لم ينس العراقيون أنفسهم سجن "أبو غريب" الذي اشتهر بسوء معاملة أميركا للسجناء ومثل نقطة سوداء في سجل حقوق الإنسان، بيد أن التجربة السيئة السمعة تعاود الظهور في بلاد الرافدين.

يبدو أن حكومة حيدر العبادي ستمر بامتحان جديد فيما يخص انتهاكات حقوق الإنسان بعد أن كشف تقرير منظمة العفو الدولية الصادر في 3 أيار النقاب عن معتقلات سرية في العراق، يقبع داخلها مئات السجناء احتجزوا بتهم تتعلق بالإرهاب.

ظروف مأساوية داخل المراكز العشوائية

هذا التقرير الأممي صدر إثر زيارة وفد تابع لمنظمة العفو الدولية، من ضمنهم الأمين العام، سليل شاتي، إلى أحد مراكز الاعتقال الواقع في منطقة عامرية الفلوجة، ووجد 700 سجين محتجزين منذ عدة أشهر بتهمة الاشتباه بالإرهاب.

وفي تعليق عن هذه الزيارة، أكد أمين المنظمة، أن "أوضاع احتجاز السجناء شكلت صدمة كبيرة، حيث يحظى كل واحد منهم على مساحة لا تتجاوز متراً مربعاً، وليس هناك مساحة للاستلقاء"، على حد قوله.

ويتابع شاتي حديثه عن الأوضاع المزرية للمحتجزين بقوله: "الحمامات في نفس الغرف، وكمية الغذاء قليلة، والأوضاع بشكل عام مروعة جدا، مشيرا إلى أن عمليات الاعتقال العشوائي مست بشكل أكبر محافظة الأنبار، لا سيما سكان مدينتي الرمادي والفلوجة".

وأضاف شاتي: "لم توجه السلطات التهم بشكل رسمي لأي من المحتجزين، الذين قضوا أشهرا في الاعتقال، نظرا لعدم قدرة السلطات المحلية على التحقيق في قضاياهم".

وبين في هذا الصدد، أن "السلطات المحلية تقول إنه ليس لديها علم حول كيفية وصول هؤلاء إلى هذه المعتقلات، كما تعتقد بأن غالبيتهم أبرياء".

النظام القضائي في خطر

وبدورها، قالت مستشارة شؤون الأزمات في المنظمة، دونتيلا روفر، إن "مركز الاحتجاز يدار من قبل قوة مكافحة الإرهاب، ولديهم أربعة محققين فقط يعملون على معالجة القضايا".

ودعت المنظمة إلى "ضرورة تعزيز النظام القضائي في العراق، حيث تتعرض حقوق الإنسان لإساءات خطيرة بشكل دائم دون عقاب".

وفي هذا السياق، أكدت المفوضية العليا لحقوق الإنسان في العراق "عدم علمها بوجود مثل مراكز الاحتجاز هذه".

وأفاد أحد أعضاء مفوضية حقوق الإنسان في العراق، بأن هذه المراكز التي تحدثت عنها "أمنستي" هي مراكز احتجاز مؤقتة وتوجد في مناطق قتال عسكرية، ولا علاقة لها بوزارة العدل، لأنها ليست سجونا رسمية، بل مراكز احتجاز وتوقيف ينقل بعدها المتهمون إلى سجون رسمية تخضع للسلطة المركزية.

العبادي يتبرأ

هذه الإنتهاكات الجديدة في سجل حقوق الإنسان والحريات، دفع بائتلاف الحكومة العراقية إلى المطالبة بفتح تحقيق فوري حول كل السجون والمعتقلات سواء التابعة منها إلى وزارة العدل، أو الداخلية أو الدفاع، للتأكد من تطبيق القوانين والمعايير الإنسانية فيها، لافتين إلى أنهم "سيدعون إلى مناقشة هذا الأمر في أول جلسة من جلسات مجلس الوزراء، لتضع على المحك تأكيدات رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي باحترام حقوق الإنسان".

من جهته، جدد العبادي حرص حكومته على "الإلتزام بحقوق الانسان وتوفير الحماية للمدنيين في الحرب ضد الإرهاب وتأمين متطلبات عمل منظمة العفو الدولية من خلال إكمال اجراءات مقرهم ودخولهم".

وبحث العبادي في بغداد منذ يومين مع الأمين العام لمنظمة العفو الدولية سليل شيتي والوفد المرافق له اوضاع النازحين والسجون والحرب على عصابات داعش الارهابية وحماية المدنيين.

وشدد على حرص الحكومة العراقية، ومنذ تسلم رئاستها، على الالتزام بحقوق الانسان وتوفير الحماية للمدنيين في الحرب التي تخوضها القوات ضد الإرهاب، وقال إنه صدرت توجيهات للقوات الأمنية والعسكرية الالتزام بحقوق الإنسان.

(روسيا اليوم)