بذلت الحكومة القطرية جهودا مضنية في البحث عن أقصر الطرق الممكنة من أجل الإفراج عن مواطنين قطريين اختطفوا في العراق نهاية العام الماضي خلال رحلة صيد، ويبدو أنها وجدت ضالتها في ميليشيات طائفية تنافس الحكومة المركزية بشراسة على النفوذ.

وفقد المفاوضون القطريون الأمل في قدرة الحكومة برئاسة حيدر العبادي على تقديم المساعدة في العثور على الصيادين المختطفين، ولجأوا إلى قنوات سرية على مدار الأربعة أشهر الماضية للتفاوض مع ميليشيات تهيمن على البصرة.

ولم تكن الحكومة العراقية جزءا من عملية التفاوض.  

ويشعر مسؤولون قطريون وكويتيون شاركوا في المفاوضات بحنق بالغ تجاه عجز السلطات عن التوصل إلى أي طريقة يمكن من خلالها الإفراج عن الصيادين، وبينهم أعضاء في الأسرة القطرية الحاكمة.  

وقال مفاوض خليجي لصحيفة “الغارديان” إنه “ليس هناك أي منطق في التوجه إلى العبادي أو رجاله.

هذا أمر يخص العشائر والميليشيات، خصوصا عصائب أهل الحق”. وأضاف “إنها تسخر من العبادي، وتحكم فعليا العراق، وخصوصا المناطق الشيعية منه”.  

وهذا الأسبوع مرر البرلمان ستة وزراء من بين قائمة العبادي التي تضم بشكل أساسي متخصصين تكنوقراط، بينما تسيطر على البرلمان فوضى عارمة على وقع دعوات صاخبة إلى إقالة رئيسه سليم الجبوري.  

  وعلى بعد خطوات من البرلمان، يصيح سياسيون ومتظاهرون مطالبين بتمرير ما يعتبرونه إصلاحا سياسيا، ويعربون عن مخاوفهم من أن الحكومة باتت لا تحظى بأي صلاحيات تمكنها من فرض إرادتها في جنوب البلاد، ومناطق أخرى تسود فيها أجواء الحرب على تنظيم داعش.  

وتتحول المخاوف على نطاق إقليمي أوسع إلى قلق بالغ من أن العبادي لم يعد يملك أي تأثير يمكّنه من إدارة أزمات منها حصار مدينة الفلوجة من قبل ميليشيات شيعية طائفية والجيش العراقي، الذي يخضع نظريا فقط للعبادي، والإفراج عن الصيادين القطريين.  

ومنذ ديسمبر، يقبع الصيادون رهن الاحتجاز في منطقة قريبة من البصرة، بينما تجري المفاوضات على قيمة الفدية التي تطلبها الميليشيات من أجل إطلاق سراحهم.

ولجأت الميليشيات إلى تمويل أنشطتها عبر جمع الفدى أو السرقة أو تحصيل الإتاوات منذ تراجع عائداتها المالية بعد رحيل رئيس الوزراء السابق نوري المالكي الداعم لها.   وازدادت معدلات جرائم القتل والخطف واقتحام شركات ومنازل ومحال تجارية مؤخرا بهدف الاستيلاء على أموال أو مقتنيات ثمينة.

  وفي البصرة يشيع الاعتقاد أن مصير القطريين المختطفين يعتمد بالأساس على رغبة حكومة بلادهم في دفع الفدية.  

ويقول مهدي، أحد رجال الأعمال المقيمين في المدينة “ماذا بوسع العراق أن يفعله حتى لو أراد فعل أي شيء. إنه موقف محرج لأي حكومة أن تظهر بهذا الضعف”.  

واعتاد السكان المحليون على رؤية سيارات سوداء تجوب المدينة والمناطق المحيطة بها في قوافل، وغالبا ما تقل أشخاصا مسلحين.  

ويقول مهدي “لم تكن العشائر ولا عصائب أهل الحق بهذه القوة من قبل، بات مستحيلا أن تميز انتماء أصحاب كل هذه السيارات السوداء التي تعلق صور المرشد الإيراني الأعلى آية الله علي خامنئي. لا يوجد قانون هنا”.  

وأكد “هناك بعض الدعم للمرجع الشيعي الأعلى آية الله علي السيستاني، لكن لا أحد على الإطلاق يتحدث عن الحكومة، ببساطة لأنها لا تستحق الذكر”.

صحيفة العرب