فيما دخلَ الأفرقاء السياسيون ما يشبه فترةَ «استراحة المحارب» بعدما هدأت جبهة التشريع، تتطلّع الأوساط السياسية إلى 3 أيار، الموعدِ الذي حدّده رئيس مجلس النواب نبيه بري لانطلاقة جلسات عمل اللجان النيابية المشتركة في درس مشاريع القوانين واقتراحات القوانين الانتخابية النيابية، والبالغ عددُها 17 مشروعاً واقتراحاً. وفي الموازاة سُجّل هدوء على الجبهة الحكومية، بحيث إنّ مجلس الوزراء أقرّ تمديد فترة إعطاء «داتا» الاتصالات المطلوبة للأجهزة الأمنية والعسكرية، ووضع «داتا» مديرية أمن الدولة في عهدة رئيس الحكومة تمّام سلام. دعا برّي اللجان النيابية المشتركة: المال والموازنة، الإدارة والعدل، الشؤون الخارجية والمغتربين، الدفاع الوطني والداخلية والبلديات، والإعلام والاتصالات، إلى جلسة تُعقد العاشرة والنصف صباح الثلثاء 3 أيار المقبل لدرس مشاريع واقتراحات القوانين المتعلقة بقانون الانتخابات النيابية.

وشدّد بري في «لقاء الأربعاء النيابي» على التزام الدستور ومبادئه في مناقشة قانون الانتخابات النيابية، مشيراً إلى «أنّ اللجان المشتركة مدعوّة الى مناقشة مشاريع واقتراحات القوانين المتعلقة بالانتخابات بمسؤولية وجدّية للوصول إلى أقلّ نسبة من الاختلافات والفروقات لمناقشتها في الهيئة العامة».

وقال بري إنّه سيُصار إلى جوجلة وغربلة هذه المشاريع والاقتراحات في إطار التركيز على نقطتين أساسيتين: ماهيّة الدائرة الانتخابية، والنظام الانتخابي (نسبي، أكثري، مختلط، فردي).

«الوفاء للمقاومة»

وفي هذا السياق أكّدت كتلة «الوفاء للمقاومة» حضورَها جلسات اللجان النيابية المشتركة و«مشاركتَها الإيجابية الفاعلة بغية التوصّل إلى أفضل قانون انتخاب عبر مناقشةٍ موضوعية لكلّ اقتراحات ومشاريع القوانين المطروحة، وذلك وفقَ منهجية تستند إلى وثيقة الوفاق الوطني والدستور ومعايير المساواة بين جميع اللبنانيين».

ودعت إلى «الالتزام الكامل بمضمون وثيقة الوفاق الوطني والتوافق على إقرار قانون انتخاب تمثيلي صحيح وعادل وفاعل يقوم على المناصفة ويَصون العيش المشترك بين اللبنانيين ويعتمد معاييرَ واحدة وموضوعية وشاملة».

واتّهمت الكتلة تيار «المستقبل» بالتهرّب من هذين الالتزامين، «ذلك أنّ الاستنسابية في تطبيق وثيقة الوفاق الوطني هي السبب الأعمق لتفجّر الأزمة السياسية التي تتفاقم في البلاد».

الأمم المتّحدة

وفي خضمّ حماوة التحضيرات للانتخابات البلدية، وقبل عشرة أيام على أوّل جولة انتخابية، أكّدت الأمم المتحدة دعمَها لهذه الانتخابات عبر زيارة المنسّق الخاص للأمم المتحدة في لبنان السيّدة سيغريد كاغ لوزارة الداخلية مُبديةً ثقتَها وإعجابَها بالطريقة القيادية التي يدير بها الوزير نهاد المشنوق الانتخابات البلدية والاختيارية وبتصميمِه على إجرائها في مواعيدها، واطّلعَت منه على التحضيرات الجارية والبرامج الموضوعة بموجب المساعدات التي قدّمتها المؤسسات الدولية والأمم المتحدة أكثر من مرّة.

وبعدما شدّدت كاغ على «أهمّية إجراء الانتخابات في المهَل المحدّدة تعبيراً عن الديموقراطية السليمة والتواصل مع المواطنين»، شدّدت على «أهمّية الفرصة المتاحة أمام المرأة للترشّح، وشجّعت اللبنانيين على التصويت لها بكثافة».

وفي خطوةٍ تتّخذها للمرة الثالثة تتحدّث كاغ خلال لقاء إلكتروني مع الإعلاميين عبر «تويتر» لتردّ على أسئلتهم حول نتائج زيارتها لباريس قبَيل زيارة الرئيس فرنسوا هولاند إلى بيروت، وكذلك نتائج زياراتها لكلّ مِن الرياض وطهران قبل أسابيع، في إطار مساعيها الهادفة لمساعدة لبنان على إنهاء الشغور الرئاسي وتعزيز الخطوات الهادفة إلى تسليح الجيش اللبناني وتعزيز قدرات القوى العسكرية والأمنية. كذلك ستكشف كاغ الهدفَ مِن زيارتها المقبلة لموسكو لاستكمال البحث مع الأطراف الدولية المؤثّرة في الوضع اللبناني.

الحريري

في غضون ذلك، قال الرئيس سعد الحريري «إنّ إصرارَنا على تكريس صيغة المناصفة بين المسلمين والمسيحيين في تشكيل «لائحة البيارتة» إنّما هو للتأكيد على أنّنا تيار معتدل يقبَل الآخر، ومنفتح على الجميع ويؤمن بالعيش المشترك، وضدّ كلّ أشكال التعصّب والتطرّف من أيّ جهة أتى».

