بين اسطنبول وبيروت، واصل الرئيس سعد الحريري أمس حركته المكوكية لمواكبة المستجدات الإقليمية والاستحقاقات المحلية بزخم لافت تركز في شقه الخارجي على خروق النظام السوري لاتفاق الهدنة ومجازره الإرهابية في حلب كما أوضح إثر لقائه رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو، وفي الشق الداخلي على استعدادات البيارتة لخوض الاستحقاق البلدي الأحد المقبل تأكيداً على هوية بيروت العربية وفق ما شدد خلال استقباله وفداً حاشداً من أهالي العاصمة في بيت الوسط، داعياً إياهم إلى «النزول باكراً إلى صناديق الاقتراع والتصويت لصالح «لائحة البيارتة» في 8 أيار «زيّ ما هيّ» من أجلهم ولعيون بيروت لكي نقول للجميع إننا موجودون فيها وإن أحداً لن يخرجنا منها».

وكان الحريري قد اختتم محادثاته مع القيادة التركية ظهر أمس بلقاء أوغلو ونائبه لطفي ألفان في مطار أتاتورك، وأوضح بعد اللقاء أنّ رئيس الوزراء التركي وعد بزيارة بيروت ضمن جولة له في المنطقة من أجل إظهار دعم بلاده للبنان، مشيراً في ما يتعلق بالأوضاع السورية إلى أنّ الأتراك «مستاؤون للغاية مما يحصل، ومن الواضح أن بشار الأسد رجل لا يلتزم بعهوده وهو من يقوم بهذه الجرائم الإرهابية لكن المشكلة هي أن المجتمع الدولي لا يتحرك بالطريقة المطلوبة لإنهاء الأزمة في سوريا»، وكرر الحريري بدوره «استنكار كل ما يحصل هناك ولا سيما من الناحية الإنسانية» في ضوء ما تتعرض له حلب من مجازر وقصف.

وفور عودته من تركيا، استأنف الحريري نشاطه البيروتي حيث لبى دعوة صاحب مطعم «لامب هاوس» للقاء حشد من البيارتة قبل أن يستقبل لاحقاً وفداً حاشداً من أهالي العاصمة في بيت الوسط ويشدد أمامه على كون «بيروت عاصمة العرب وستبقى هويتها عربية رغم كل المحاولات لأخذها إلى مكان آخر»، لافتاً إلى أنّ المجلس البلدي الجديد يمتلك الكفاءات اللازمة والخطط الجيدة لإعادة إنماء العاصمة. وأكد الحريري رداً على أسئلة الحضور أنّ «لائحة البيارتة» تولي «الأولوية لتوظيف أهالي بيروت في البلدية»، معلناّ أن أول مشروع للمجلس البلدي فور انتخابه سيكون العمل على حل ملف النفايات والعمل على إنارة شوارع العاصمة فضلاً عن العديد من المشاريع الإنمائية الأخرى. كما شدد على أنّ «شاطئ الرملة البيضاء سيبقى لأهل بيروت» كما أراده الرئيس الشهيد رفيق الحريري.

«البيارتة»

تزامناً، واصل رئيس وأعضاء «لائحة البيارتة» جولاتهم الميدانية في أحياء العاصمة حيث عقدوا سلسلة لقاءات حوارية مع عدد من العائلات البيروتية في الوردية والروشة وتلة الخياط وطريق الجديدة، وسط أجواء «ممتازة» كما وصفتها مصادر اللائحة لـ«المستقبل» عبرت عن كثير من التفاعل والتجاوب مع العناوين الإنمائية التي تطرحها اللائحة في برنامجها الانتخابي، مشيرةً في هذا السياق إلى أهمية التواصل المباشر مع البيارتة في سبيل الاستماع لمطالبهم وتطلعاتهم حيال إنماء مدينتهم نظراً لما لهذا التواصل من انعكاسات إيجابية مباشرة على الخطط الموضوعة من قبل فريق عمل اللائحة تمهيداً للمباشرة في تنفيذها فور تشكيل المجلس البلدي الجديد بما يتقاطع مع طروحات البيارتة وطموحاتهم الحياتية والإنمائية.

بدوره، أعرب وزير السياحة ميشال فرعون عن ثقته بكفاءة المهندس جمال عيتاني وأعضاء لائحته «لفتح صفحة جديدة تكون لمصلحة بيروت وأهاليها والساكنين فيها» من خلال تنفيذ كل المشاريع التي تحتاجها العاصمة، داعياً إثر استقبال عيتاني وأعضاء لائحة البيارتة في منزله في الأشرفية كل الغيارى على مصلحة بيروت إلى منح اللائحة الثقة والتصويت لها بقوة في 8 أيار لتمكينها من تحقيق الإنماء الذي تحتاجه العاصمة.

المتن الشمالي

وفي الشأن البلدي أيضاً، أوضحت مصادر متنية لـ«المستقبل» الخارطة المبدئية التي رسى عليها شكل التحالفات والمعارك في المتن الشمالي، حيث عقدت التحالفات الائتلافية في بعض المناطق واستنفرت الماكينات الحزبية لخوض المعارك في مناطق أخرى. 

ففي جديدة المتن على سبيل المثال تم تشكيل لائحة ائتلافية بين النائب ميشال المر والأحزاب المسيحية في المنطقة في ظل الاتفاق على إعادة انتخاب رئيس البلدية الحالي أنطوان جبارة، وكذلك الأمر تم الاتفاق على إعادة انتخاب رؤساء بلديات عمارة شلهوب والزلقا وجل الديب والدكوانة، في حين لا يزال هناك شبه اتفاق على التجديد لولاية رئيس البلدية في الضبية.

وإذ ستكون للمر حصة الأسد في معظم بلديات الساحل المتني، يسعى حزب «الطاشناق» للمساهمة في عقد اتفاقات وائتلافات سياسية وحزبية في معظم البلديات التي يمتلك فيها أعضاء، علماً أنّ الحزب شكل لائحة ائتلافية في برج حمود مؤلفة من 14 عضواً أرمنياً و7 من غير الأرمن (شيعي يسميه الرئيس نبيه بري، و6 مسيحيين موزعين بين الفعاليات السريانية والمر و«التيار الوطني» و«القوات» و«الكتائب»).

أما على ساحة المواجهة الانتخابية، فبينما تتجه انطلياس نحو المعركة البلدية، تتجه الأنظار بقوة نحو سن الفيل حيث تؤكد المصادر أنها ستشهد «أم المعارك» بين تحالف «التيار الوطني الحر» وحزب «القوات اللبنانية» في مواجهة تحالف المر وحزب «الكتائب اللبنانية»، مشيرةً إلى أنّ مختلف الأوساط المسيحية الحزبية والأهلية تترقب ما ستؤول إليه نتيجة هذه المعركة ربطاً بما تتخذه التحضيرات الجارية لها من طابع محتدم سياسياً وحزبياً عشية الاستحقاق.