في الداخل، تشتد حماوة الانتخابات البلدية، وتتزايد التجاذبات بين لوائح غير مكتملة وناقصة وطموحات سياسية تهدف إلى إثبات وجود، وتصدعات في الثنائيات الطائفية، منها ما بطن ومنها ما خرج إلى العلن، تحت رقابة صارمة من سفارات كبرى معنية بالحراك البلدي.
وفي الخارج، تمضي الاتصالات بين الراعيين الدوليين الكبيرين لرؤية ما إذا كانت هناك إمكانية لسحب التوترات والقصف الطاحن للبشر والحجر في حلب التي كانت أقل عنفاً قبل الجولة الأخيرة لمفاوضات جنيف، والعودة إلى طاولة التفاوض بين النظام والمعارضة.
وبين انشغالات الداخل واهتمامات الخارج، اقفل نيسان على جمعة الآلام العظيمة لدى الطوائف المسيحية التي تتبع التقويم الشرقي، في ما كان وضع لبنان، سواء في ما يتصل بالشغور الرئاسي أو الأزمة الاقتصادية الخانقة وانعدام النمو والركود في دائرة الاهتمام، الأمر الذي حمل وكالة «كابيتال انتلجانس» على إبقاء لبنان عند النقطة «ب»، وهو يعني نظرة مستقبلية سلبية بوضع البلد إذا ما استمرت الأزمة الاقتصادية والوضع الرئاسي والتدفق المستمر للنازحين السوريين، مما يُفاقم من أزمة البطالة ومعدلات الفقر، وفي ظل تدقيق دولي مستمر في الودائع المالية في المصارف والتحويلات التي تشكّل عصب القوة في استمرار الثقة الدولية في المؤسسات المالية والنقدية اللبنانية.
الحريري في اسطنبول
ففي اسطنبول، استقبل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لمدة 90 دقيقة رئيس تيّار «المستقبل» الرئيس سعد الحريري الذي شرح مطولاً للرئيس التركي مخاطر استمرار الفراغ الرئاسي وانعكاساته على الحياة السياسية والاقتصادية والتدخلات الإيرانية ومخاطر النزوح، والدور الذي يمكن ان تلعبه تركيا في مساعدة لبنان للخروج من الحالة الصعبة التي ما يزال يراوح فيها.
وأكّد الرئيس الحريري بعد اللقاء انه لم يسوق أحداً، في المحادثات مع أردوغان، للرئاسة الأولى، مؤكداً ان الدستور نص على أن الرئاسة ست سنوات لرئاسة الجمهورية، ولم ير انه علينا ان نلجأ إلى حلول جزئية، بل حلول دائمة تعالج مشاكل البلد، رافضاً ان يكون تبلغ أي شيء بما عرف بـ«اقتراح» السنتين لرئاسة الجمهورية.
واليوم ينهي الرئيس الحريري زيارته التي استمرت يومين بلقاء مطوّل واجرائي مع رئيس الحكومة أحمد داوود أوغلو.
«الفدرلة» الطائفية
في هذا الوقت، أكدت مصادر سياسية ذات وزن في 8 آذار ما كانت «اللواء» قد اشارت إليه قبل أيام، من ابعاد الاهتمام الدبلوماسي الغربي بالتحضيرات الجارية للانتخابات البلدية والاختيارية، ووصفت هذا الاهتمام بأنه «غير بريء»، كاشفة ان سفارات مهمة تعمد الى اعداد جداول واحصاءات كاملة عن اللوائح العائلية والسياسية والمختلطة بين العائلات والأحزاب.
وتساءلت هذه المصادر: لماذا يتم استدعاء شخصيات سياسية وعائلية وحزبية لاستمزاج رأيها حول إمكانية تحويل بعض البلديات إلى ما يشبه الكانتونات، تمهيداً لإقرار نوع من «الفدرلة» المقنعة تحت ستار مذهبي وطائفي ضيق؟ متوقفة عند نقطتين:
- اغراء عائلات شيعية صغيرة بالمال لمواجهة تحالف «أمل» و«حزب الله».
- استهداف التحالفات المسيحية وتهميشها، فضلاً عن استفزاز الجمهور المسيحي.
