القائد العسكري السابق لحركة أمل ،السيد عقل حميّة، يظهر من الظل إلى العلن،بعد ربع قرن من آخر معركة خاضها في الضاحية الجنوبية بمواجهة حزب الله، حيث عمد إلى إحراق مقر العمليات العسكرية للحركة، وانسحب ليسيطر حزب الله بعد ذلك سيطرة تامة على ضاحية بيروت الجنوبية، فيلتحق بالركب الذين سبقوه للالتحاق بالمخطّط الإيراني للتدخل في الساحة اللبنانية الملتهبة، ابتداء من السيد إبراهيم أمين السيد، الذي كان يرأس مكتب حركة أمل في طهران، إلى السيد حسين الموسوي الذي أنشأ حركة أمل الإسلامية، والديراني الذي أنشأ المقاومة المؤمنة، مع عدد كبير من الكوادر والاعضاء الذين استقرّوا وانضووا إلى حزب الله.
تبقى ذكريات حمية مع رامي بليق في برنامج"بلا تشفير"، والغارقة في الحنين العاطفي وآلام الحقبة الملتهبة من تاريخ حركة أمل في اشتباكها المتواصل مع الحركة الوطنية والمقاومة الفلسطينية وحزب الله دون جدوى، ذلك أنّ مُعدّي البرنامج وضيفهم لم يُفلحوا في إضاءة خبايا تلك الفترة من تاريخ الحرب الأهلية اللبنانية، وتاريخ الاشتباك السوري( حافظ الأسد) والفلسطيني( ياسر عرفات)، لا بل تركّز الاهتمام على السخافات، والسبق الإعلامي، والتّهجم الشخصي على الضيف.
إلاّ أنّ أبرز ما يمكن تسجيله في هذه المقابلة، أن عقل حميّة لا يزال أسير العقلية الميليشاوية ، التي عاشتها حركة أمل، وغذّتها ظروف الحرب الأهلية، والاحتلال الإسرائيلي، والهيمنة السورية على لبنان، وهو يعتقد ، بسذاجة، أو براءة، أو بكليتهما، أنّ أبي مصطفى( حامل أمانة السيد موسى الصدر) ما زال على حاله، منذ ربع قرن، لم تُغيّرهُ رئاسة المجلس الممتدة على ربع القرن الماضي، أي من عمر انكفاء حمية عن المسرح السياسي والعسكري، ولم يُغيّره احتضانه لأكبر مجموعة ضغط ترتع في خيرات الدولة المنهوبة، فتحتكر المناصب النيابية والوزارية، والمناصب العليا في الدولة، وصولا إلى المراكز الأمنية والقضائية، ومن هول سذاجة السيد حمية، أنّه يدعو الأستاذ ،الذي تزحف جموع النواب كل يوم أربعاء إلى دارته، لنيل البركة، وأخذ النصيحة والموعظة، يدعوه لحضور جلسة حي السلم، وتحديدا موقع البرميل، ليأنس مع الذين تركت الحرب بصماتها على أجسادهم، ليجلس مع من فقد رجلاً أو يداً أو عيناً، في مسيرة بناء إمبراطورية نبيه بري الشامخة، يدعوه ليجلس مع سائق السرفيس وسائق الفان، وبائع الخضار، علّهُ يتذكر الذين صدقوا ما عاهدوا الله، فقضوا نحبهم، وانتظر ايتامهم المدد، لكن أسوار عين التينة عالية، وأعلى منها أسوار قصر مصيلح وجنّاته.