تتأهب السياحة اللبنانية لأزمة جديدة، بإعلان خمس دول خليجية تعليق الرحلات إلى بيروت وحث مواطنيهم على المغادرة، في بلد يشكل فيه السياح العرب شريان الحياة القطاع.
والقرار جاء في وقت كانت فيه الحكومة اللبنانية والعديد من مؤسسات القطاع الخاص، التي تعتمد على السياحة كمصدر رئيس لدخلها، تنفذ خطوات وحملات ترويجية لزيارة بلدهم بسبب تراجع الوفود السياحية تزامنا مع توتر الأوضاع الأمنية الإقليمية.
ودعت المملكة العربية السعودية إلى جانب دولة الإمارات العربية المتحدة ومملكة البحرين والكويت، وقطر مواطنيها المتواجدين في لبنان الى المغادرة وعدم زيارته "إلا عند الضرورة القصوى".
والدعوة الخليجية تشكل ضربة قاسية للفنادق في بلد يعيش منذ 2011 على وقع الهزات المحلية والإقليمية بسبب الأوضاع الأمنية في سوريا، والشرق الأوسط بشكل عام.
ووفق للأمين العام لنقابة الفنادق وديع كنعان فانَّ "القطاع السياحي اللبناني متضرر أصلاً، وسيزداد ضرراً في ظل الأزمة مع دول الخليج".
وحسب دراسة نشرتها شركة "غلوبال بلو" استنادا إلى إحصاءات وزارة السياحة اللبنانية سيفقد توقف الرعايا الخليجيين عن السفر إلى لبنان الإنفاق السياحي 39 في المئة من مداخيله.
ووفق نفس الدراسة فإن السائح السعودي احتل في العام 2015 المرتبة الأولى في ترتيب الإنفاق السياحي عام 2015 بنسبة 15 في المئة، تلاه السائح الإمارتي بـ 14 في المئة والكويتي بـ 6 في المئة والقطري بـ 4 في المئة.
ومثلت السياحة الخليجية إلى لبنان في العام 2010 حوالى 30 في المئة من إجمالي السياح، وأشارت الإحصاءات الصادرة عن وزراة السياحة اللبنانية إلى أن عدد السياح الذين زاروا لبنان في العام 2015 بلغ ما يقارب المليون ونصف المليون سائح، منهم 500 ألف من الدول الخليجية.
وانخفض أعداد السياح السعوديين في منظمة ارهابية والوضع الأمني الذي تحذر منه دول الخليج في لبنان، خاصة بعد مقتل 3 سياح كويتيين بغرض السرقة في المناطق السياحية اللبنانية منذ شهرين.
وتسبب إقفال الطريق البرية بخسارة البلاد نحو 50 بالمئة من مجمل السياح الذين كانوا يتدفقون إلى ربوعها قبل الحرب السورية.
وتم وضع خطة لاعادة استقطاب نحو 300 الف سائح أردني خسرهم لبنان بسبب إغلاق الخط البري الوحيد بين الأردن ولبنان عبر سورية.
وفي الماضي كان 290 ألف زائر من الاردن يتقاطرون على لبنان سنوياً 220 الفا منهم كانوا يزورون لبنان عبر الطريق البري في حين ان 70 الفا لا يزالون يأتون إلى البلاد جواً.
وقال كنعان "انه وبحسب الدراسة التي وضعتها وزارة السياحة اللبنانية بالتعاون مع القطاع الخاص لازال لبنان يستقبل 70 الف زائر من الاردن سنويا عبر مطار بيروت الدولي، وهذا يعني انه ثقة الاردنيين في لبنان ووضعه لم تتزعزع"، مشيرا الى ان "السبب الحقيقي في عزوف نحو 220 الف اردني من القدوم الى لبنان هي الكلفة التي يتكبدها الاردني حيث ان سعر تذكرة السفر تبلغ 250 دولارا"، لافتاً الى أنه "اذا تمكنا من خفض الكلفة الى 120 دولارا فالاكيد اننا سنربح نسبة كبيرة من السياح الاردنيين".
