برج قلاويه قرية جنوبية من قرى قضاء بنت جبيل تتبع لمحافظة النبطية وتبعد عن مركزها 22 كلم . تتمتع القرية بموقع وسطي يربط بين صور والنبطية وبنت جبيل وتبعد عن بيروت العاصمة مسافة 98 كلم وتبلغ مساحتها حدود 3000 دونم. ترتفع عن سطح البحر حوالي 450 متر ويسكنها 1800 نسمة يحق لحوالي 900 منهم بالإقتراع العام.
تسجل الإنتخابات البلدية هذا العام ثالث عرس ديمقراطي تشهده القرية منذ أول إنتخابات بلدية شهدتها القرية عام 2004 وإستطاع حينها حزب الله الفوز بكامل الأعضاء ضد حركة أمل والجمعية الخيرية الإنمائية في القرية التي تصدرت المواجهة الديمقراطية حينها.
وفي 2010 وتبعا للتحالف الذي نشأ بين حركة أمل وحزب الله وبناءا لنتائج إنتخابات 2004 تشكل مجلس بلدي جديد على قاعدة النسبية فحازت حركة أمل على 3 مقاعد من أصل 9 مخصصة للمجلس البلدي في القرية. طبيعة القرية من حيث العائلات متنوعة ومتعددة ويلعب العصب العائلي دوره في حسم الأمور كمعظم قرى الجنوب وتشكل عائلة آل نور الدين الرقم واحد من حيث الحجم تليها عائلة آل رميتي. وتضم القرية عائلات كريمة أخرى كآل قنديل وتوبة وهاشم وسرحان وحمود وعطوي وعماشا وغيرهم.
تغلب فئة الشباب على معظم القاطنين في القرية إضافة إلى نسبة مهمة من القاطنين في بيروت والمغتربين إلى الخارج. هذه المعطيات تبرز أهميتها في كل موسم إنتخابي بغض النظر عن أي إنجازات يحققها هذا الطرف أو ذاك، فالقرية وسكانها يؤمنون بالمشاركة في إتخاذ القرارات وعدم التهميش ويتمتعون بحس عالي من الإنضباط لحل خلافاتهم بالحوار أو الإنتخابات بعيدا عن القوة.
ومنذ ثلاث سنوات تقريبا كانت الحملة الإنتخابية قد بدأت في القرية فعليا ولعلها أبكر حملة إنتخابية على مستوى لبنان ومرد الأمر إلى خلافات حصلت بين فريق حزب الله نفسه لجهة رئاسة البلدية وإلتزمت حينها حركة أمل التصويت لجهة من يختاره حزب الله إيمانا منها بالتحالف الحاصل بينهما.
والمشكل الذي حصل هو موضوع الرئاسة على البلدية. تخاض اليوم معركة إنتخابية في القرية بناءا على ما تقدم وتتنافس لائحتان الأولى مدعومة من حزب الله وحركة أمل والثانية مدعومة من عبد الله نور الدين حملت إسم:" القرار المستقل" وتدعو إلى تصحيح ما تعتبره خطأ مورس من قبل المحسوبين على حزب الله في القرية فهم شعروا بالتهميش ويدعون إلى المشاركة في إتخاذ القرار لأنهم مكون أساسي من مكونات القرية.
وإذ تؤكد لائحة القرار المستقل أنها لا تخوض المعركة ضد تحالف الثنائية الشيعية كرمز للمقاومة بل هي تؤمن بخيار المقاومة وتدعمها إنما تخوضها من باب تصحيح ما تعتبره خطأ قد حصل وجل ما تريده هو ممارسة اللعبة الديمقراطية والمشاركة في إتخاذ القرار على مستوى القرية.
واللائحة تضم خيرة من أبناء القرية الذين يمارسون العمل الإجتماعي ولهم باع طويل في ماضي وحاضر القرية ويؤكدون في أكثر من مكان على أن ترشحهم عنوانه إنمائي وإصلاحي لا يمت للسياسة بصلة ولا يملكون أي حد أدنى من الطموح السياسي بل همهم الوحيد المشاركة والشفافية وإحترامهم كمكون له وجوده وتاريخه.
وهي تضم شخصيات من مختلف العائلات وغير مقتصرة على عائلة آل نور الدين فقط. بالمقابل كان المجلس البلدي الحالي متشكلا من 8 لجان مختصة بشؤون مختلفة ( المناقصات والبيئة والأشغال والشراء ولجنة استلام صفقات اللوازم والأشغال والخدمات والمشتريات للعام 2015 والصحة ولجنة تخمين الثمن البيعي للمتر ولجنة تخمين القيمة التأجيرية) وكان لحزب الله حصة الأسد فيها (7 برئاسة الحزب و 1 برئاسة الحركة).
وقد شهدت القرية حركة مشاريع متنوعة خلال الست سنوات الماضية في عهدي الرئيسين يوسف ومحمد نور الدين، وسجلت نشاطا وزخما عاليين خلال الثلاث سنوات الأخيرة وإن كان عدد كبير من المشاريع كانت مجرد إستكمال لمشاريع بدأها الرئيس السابق للمجلس البلدي. والرئيس الحالي يتمتع بنشاط وحيوية وحركة وحاولنا البحث عن الرؤية المستقبلية التي وضعها للعمل البلدي على موقع البلدية على الإنترنت لكننا لم نجد للأسف شيئا ومع هذا قام بمشاريع وإنجازات هامة تحسب له وللفريق المتعاون معه.
ولكن تصور ورؤية وتحليل لائحة :" القرار المستقل" تتمحور بأن ما أنجزه الرئيس الحالي ليس معيارا للنجاح أو الفشل خصوصا أنه لم يجرب أحدا غيره لكي نحكم على النجاح أو الفشل، أضف أنهم ينظرون إلى الأمور من زاوية أن التهميش والإستخفاف بوجودهم كلائحة لا يبشر بمستقبل واعد ومزدهر للقرية فهم يخوضون الإنتخابات من باب تسجيل موقف معترض بالمبدأ من أجل مزيد من الشفافية والعمل المشترك للنهوض بالقرية إنمائيا ويريدون تصحيح الموقف وتحمل المسؤوليات مع الجميع. بينما في الضفة الأخرى لا يزال يتمسك حزب الله بإسم الرئيس الحالي ويراه عنوان لمعركته الإنتخابية القادمة ولا يريد إعطاء لائحة القرار المستقل أي حصة من سلته البالغ عددها 6 أعضاء والتي تأمنت كما ذكرنا سابقا بأصوات القاعدة الشعبية لهذه اللائحة أما حركة أمل فهي ملتزمة تنظيميا بقرار التحالف مع حزب الله.
لذلك تسيطر أجواء الشعارات الإنمائية على المعركة الإنتخابية على الرغم من محاولات البعض بث إشاعات مغرضة من تخوين وإلصاق تهم العمالة بأعضاء لائحة القرار المستقل من أجل الضغط عليها لتنسحب من المعركة وهذا ما لم تستجب له اللائحة حتى الساعة كونها تتمتع بقاعدة شعبية لا يستهان بها.
وتخللت هذه الأجواء بعض المحاولات للتوفيق بين الطرفين وإيجاد حل تسووي للقضية يجنب الجميع الذهاب إلى معركة إنتخابية وهذه المحاولات مستمرة حتى وقت قراءة هذا المقال. وبين ليلة وضحاها، أشياء كثيرة قد تتغير لكن الثابت الوحيد أن برج قلاوية تجسد عرسا ديمقراطيا بعيد عن لغة العنف مطلوب تعميمه على كافة المناطق اللبنانية.