ما زال الغموض يكتنف الجولات التي يقودها وزير النفط الجزائري السابق شكيب خليل، إلى الزوايا المنتسبة إلى عدة طرق صوفية ناشطة في الجزائر.
وفيما تقول وسائل إعلام محلية مقربة من السلطة إن خليل لا يملك أي طموحات لخلافة الرئيس الحالي، سربت مصادر من الدوائر المحيطة به أن هذه الزيارات جزء من حملة انتخابية مبكرة، وأن الرجل سيكون مرشح السلطة في انتخابات يرجح أن تكون قبل موعدها لملء الفراغ الذي تعيشه مؤسسة الرئاسة بسبب الوضع الصحي لبوتفليقة. وتداول ناشطون على شبكات التواصل الاجتماعي الأحد صورا وتعليقات عن احتفالات الزاوية “الرقانية” بمحافظة أدرار (ألف كلم جنوبي العاصمة). وقدر شهود عيان عدد الحضور بعشرات الآلاف من المريدين والضيوف، وعلى رأسهم شكيب خليل الذي يبدو أنه يقف وراء وجود هذا العدد الكبير. وما زالت التساؤلات تحوم حول خلفيات ودلالات جولاته على مختلف الزوايا المنتشرة في الجزائر بكثرة، لا سيما وأن الرجل تحيط به تهم فساد وقعت ملاحقته بسببها من 2009 وإلى غاية 2013 تاريخ مغادرته الجزائر إلى الولايات المتحدة الأميركية. وفتحت في شأنه تحقيقات أمنية أوكلت حينها لجهاز الاستخبارات المنحل، وصدرت في حقه مذكرة توقيف دولية، إلى جانب تردد اسمه في ملفات فساد ورشاوى فتحها القضاء الإيطالي. لكن التحقيقات الأمنية والقضائية أوقفت، وعاد الرجل منذ أسابيع إلى مسقط رأسه وبيته العائلي في وهران (450 كلم غربي العاصمة)، قبل الشروع في جولات التبرك بالزوايا وشيوخها. ومع اكتفاء المعارضة بالدعوة إلى محاكمة خليل وإطلاع الرأي العام على حقيقة ملفات الفساد المتهم بها، فإن ناشطين شرعوا في “تعكير” صفو زياراته إلى الزوايا. وبعد الاجتماع الذي نظمه الناشط السياسي رشيد نكاز، لأنصاره أمام زاوية “عين أمران” بمحافظة الشلف (200 كلم غربي العاصمة)، اضطر مرافقو خليل إلى قطع الزيارة وإخراجه من الباب الخلفي لمبنى الزاوية، كما استطاع الناشط في حركة “بركات” المعارضة سمير بلعربي التسلّل وسط الوفد الذي استقبل وزير النفط السابق في زاوية عنابة (600 كلم شرقي العاصمة)، ودعاه إلى الكف عن توظيف الزوايا في معاركه السياسية. وكان شيخ الزاوية الحملاوية محمد الهادي بن عبدالحميد الحملاوي في محافظة ميلة شرق البلاد، قد رفض الاتصالات التي أجراها معه مرافقو خليل لتنظيم استقباله، وأبلغهم رفضه أن تتحول الزاوية إلى فضاء لممارسة الدعاية السياسية. وعاد الجدل في الجزائر مؤخرا، حول مبالغة السلطة في توظيف المساجد ودور الدين للأغراض السياسية، وهو أمر لا تقبل أن تلجأ إليه أطراف أخرى، وتروج لخطاب تحييد المؤسسات الدينية، بينما تقوم بتجنيد الأئمة واستغلال المساجد والزوايا لصالح أجندتها. وأحيا انخراط الزوايا الصوفية في أجندة السلطة سجالا قديما بين الزوايا والإصلاحيين الممثلين في جمعية علماء المسلمين الجزائريين، يعود إلى حقبة الاستعمار، حيث وقفت حينها بعض الزوايا إلى جانب الاستعمار على اعتباره “قضاء وقدرا”، بينما خاض الإصلاحيون بقيادة عبدالحميد بن باديس جولات لتوعية الشعب بالثورة ضد الاستعمار. وقال رئيس حزب الجبهة الوطنية موسى تواتي إن “الزوايا باتت تؤدي دورا لخدمة أغراض السلطة وليس لخدمة المجتمع، فبدل التفرغ لدورها في الوعظ والتعليم الديني وإصلاح المجتمع صارت تساعد النظام على الاستمرار في مواقعه”. ووسع القائمون على نشاط شكيب خليل حملته الانتخابية لتشمل شبكات التواصل الاجتماعي، حيث تم تضمين الصفحة الرسمية له منذ يومين تسجيلات بلغات متعددة خاطب من خلالها الجمهور ودعاهم إلى مساعدته لتحقيق الأمن والعدالة الاجتماعية. وقال مراقبون إن هذه الرسائل جديدة في خطاب شكيب خليل وإنها تمهد الطريق لحملة سياسية دعائية مبكرة، لا سيما وأن الصفحة تركز على السيرة الذاتية للرجل والوظائف التي شغلها في الجزائر وخارجها. واشار خليل في أحد التسجيلات “أحبائي عبر صفحة الفيسبوك لتأييدكم هذه الصفحة، وأود أن نشتغل معا، لكي تتطور بلادنا الجزائر في أمن وأمان، وفي إطار ترقية اقتصادية متواصلة ومستدامة”. واعتبر المراقبون أن هذه الرسالة قد تحمل البرنامج الانتخابي للرجل بما أن حديثه ورد في صيغة المهتم والطامح وليس المغادر لمنصبه أو الذي لديه مشاكل مع القضاء. |
صابر بليدي: صحيفة العرب |