لبت غالبية الكتل السياسية دعوة رئيس البرلمان العراقي سليم الجبوري إلى عقد جلسة شاملة أمس، فيما لجأ النواب المعتصمون إلى المقاطعة في محاولة للإخلال بالنصاب، واقتحم عدد منهم قاعة البرلمان وأثاروا الفوضى بالضرب على الطاولات، مرددين شعارات مناهضة للجبوري ولرئيس الوزراء حيدر العبادي.

إلى ذلك، تظاهر مئات الآلاف من أنصار الزعيم الديني مقتدى الصدر في ساحة التحرير، وسط بغداد، مطالبين بالإصلاح الشامل، في حين انضم نوابه إلى مؤيدي الجبوري، ما أمن النصاب القانوني للجلسة وأغضب المعتصمين.

وقال النائب عن «اتحاد القوى الوطنية» أحمد المشهداني لـ «الحياة»، إن «الجلسة عقدت بنصاب كامل وبحضور رئيس الحكومة الذي حمل معه قائمة بأسماء مرشحي كابينته الوزارية الجديدة، وعندما شرع بتقديمها قاطعه المعتصمون وأثاروا حالة من الفوضى والشغب تحولت اشتباكاً بالأيدي بين بعضهم وعناصر من حرس العبادي، ما دعا المجتمعين إلى استكمال الجلسة في قاعة أخرى تفادياً للمهاترات». وأضاف أن «العبادي يحمل معه أسماء ثلاثة مرشحين لكل وزارة مشمولة بالتغيير، وهذا ينسجم ودعوات الإصلاح التي يطالب بها المتظاهرون». وأشار إلى أن «ما حصل داخل البرلمان من تجاوزات على رئيس الحكومة من النواب المعتصمين، ومعظمهم من دولة القانون (بزعامة نوري المالكي) سبب كاف كي يتخلى العبادي عن حزب الدعوة الذي ينتمي إليه».

وقال النائب المعتصم محمد الطائي: «ما زلنا مستمرين في اعتراضنا، يريدون تمرير مؤامرة على الشعب العراقي واتفقوا على تقاسم الوزارات». وأضاف «غادر رئيس الوزراء ولم يعرض الأسماء، لاننا منعناه بهتافاتنا وشعاراتنا»، مضيفاً: «إن الشعارات كانت تركز على عدم دستورية هيئة الرئاسة وعدم قانونية الجلسة».

وكشفت معلومات حصلت عليها «الحياة»، عن أن قائمة مرشحي العبادي الجديدة هي ذاتها القائمة الأولى التي رفضها البرلمان نهاية آذار (مارس) الماضي وتضم كلاً من عبد الرزاق العيسى لوزارة التعليم العالي والبحث العلمي والشريف علي بن الحسين لوزارة الخارجية ويوسف الأسدي لوزارة النقل، وهوشيار رسول لوزارة الإعمار والإسكان والبلديات. وحسن الجنابي لوزارة الزراعة والموارد المائية وعلي الجبوري لوزارة التربية وعقيل يوسف لوزارة الشباب والثقافة ومحمد نصرالله لوزارة العدل وعلاء دشير لوزارة الكهرباء ووفاء المهداوي لوزارة والهجرة، ولم يقدم مرشحين لوزارات وزارة التجارة والصناعة والمال، فيما رفض العبادي استبدال وزير النفط عادل عبد المهدي.

وقال الجبوري إن «الشعب ينتظر من النواب المعتصمين إنجازات وليس تعطيل جلسات البرلمان»، وأشار إلى أن «المرحلة المقبلة تتطلب جهداً كبيراً لتحسين مستوى الخدمات». وأضاف أن «حقوق المواطنين الهدف الأول ولن نحيد عنه بأي شكل من الأشكال».

ووقفت كتلة «الأحرار» التابعة للتيار الصدري إلى جانب الجبوري، واشترطت حضور العبادي وعرض تشكيلته الوزارية وهددت باللجوء إلى «الشارع والجماهير» في حال عدم حضوره.

وأعلنت كتل «التحالف الكردستاني» و «المواطن» و «بدر» حضور جلسة الأمس برئاسة الجبوري.

وتجمع آلاف المتظاهرين، منذ ليل أول من أمس في ساحة التحرير وسط بغداد تلبية لدعوة الصدر، وتزايدت أعدادهم صباح أمس، عابرين جسر الجمهورية المؤدي إلى المنطقة الخضراء. وهاجم «المعاون الجهادي» للتيار الصدري كاظم العيساوي في كلمة ألقاها أمامهم تباطؤ البرلمان والحكومة في تمرير الإصلاحات، ودعا النواب إلى عدم التنازل. وأضاف أن «القرار أصبح في يدكم وعليكم اختيار الكابينة الوزارية... ونحن هنا، وإن خرجتم بإصلاحات سيكون لكم موقف مع الشعب، وإن لم تخرجوا بهذه الإصلاحات ورفعتم الجلسة الجلسة نقول لكم جلستنا هنا إلى حين إجراء الإصلاحات وستكون لنا جلسة قرب البرلمان». تابع مخاطباً المتظاهرين: «بعزيمتكم يتحقق الإصلاح والقضاء على الفاسدين في هذه اللحظات تاريخية، إنهم جالسون في برلمانهم تحت التبريد وأنتم تحت حرارة الشمس».

وأضاف موجهاً كلامه إلى النواب «لا تتصارعوا على محاصصتكم ودافعو عن العراقيين ولا تأتمروا بأمر الأحزاب، أبناء العراق لا يقبلون الذلة»، مؤكداً أن «القرار أصبح في أيديكم».

وحذر العيساوي بعض النواب من «افتعال خلاف يفضي في النهاية إلى الاشتباك ورفع الجلسة من دون تصويت»، مؤكداً ضرورة «إقرار الإصلاحات التي ترضي الشعب»، في إشارة إلى النواب المعتصمين الذين اقتحموا الجلسة وأثاروا فوضى. وأكد أن «التظاهرات أمام المنطقة الخضراء ستستمر في حال رفعت الجلسة». وأغلقت قوات الأمن مداخل المنطقة الخضراء الخمسة لساعات خوف اقتحامها.

وكان الصدر دعا النواب إلى «عدم الزج بأنفسهم في المهاترات السياسية والانتقامية»، ولفت إلى أن «الهدف هو تغيير الحكومة والانتقال إلى المراحل الأخرى التي من شأنها إصلاح العراق أمنياً وسياسياً»، وطالب باستمرار الاحتجاجات، وأشار إلى «خطوات أخرى لزيادة الضغط على عشاق المحاصصة الحزبية».