يبدو أن الحلقة المفرغة التي يعيش فيها اللبنانيون لن تنكسر إلا بتبدل كبير في التحالفات السياسية التي بدأت تظهر معالمها من خلال التفاهمات الجانبية، كتفاهم "القوات اللبنانية" و"التيار الوطني الحر"، وتفاهم النائب سليمان فرنجية والرئيس سعد الحريري، فهل يكون ذلك من خلال تفاهم ما بين "القوات" و"حزب الله"، وإن كان الجديث عن إمكانية هذا التفاهم لم يتخطَّ بعد حدود الإقدام على هكذا خطوة بهذا الحجم، ولكن هل يُنهي هذا التفاهم، في حال حصوله، الإصطفافات السياسية التقليدية في لبنان وهل يمكن أن يؤدي إلى إنتخاب رئيس جديد للبلاد؟
وعلى رغم تأكيد مسؤولي "حزب الله" في كل لقاءاتهم أن الوقت لا يزال مبكراً للحديث عن تفاهم مع "القوات اللبنانية"، غير أنهم يقولون أن هذا التفاهم آتٍ وحاصل ولا مفرّ منه، في حال اكتملت ظروفه وشروطه. وما يقال في الحلقة الضيقة في "حزب الله" يقال الشيء عينه في معراب وفي الدوائر المحيطة بها.
وينطلق هؤلاء من ثابتة أساسية هي حاجة "حزب الله" إلى التحالف مع حزب يمثّل جزءاً أساسياً من المسيحيين، والأكثر نمواً من بين الأحزاب المسيحية.
لا يبدو أن "حزب الله" مستعجل لإتمام هكذا تفاهم، كما أنه غير مستعجل لإتمام الإستحقاق الرئاسي. ففي رأيه لا صوت الآن يعلو على صوت المعركة، وقد تكون المعركة طويلة..
ولكن ما هو أكيد، أن الرفض القاطع لأي تقارب مع "القوات" لم يعد بهذه الحدّية كما كان سابقاً، على رغم إقتناع "حزب الله" بإرتباط القوات أمنياً مع بعض العواصم العربية، لكن كل ذلك غير مهم عند القرارات السياسية الكبرى.
مصادر مطلعة ترى أن العائق الأساسي في مثل هذا التفاهم هو مسألة الديبلوماسيين الإيرانيين الاربعة المختطفين، وفي حال ساهمت "القوات" في كشف مصيرهم فلن يعود هناك أي مانع حقيقي للتقارب بين الفريقين.
بدورها لا تجد "القوات اللبنانية" أن هناك أي ضرورة حالية لقطع كل علاقاتها مع المملكة العربية السعودية، على رغم أنه فعلياً لا عودة إلى التحالف مع تيار "المستقبل"، "فالذي كُسر من غير الممكن أن يصلّح"، لكن علاقة القوات" بالمملكة غير مرتبطة بالحريري، وهي مستمرة حتى هذه اللحظة على رغم تبنيّ ترشيح رئيس القوات سمير جعجع للعماد ميشال عون لرئاسة الجمهورية.
وترى "القوات" أن القطيعة مع "حزب الله" غير مفيدة، وقد أرسلت له الكثير من الرسائل غير المباشرة كدليل عن حسن نية في تقليل التوتر الإعلامي والسياسي بينهما، مما يُمهد الطريق أمام تقبل البيئة المناصرة لتقارب سيكون محطة فارقة في الحياة السياسية اللبنانية.
لبنان 24