ونسبت هذه المصادر إلى أحد السفراء قوله في مجلس خاص: «ان الانتخابات البلدية تشكّل نموذجاً مصغراً لما يمكن ان ترسو عليه الانتخابات النيابية، ونحن بانتظار النتائج لاحراج بعض الحلفاء واجبارهم على السير بقانون انتخابي يتماشى مع رؤيتنا للخريطة السياسية الجديدة في المنطقة».
وفي السياق نفسه، نقلت مصادر نيابية عن شخصية لبنانية رفيعة تخوفها من إعادة فرز الوقائع السياسية اللبنانية عبر الاستفتاء البلدي المقبل، فيما يجري الفرز بقوة الحديد والنار والحرائق المتلهبة التي تلتهم حلب باطفالها ونسائها وشيبها وشيوخها، على قاعدة ان ولادة دولتي لبنان وسوريا جاءت في ظروف تاريخية متشابهة ومتزامنة، وأن مصير أي بلد منهما لا بدّ وأن يؤثر على الآخر.
قانون الإنتخاب
وإذا كانت عطلة الفصح وعيد العمال تنتهي الاثنين، فإن الثلاثاء، أول أيام العمل في أيار، سيشهد اجتماعاً للجان المشتركة برئاسة نائب رئيس المجلس فريد مكاري لإطلاق النقاش النيابي حول حزمة مشاريع واقتراحات قوانين الانتخاب، لإنضاج التوافق على واحد أو اثنين أو ثلاثة منها تُرفع إلى رئاسة المجلس ليُبنى على الشيء مقتضاه في ما خص أن يكون قانون الانتخاب بنداً أول على أول جلسة تشريعية يدعو إليها رئيس المجلس، ولو بعد أربعة أشهر.
وعشية التحضيرات لهذه الجلسة، على رغم العطلة، أكد عضو هيئة مكتب المجلس وعضو كتلة «المستقبل» النيابية النائب أحمد فتفت لـ«اللواء» أن نوايا الأفرقاء ستظهر في اللجان، وتكشف ما إذا كانت هناك من نوايا جدّية للوصول إلى نتيجة.
واقترح فتفت الانطلاق من التقرير الذي أعدته اللجنة المصغرة كأساس للوصول إلى توافق.
وأيّد زميله في مكتب المجلس عضو كتلة «القوات اللبنانية» النائب أنطوان زهرا في تصريح لـ«اللواء» أيضاً هذا الاقتراح، واصفاً ما أنجزته اللجنة المصغرة بأنه كان تقدماً ضيّق الفروقات بين الاقتراحات الانتخابية، مشجعاً على السير بالقانون المختلط.
وأشار زهرا إلى أن العبرة تبقى في الاتفاق على نوع القانون (نسبي أو أكثري أو مختلط) وإذا ما تمّ حسم هذا الأمر يمكن الانتقال إلى توزيع الدوائر والنواب، معرباً عن اعتقاده أنه إذا صفت النيّات فالإمكانية متاحة للوصول إلى تسوية.
لكن عضو كتلة «الاصلاح والتغيير» النائب وليد خوري كان متشائماً، واستبعد في تصريح لـ«اللواء» الوصول الي نتيجة في اجتماع اللجان، معاكساً كلام زميله زهرا «فاللجنة المصغرة أخفقت في إحداث أي تقدم»، كاشفاً أن القانون الأرثوذكسي ومشروع النسبية والـ17 دائرة لم يحظ بأي قبول من الكتل الأخرى.
المشهد البلدي
{ في بيروت: تبدو الاستعدادات قائمة على قدم وساق، حيث تمضي «لائحة البيارتة» المدعومة من الرئيس الحريري وسائر الأحزاب الإسلامية والمسيحية في شرح برنامجها للناخب البيروتي، بعيداً عن الصخب، فيما تحاول لائحة «بيروت - مدينتي» السعي إلى إحداث خرق.
أما اللوائح الأخرى فهي تتحرك لتسجيل إثبات وجود، بعدما وسع الوزير السابق شربل نحاس دائرة تحركاته، وحط في مدينة بعلبك معلناً عن لائحة من ثلاث مرشحات.