ويرى الأمين العام لنقابة الفنادق انه "إذا نجحنا في استقطاب السياح الأردنيين فهذا يعني انه سننجح في استقطاب سياح من مصر وايران والخليج العربي وباقي دول العالم".
تفاؤل حذر
من جهته يبدي وزير السياحة ميشال فرعون تفاءلا حذرا حول الموسم الصيفي.
وقال فرعون "رغم بعض الانفراجات إلا أننا نبقى حذرين. على سبيل المثال، وصل الانفاق السياحي خلال تموز الماضي الى مستويات مرتفعة حتى انه يمكن القول انه كان الافضل منذ فترة طويلة، لكن مع نكسة أزمة النفايات تراجعت كل المؤشرات".
وأعرب فرعون عن تفاؤله بأن يشهد القطاع حركة نشيطة خلال المرحلة المقبلة لافتا الى ان السياحة الخليجية في لبنان تراجعت منذ العام 2010، بعد التحذيرات المتتالية التي أطلقتها الدول الخليجية، الا ان القرار الاخير بمنع سفر الخليجيين الى لبنان وجه ضربة قوية.
واكد ميشال فرعون ان وزارته تعمل على حملات تسويقية للبنان ومتابعة تنظيم القطاع، كما تعمل على مشاريع طويلة الامد منها مشروع السياحة الريفية ومشروع السياحة الثقافية مع طريق الفينيقيين، مشروع السياحة الاغترابية، ومشروع السياحة الدينية.
ولا يختلف نقيب أصحاب الفنادق بيار الأشقر مع سابقيه في ارجاع ازمة القطاع بشكل كبير للمقاطعة الخليجية.
واكد أن الحجوزات السعودية والإماراتية والقطرية غائبة لحد الساعة عن الموسم الصيفي، أما الحجوزات الكويتية فيجب انتظار انتهاء شهر رمضان، من أجل تقدير أعدادها.
وعن كيفية تحسين الحجوزات في الفنادق في ظل الأوضاع الأمنية والسياسية التي يعيشها لبنان، يرى الأشقر أنه من الضروري التوجه اكثر نحو المغتربين اللبنانيين غير انه يعول ايضا على تشجيع قدوم الاردنيين.
واكد نقيب أصحاب الفنادق "نساهم اليوم في تشجيع الأردنيين إلى المجيء إلى لبنان، مع النقابات السياحية في امتيازات من أجل حثهم على المجيء إلى لبنان بالتعاون مع شركة طيران الشرق الأوسط".
ويشكل القطاع السياحي بالنسبة إلى الاقتصاد اللبناني شرياناً حيوياً وداعماً أساسياً له.
وتاكد ذالك مجددا في احدث المجلس العالمي للسفر والسياحة والذي قيّم من خلاله التداعيات الاقتصادية لقطاع السفر والسياحة عبر مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي، وتوفير فرص عمل في 184 دولة ضمن 24 منطقة في العالم.
وصنّف التقرير لبنان في المرتبة 30 في العالم في مساهمة السياحة الإجمالية، أي المباشرة وغير المباشرة في الناتج المحلي الاجمالي لعام 2015 والتي بلغت 22.1 في المئة، أي ما قيمته نحو 9.9 مليار دولار، متخطية بذلك المتوسط العالمي البالغ 9.8 في المئة.
ووصلت المساهمة المباشرة لقطاع السفر والسياحة في إجمالي الناتج المحلي اللبناني إلى 8.1 في المئة، أي 3.6 مليار دولار مقارنة بمتوسط عالمي بلغ 3 في المئة، ليحتل بذلك لبنان المرتبة 31 عالمياً.
وتشغيليا بلغ إجمالي عدد الوظائف في القطاع 326.8 الف وظيفة في العام 2015، أي ما يشكل 21.3 في المئة من سوق العمل في لبنان، كذلك وصل إجمالي الاستثمارات في هذا القطاع إلى 1.3 مليار دولار، أي ما يعادل 9.9 في المئة من مجموع الاستثمارات الرأسمالية في لبنان.
(ميدل إيست أونلاين)