تمكنت اللجان المشتركة في البرلمان اللبناني بعد أربع سنوات من اللقاءات والمشاورات المارثونية، من حصر مشاريع قانون الانتخاب البالغ عددها 17 والتي طرحتها القوى السياسية، في أربعة مشاريع.
وتقوم المشاريع الأربعة التي تم التوافق على طرحها للتصويت في الجلسة المقرر عقدها الإثنين القادم على صيغ الأكثرية والنسبية والمختلطة.
وهذا الإنجاز الذي يحسب للجان النيابية، في حصر عدد القوانين التي جاوز بعضها العقدين، لا يعني أن القوى السياسية باتت قريبة من تحقيق توافق حول واحد منها.
وتتبنى الحكومة اللبنانية المشروع القاضي بتقسيم لبنان إلى 13 لائحة على أساس النسبية، فيما يتبنى حزب الله الاقتراح القائل بجعل لبنان دائرة انتخابية واحدة على أساس النسبية، أما حزب الكتائب فيتمسك باقتراحه الذي ينادي باعتماد الدائرة الفردية.
وبالمقابل تتبنى حركة أمل المناصفة بين الصيغة الأكثرية والصيغة النسبية، فيما تيار المستقبل والقوات اللبنانية والحزب التقدمي الاشتراكي، يقترحون توزيع النسبة بين الأكثرية والنسبية بشكل تكون للصيغة الأكثرية نسبة 47 بالمئة فيما يمنح للصيغة النسبية 53 بالمئة.
أما التيار الوطني الحر فمتشبث بالقانون الأرثوذكسي الذي يقول صراحة بانتخاب كل مذهب لنوابه بشكل مباشر، وهو ما يشكل انقلابا على النظام اللبناني القائم على الطائف.
ويستبعد المحللون بالنظر إلى تواتر تصريحات الفرقاء السياسيين في لبنان أن يتمكنوا حقا من التوصل إلى رؤية موحدة حيال القانون الانتخابي الذي تتجاوز أهميته انتخاب رئيس للجمهورية.
وجدير بالذكر أن لبنان من دون رئيس منذ قرابة عامين بسبب خلافات الفرقاء، فما بالك بالتوافق على قانون انتخابي جديد. وتعكس تصريحات القوى السياسية اللبنانية، وتحميل كل طرف مسؤولية تعطيل القانون للطرف المقابل جو التشاؤم في إحداث خرق فعلي و”كسر للقاعدة” بالتوافق على قانون معين. واتهم النائب عن حزب الله نواف موسوي تيار المستقبل بتعطيل تمرير قانون عادل للانتخاب، لأنه، وفق تعبيره، “لا يريد (المستقبل) أن يخسر نوابا مسيحيين في كتلته، حتى أنه ليس مستعدا لكي يتنازل عن النواب المسيحيين لحلفائه المسيحيين، سواء كانوا من الكتائب أو القوات اللبنانية كما حصل في السابق”. وفي المقابل اعتبر النائب عن كتلة المستقبل أحمد فتفت أن التيار قام بالكثير للتوافق بشأن القانون الانتخابي قائلا “لقد قمنا بخطوات كبيرة، وقدمنا اقتراحات عديدة كان منها اقتراح يقضي بتقليص الدوائر إلى 37 دائرة لتحسين التمثيل المسيحي، ثم قدمنا اقتراحا يقضي بتصغير الدوائر وإنشاء مجلس للشيوخ، وقد رفضت هذه الاقتراحات. وأخيرا كانت الخطوة في اتجاه القانون المختلط الذي نعتبره الحد الأقصى لما يمكن أن نقبل به”. وعرض النائب المستقبلي في تصريحات لـ”العرب” أسباب رفض تيار المستقبل قانون النسبية التي ينادي به حزب الله واعتبر أنه “في ظل السلاح، توجد مناطق في لبنان يمكن أن تصوت بنسبة تتجاوز 75 بالمئة وهذه الصيغة أكثرية، وهكذا يمكن لحزب الله أن يعتبر أنه قد ضمن في هذه المناطق حصته بالكامل، ويريد في الآن نفسه أن يكون شريكا للآخرين في المناطق الأخرى التي لا تتجاوز نسبة التصويت فيها الـ60 بالمئة والـ65 بالمئة في أحسن الأحوال، نظرا لغياب التهديد المباشر ووجود مناخ ما من الديمقراطية”. وتوضح هذه الأجواء أن التوافق على قانون انتخابي لا يزال بعيدا، فكل فريق متمترس خلف الصيغة التي يعتبر أنها كفيلة بأن تحقق له أكبر قدر ممكن من المقاعد في المجلس النيابي القادم في انتخابات لا يُتوقع أن تجرى قريبا. ويبقى في النهاية التوافق على قانون انتخابي وإجراء انتخابات نيابية في لبنان مرتبطا بتطورات شبكة الأزمات الإقليمية والجو الدولي الذي لم يعد لبنان يحتل فيه موقعا مميزا، بل يقتصر حضوره فيه على صفة صندوق البريد الذي تنقل من خلاله الرسائل الملغومة في شتى الاتجاهات. |
شادي علاء الدين: صحيفة العرب |