كما تشكّلت في بيروت لوائح للمختارين ومجالس اختيارية في الباشورة والمصيطبة من دون توقع حدوث مفاجآت ملموسة.
{ طرابلس: وإلى هناك تتجه الأنظار، حيث يبدو المشهد الانتخابي ذو طابع «حربائي» (أي متلوّن)، وفقاً لتعبير مراقبين في طرابلس، حيث يخضع التوافق هناك إلى تجاذب بين الأقطاب الطرابلسيين ونواب المدينة مع الأحزاب الأخرى.
وبات بحكم المؤكد أن الأسماء الثلاثة لترؤس اللائحة التوافقية هم« عمر الحلاب والمهندس عبد الرحمن الثمين والدكتور عزام عويضة، وهم من خارج الانتماء الحزبي، لكنهم على علاقة جيدة مع الرئيسين الحريري ونجيب ميقاتي والوزير السابق فيصل كرامي.
ومن سمات المشهد الانتخابي الطرابلسي تمسك وزير العدل أشرف ريفي بدور خارج الائتلاف السياسي بإعلان دعمه للائحة من المجتمع المدني قاعدتها من الأحياء الفقيرة لمواجهة المحاصصة التي يعتبرها صورة أخرى للتوافق.
{ زحلة: تتمسّك رئيسة الكتلة الشعبية السيدة ميريام سكاف بمواجهة لائحة الائتلاف الحزبي بين «التيار الوطني الحر» والقوات والكتائب المصطفة وراء المهندس أسعد زغيب، والتي أعلنت مساء أمس، فيما يتمسك آل فتوش بلائحة ثالثة على رأسها موسى فتوش يفترض أن تعلن بعد عيد الفصح.
{ جونية: بات بحكم الثابت أن المواجهة حاصلة بين اللائحة المدعومة من النائبين السابقين منصور غانم البون وفريد هيكل الخازن تحت شعار «جونية التجدد» برئاسة فؤاد بواري، في مواجهة لائحة «كرامة جونية» التي يرأسها الرئيس السابق للبلدية جوان حبيش المدعوم من «التيار الوطني الحر»، فيما يدعم رئيس المؤسسة المارونية للإنتشار نعمة افرام لائحة «الوفاء لجونية» قبل أن تتجه الأنظار إلى التوافق مع البون والخازن بلائحة واحدة برئاسة بواري.
{ في صيدا، بات واضحاً أن رئيس «التنظيم الشعبي الناصري» النائب السابق أسامة سعد سيخوض المعركة ضد لائحة «المستقبل» التي يرأسها رئيس البلدية الحالي محمّد السعودي، فيما آثر النائب السابق نزيه البزري البقاء خارج إطار هذه المعركة.
{ وفي بعلبك، أعلن ائتلاف «حزب الله» وحركة «أمل» مع الأحزاب والقوى الوطنية والإسلامية لائحة «التنمية والوفاء»، في مهرجان أقيم أمس في المدينة، في حضور النواب وممثلي القوى والعائلات المشاركة في اللائحة التي تضم 21 مرشحاً.
اللواء : إهتمام دبلوماسي مُريب بالإنتخابات البلدية: فدرلة بثوب مسيحي أو محاكاة تقسيم سوريا؟
اللواء : إهتمام دبلوماسي مُريب بالإنتخابات البلدية: فدرلة...لبنان الجديد
NewLebanon
|
عدد القراء:
401
مقالات ذات صلة
الجمهورية : السلطة تحاول التقاط أنفاسها... والموازنة تفقدها...
الاخبار : السفير الروسي: الأميركيّون يهيّئون لفوضى في...
اللواء : باسيل يتوعَّد السياسيِّين.. ورعد...
الجمهورية : مجلس الوزراء للموازنة اليوم وللتعيينات غداً.....
الاخبار : الحريري بدأ جولة...
اللواء : هل يستجيب عون لطلب تأجيل جلسة المادة...
ارسل تعليقك على هذا المقال
إن المقال يعبر عن رأي كاتبه وليس بـالضرورة سياسة الموقع
© 2018 All Rights Reserved |
Powered & Designed By Asmar Pro