طفت إلى السطح في الآونة الأخيرة مؤشرات على "تململ" روسيا تجاه الأزمة السورية، لا سيما تغير لهجتها من بقاء الرئيس بشار الأسد في سدة الحكم، مما يطرح تساؤلا بشأن هذا التغير: هل تعبت روسيا فعلا من تصرفات الأسد؟
وعلى الرغم من تجاوز التحالف بين موسكو والأسد علاقة رئيس مهدد بدولة مؤثرة، فإن ثمة مصالح وحسابات وفواتير بينهما لا تزال تنتظر الدفع.
وإذا كانت روسيا حتى الآن لا تبوح بأسرار خططها ومنعطفات مواقفها، إلا أن مؤشرات كثيرة توحي بأن الخط الساخن بين دمشق وموسكو قد يفقد حرارته قريبا.
وعلى مدار أكثر من 5 سنوات من عمر الأزمة السورية، اتسم موقف موسكو بالهبوط تارة والصعود تارة أخرى في التعامل مع الرئيس الأسد. إذ سلكت روسيا في البداية موقفا شبه محايد، سرعان ما تساوق مع موقف الأسد، وبات مؤخرا يتملص من الرجل ويؤكد على "سوريا الدولة" لا "سوريا الأسد".
ومع استمر مسلسل الحرب في سوريا، بقيت موسكو تدعم الحكومة السورية، وتعرقل أي خطوات في مجلس الأمن ضد الحكومة في دمشق، إلى أن دخلت على خط الأزمة السورية عسكريا في سبتمبر الماضي. لكن هذا التدخل لم يطل وسحبت غالبية قواتها من سوريا.
زيادة على ذلك، فقد أعلنت وزارة الدفاع الروسية سحب جميع طائراتها الحربية من طراز سوخوي 25 من سوريا، في خطوة قد لا تعني تخلي روسيا عن الحكومة السورية.
إلا أن هذه الخطوة جاءت متزامنة مع تصريحات وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، الذي أكد استمرار دعم بلاده لحكومة دمشق في محاربة الإرهاب، مشير في الوقت نفسه إلى أ"ن الأسد ليس حليفها".
"الدولة لا الأسد"
وقال الباحث في معهد الاستشراق الروسي نيكولاي سوخوف لـ"سكاب ينوز عربية" "إن روسيا تقود سياسة مستقلة حيال الأسد، ومن الصعب جدا على روسيا أن تؤثر على سياسة الحكومة السورية".
وأضاف أنه "يدور حديث داخل أورقة الرئاسة الروسية عن صعوبة التأثر على الأسد"، مؤكدا أن "الحفاظ على النظام يعني الحفاظ على الاستقرار، وليس شرطا أن يكون النظام هو الأسد، بل إدارة حكومية تقوم بواجباتها تجاه المواطنين".
بدوره قال الباحث الاستراتيجي عامر سبايلة إن "موسكو أصرت منذ البداية ألا تربط علاقتها مع الأسد كشخص، للحفاظ على الدولة السورية ومؤسساتها، ولم يكن هناك أي تصريح روسي مباشر يفيد أنها تقاتل من أجل الأسد".
وأضاف أن "مسار الأزمة ينجر حاليا إلى الرؤية السورية، المتعلقة بعدم استبعاد الأسد عن المشهد السياسي ضمن أي تسوية ممكنة، وهو ما جعل خيوط الأزمة تتشابك أكثر.
وبينما تخطو روسيا تجاه الأسد خطوة إلى الأمام وأخرى إلى الخلف، سيبقى موقف موسكو رهن التقلبات على الأرض، وقيد المفاجأة كما جرت العادة.
(سكاي نيوز)