يبتهج الكثيرون اليوم لأن شخصاً بارزاً كالوزير وائل ابو فاعور قرر زيارتهم قافزاً فوق سنوات من القطيعة والحساسيات وكثرة الانشغالات. الخائفون من الرجل والخائفون منه يسلمون علانية أو سراً على أنه واحد من رجال السياسة الاكثر شعبية في المشهد السياسي اللبناني الحالي.

 

أسلوب الوزير الشاب في مخاطبة ابن راشيا الذي لطالما كان يشعر أنه "درزي" درجة ثانية بالنسبة إلى إبن الشوف أعطاه رصيداً كبيراً في منطقة راشيا، يضاف إلى رصيد حققه بسبب انجازاته "المطابقة للمواصفات" في وزارة الصحة. فقد عادت راشيا بفضله الى خارطة الدولة بعد اهمال طاولها لعقود خلت.فنشاطات الوزير في راشيا أكدت أهميتها في حساباته. لذا لم يفتش عن عذر ليفرض مرشحيه للانتخابات البلدية وليتدخل مباشرة في تركيب اللوائح، ليعمم وجوب العودة الى وكالة داخلية راشيا قبل الشروع بأي ترشيح، ليتقرب من النائب السابق فيصل الداوود وليطلق اللائحة المدعومة من الحزب التقدمي الاشتراكي بخطاب ناري عالي اللهجة.

قرر الوزير ابو فاعور اعتبار المعركة البلدية معركة سياسية بإمتياز، وأن الحزب سيخوض هذا الاستحقاق فائزاً بالضربة القاضية لا بالنقاط، وأن أي خرق قد يحصل سيعتبر فشلاً للحزب مهما كانت النتائج ايجابية. كل هذا تبدى من خطاب الوزير وشروحات الأوساط المقربة منه.

من راشيا قلب القضاء النابض أعلن ابو فاعور تأييد الحزب التقدمي الإشتراكي للائحة التي يرأسها المهندس بسام دلال في مواجهة لائحة يرأسها خصم "جنبلاطي" تقليدي للإشتراكي في الانتخابات البلدية هو زياد العريان آغا مدعوماً من العائلات وبعض الحزبيين.العريان على ما يبدو رفض ان يبيع البلدية ليشتري المخترة، اذ تؤكد مصادر مقربة منه أن معظم العائلات في راشيا طالبت الإغا بالترشح لرئاسة البلدية بعد فشل الاشتراكي (الذي يعترف به الوزير ابو فاعور) في تولي مسؤولية البلدية على مدى السنوات الست الماضية. ففي انتخابات 2010 ما كان ابناء راشيا ليجازفوا بإزاحة ابن العائلة العريقة لولا الغطاء الشعبي الذي وفره الحزب الاشتراكي وال "ديل" الذي حصل بين الحزب واحدى العائلات في راشيا، والذي قلب المعادلة في الساعات الأخيرة لصالح العميد المتقاعد مروان زاكي الذي حاول يائساً مراراً أن يمنع المناكفات والاستقالات داخل المجلس.

لكن هذه الصورة المشوشة لأداء مجلس بلدي برعاية اشتراكية لم يمنع مناصري الحزب من الحشد لإطلاق اللائحة المدعومة من الاشتراكي. كما أن رغبة مشايخ "حارة الشرفة" الداعم لترشح زياد العريان بما لها من حضور ديني مهم وكلمة مسموعة في أذن ابو فاعور لم ينجح بإقناع الأخير برفع الفيتو عن اسم المرشح العريان، حيث يتألف المجلس البلدي في راشيا من خمسة عشر عضوا، وعدد الناخبين يلامس 6000منتخب من بينهم 2100 ناخب مسيحي، والباقي من طائفة الموحدين الدروز(2800 ناخب). في الانتخابات السابقة ايدت اغلبية ال 700 صوت المسيحي المرشح العريان. وهذا ما يتوقع مقربون من الاخير ان يتكرر في هذا الاستحقاق. فمعظم العائلات المسيحية ستقترع لصالح العريان الذي ينفي أي قرار سياسي تمت صياغته في دوائر القرار في 8 اذارلتوحيد الصفوف في مواجهة الاشتراكي، مؤكدا انه حتى لو تحولت المعركة سياسية إلا أنها غير موجهة ضد الحزب التقدمي الاشتراكي.

 

موزاييق راشيا

أما في المحيدثة نجمة الصبح فإن التجربة الاشتراكية في العمل البلدي نجحت بتقديم النموذج الأفضل .لكن ذلك لم يكن كافياً لتزكية المهندس مروان شروف رئيسا لولاية كاملة جديدة.

أما في عيحا فقد روج تحالف الاشتراكي - الداوود للائحة توافقية. الا أن الاصرار الإرسلاني على خوض المعركة قطع الطريق على هذا التوافق. فالارسلانيون يدعمون لائحة تضم كل عائلات عيحا (8 أعضاء). وفي هذا السياق يؤكد دينامو هذا الحزب في راشيا أن الحالة الارسلانية أصبحت حالة منظمة تعمل على موضوع الشباب وتسعى لإيصال النخبة المثقفة، وان توجه الحزب الديمقراطي هو دعم أي مجلس بلدي يحمل مواصفات الكفاءة والنزاهة على اساس عائلي ولا حتى حزبي، مرجحاً أن يبتلع الجب العائلي الحزب الاشتراكي في هذه الانتخابات.

اما في العقبة فإن الانقسام في اوساط الحزب الاشتراكي فيبدو واضحاً وكبيراً، حيث يتنافس الحزب ضد الحزب في 3 لوائح. أيضا في كوكبا تتنافس 3 لوائح حتى ليخيل لمن يطلع على اسماء المرشحين ان اللوائح الثلاث تحمل على التوالي اسماء لايحة "الكمال" و "الوليد" و"التيمور".

اما في كفرقوق فلا بد من المرور بإسم جمال حمد مرشحا ضد الحزب رغم توليه لعدة سنوات رئاسة اركان جيش التحرير الشعبي في الحزب التقدمي الاشتراكي واعداده لتولي مهمة قيادية في الحزب.على ما يبدو الوزير ابو فاعور كان قد قطع عليه الطريق والآن حان وقت الرد.

أما في بكيفا فأقل ما يمكن ان يقال أن الانقسام حاصل داخل الحزب الواحد وداخل العائلة الواحدة. وعلى رغم ذلك فالحديث جدي عن حسم للمعركة قبل اوانها.

لعل اخطر المواجهات هي تلك التي لا يملك طرفاها القدرة على التراجع. في قرى جبل الشيخ المواجهة كبيرة بين فريق يعتبر انه لكي تنام على وسادة وزير قوي عليك احترام شروطه وبنوده وأجندته والانصياع الى مشيئته، ومن جهة اخرى تجيب بأنه ليس صحيحاً ان ابقاء النافذة مغلقة اقل من ويلات فتحها، لأن سياسة الضوء والنوافذ افضل حالا (مهما كانت العواصف عاتية) من سياسة الجدران المحكمة.

في جبل الشيخ فتحت النافذة ودخلت العاصفة مما يرشح المنطقة لمعركة انتخابية شديدة القسوة ذات طابع سياسي على رغم تصريحات تنفي أن يكون ذلك حقيقياً، وعلى رغم تعارض طبيعة هذه المعركة مع ميثاق وروحية ميثاق الحزب التقدمي الاشتراكي في تناوله لموضوع البلديات والمجلس البلدي(طابع انمائي لا سياسي)...

من سيبيع البلدية ليشتري المختارة...؟؟.فلننتظر ونرى. (يتبع)

 

لبنان 24