الليلة الاولى التي اغمضت عيناي بها بعد ثلاثة عشر ليلة من مأساة وجريمة حلب كانت حلب وما زالت هي الكلمة والوجع و الحرف والدمعة والصرخة تكلمنا كتيرا وحللنا وناقشنا بكينا وحزننا بلغ مداه اتلفت اعصابنا ولكننا كنا معهم كل اللحظة كانت من اشرس المعارك الافتراضية منذ نشأة الفيس بوك اشرس من انقلاب ابن اليهودية اشرس من مجزرة رابعة اشرس من غزة اشرس من تموز 2006 حلب اعطتنا من العنفوان والعزة والكرامة والاباء والشعور بالانتماء ما لم نشعر به منذ نعومة اظفارنا لا في البيت ولا في المدرسة والجامعة ولا في اي ندوة او محاضرة او مؤتمر او لقاء ولا حتى في كافة الكتب وشروح العقائد والتاريخ والسير .
الأمة مر عليها في تاريخها القديم والحديث الاهوال والنائبات والنوازل كوارث ومصاعب ملايين من البشر عربا اقحاح ماتوا بفعل تلك الحوادث بقيت اخبارهم ورحل الاعداء وعاشت الامة جيلا بعد جيل تخوض اشرس الحروب في تاريخ البشرية للحفاظ على وجودها .
لكن ما لم يشهده التاريخ هذا الكم الهائل من السقوط القيمي والاخلاقي والانساني وسقوط النخب والرايات والشعارات وتهاوي عروش وصعود اديان عديدة من الارض الى السماء لتعود وتسقط هي الاخرى . ولكن ما ابتليت الامة بجزار وسفاح وقاتل كابن انيسة ورفاقه كنا واعتقد اننا ما زلنا على شفا حفرة من اشرس حرب طائفية في الامة والعالم سيطل غدا من بيروت من سعر اوارها قبل خمس سنوات واطلق اول رصاصة في هذه الحرب.
واعلن ان كل من ليس معنا هو ارهابي تكفيري وهو امير الجنة يعطيها لمن يشاء ومتى شاء حسن نصرالله اعطته حلب درسا في اسطورة النصر الالهي والصمود وان دماء اطفالها اقوى من صواريخه الهيفاوية والمذهبية والطائفية ومن سيف انتماءه لعدو الامة التاريخي هو من اطلق مصطلح واهم ومشتبه عنده من يعتقد ان المقاومة عجزت او استدارت او تحولت.
لكن حلب رسمت خطوط الامة ومصالحها احتلالا ومقاومة جغرافيا وتاريخ واسقطت بدماء اطفالها الحلم الفارسي والصهيوني بحرب مذهبية بين السنة والشيعة يعتقد كل فريق مؤمن بهذه الحرب البغيضة انه بانتصاره على الاخر انتصر على العالم اجمع ونسي انه انما هو مهزوم اخلاقيا وانسانيا دينيا ووطنيا وقوميا في حرب الاخوة في الدم والدين والانتماء المنتصر الوحيد فيها هو العدو وليس لنا من عدو يقاتلنا في ديننا ووطننا وحقنا وشعبنا واهلنا الا ثلاثة الفرس والروس واليهود الغزاة الغاصبين.
امام حلب سقطت كل المعارك وام المعارك فلا التكليف الشرعي ولا شعارات الموت لاسرائيل الكاذبة ستعيد تاريخا مجيدا اسقطه خادم الفرس على اسوار حلب لم تعد تلك الخطابات العنترية ذات الاصبع من وراء الشاشات تلقي بالا عند احد او تجد صدى.
حلب اسقطت الجميع وهي وحدها من سيعيد رسم خارطة هذه الامة.
حلب تحترق سيذكرها التاريخ لالف عام.
كما ان حلب تنتصر ستغير وجه التاريخ لالف عام