرزهم: أحمد حسن طبارة، سعيد فاضل عقل، عمر حمد، عبد الغني العريسي، الأمير عارف الشهابي، باترو باولي وجورجي حداد. فإن تلك الأجساد التي عُلقت على أعواد المشانق في ساحة المرجة في دمشق وساحة البرج في بيروت لم تكن سوى قافلة من قوافل شهدائنا في مسيرة الكفاح من أجل السيادة والكرامة، سبعةُ منهم في دمشق وأربعة عشر في بيروت، ليسطروا بذلك اسم سورية بماء الذهب على صفحات التاريخ المشرقة الخالدة، وليكونوا الأمثولة للأجيال المقبلة.
ها هي سورية اليوم، وبعد مرور قرن على حادثة شهداء أيار، ومنذ أكثر من خمس سنوات، ما زالت تزفُّ أبناءها يومياً في حرب لم تشهد البشرية لها مثيلاً في همجيتها، ولا زال لبنان يعيش الصعوبات منذ ذاك اليوم ولا تزال قوافل الشهداء تذهب في أتون حروب الحقد قافلة إثر قافلة.
وبعد مرور قرن على هذه الفضيحة يمر عيد الشهداء مرور الكرام نظرًا لإنشغال الجميع في لبنان بالإستحاق الإنتخابي البلدي والإختياري لا يمكنني سوى أن أتذكر هؤلاء الشهداء برؤوس مرفوعة وأن أحيي ذكراهم، لأنهم يستحقوا في ذكراهم تحية تخلّد أسماءهم في سجل الحرية، لأنهم سقطوا فداءً للبنان ودفاعًا عن إستقلاله وسيادته لكي تبقى الكلمة الحرّة والصادقة ويبقى لبنان منارة للحريات.