وأضاف لدى استقباله عائلات بيروتية في حضور المرشّح لرئاسة المجلس البلدي لبيروت المهندس جمال عيتاني: «البعض راهنَ على أننا سنطلب تأجيلَ الانتخابات البلدية منذ بدء الكلام عن إجرائها، تارةً بذريعة الخوف من نتائجها وتارةً أخرى بعدم جهوزيتِنا، وما شابَه، ولكنّنا أثبتنا بالقول والفعل أنّنا مع إجراء هذه الانتخابات التي أصبحت على الأبواب، وسنخوضها في مواعيدها المحدّدة».

سعَيد لـ«الجمهورية»

وكان الحريري قد استقبلَ أمس منسّق الأمانة العامة لقوى 14 آذار النائب السابق الدكتور فارس سعيد العائد من الرياض، في حضور النائب السابق الدكتور غطاس خوري، وتَركّز البحث على الأوضاع السياسية في البلاد.

وقال سعَيد لـ«الجمهورية»: «أطلعتُ الرئيس الحريري على نتائج زيارتي للرياض واللقاءات والاتصالات التي عَقدتها مع عدد مِن المسؤولين والشخصيات السياسية في المملكة، حيث أجرَينا جولة أفق حول الوضعَين اللبناني والعربي، وذلك على هامش تلبيتي دعوةَ الأمير تركي الفيصل إلى المؤتمر الدولي «سعود الأوطان» تكريماً لصاحب السموّ الملكي الأمير سعود الفيصل. وشدّدتُ خلال لقائي الرئيس الحريري على ضرورة الاستمرار في عملية بناء الدولة على قاعدة «إتفاق الطائف» والعيش المشترك والمناصفة الإسلامية ـ المسيحية».

وكشفَ سعَيد أنّه سينطلق في الساعات المقبلة في جولة اتصالات داخلية، مشدّداً على «وجوب استمرار كلّ المساعي لتأكيد أنّ وحدة اللبنانيين تصنع المعجزات وأنّ اختلافهم يُدخِل البلد في مغامرة غير محسوبة».

داتا الاتصالات

حكومياً، عَمل مجلس الوزراء في جلسته أمس بنصف محرّك عاجز عن تشغيل القضايا الكبيرة الملِحّة، ومرَّر بهدوء عدداً من البنود العادية، كان من ضمنها البندُ 138 المتعلق بطلب وزير الداخلية والبلديات تمديد مهلة إعطاء حركة الاتصالات كاملةً للأجهزة الأمنية والعسكرية ابتداءً مِن 1 ـ 5 ـ 2016 والطلب من وزير الاتصالات اتّخاذ التدابير الفورية اللازمة لتأمينها.

على أنّ هذا القرار لم يعترض عليه الوزير ميشال فرعون ووزراء الكتائب و«التيار الوطني الحر»، مع أنّهم سبق وأعلنوا أنّهم لن يمرّروا أيّ بند لا يتعاطى بالتساوي مع كلّ الأجهزة الأمنية. لكنّ الوعد الذي قطعَه لهم رئيس الحكومة في الجلسة الماضية بحلّ مشكلة مديرية أمن الدولة خلال 15 يوماً كان كفيلاً بعدم اعتراضهم على بندِ «داتا» الاتصالات.

عدا ذلك، كانت جلسة مجلس الوزراء هادئةً لدرجة استغربَها بعض الوزراء، وقال أحدهم لـ«الجمهورية»: «اليوم كان مجلس الوزراء بعالم، والبلد بعالم آخر».

ولوحِظ أنّ خلافَ وزير الداخلية نهاد المشنوق ووزير الصحة وائل أبو فاعور لم ينعكس على الجلسة، لكنّ الجفاء بينهما استمرّ، بحيث أنّهما لم يتبادلا التحايا والسلام. وعندما سُئل أبو فاعور لدى خروجه عمّا إذا كان قد حصل غسيلُ قلوب بينه وبين المشنوق؟ أجاب: «ما في ARIEL هل أيام»

فرعون

وقال فرعون لـ«الجمهورية»: «وافَقنا على بند «داتا» الاتصالات لأنّ الرئيس سلام أكّد لنا أنّ هذا القرار يخصّ جميع الأجهزة، ونحن أبدينا ملاحظة أنّ جهاز أمن الدولة منذ ستة أشهر لم يتسلّم «داتا» الاتصالات مثل سائر الأجهزة، وهناك أكثر من 370 طلباً مجمَّداً في أدراج رئاسة مجلس الوزراء ونتمنّى على الرئيس سلام أن لا يعود هناك صيفٌ وشتاء تحت سقف واحد.

ونحن نستطيع التأكيد أنّنا أخَذنا منه اليوم (أمس) وعداً جديداً بأن يعالج هذا الملف ضمن المهلة التي طلبَها». وكشفَ فرعون أنّه طوال الأيام السابقة «لم يحصل أيّ تواصل مع الرئيس سلام في هذا الإطار»، وقال: «إنّ الانتخابات شَغلتنا وما دام هناك مهلة لم تَنقضِ بعد، نحن سننتظر».

حكيم

وقال وزير الاقتصاد والتجارة آلان حكيم لـ«الجمهورية»: «وافَقنا على بند «داتا» الاتصالات لأنّه يتعلّق بكلّ الأجهزة الأمنية والعسكرية، واتّكالُنا على الرئيس سلام أن يحلّ المشكلات التي تعتري جهاز أمن الدولة الأسبوع المقبل، بحسب الوعد الذي قطعَه لنا».

قزّي

وقال وزير العمل سجعان قزّي لـ«الجمهورية»: «كلّ شيء يمكن أن يؤدّي إلى تثبيت النازحين السوريين في لبنان وإعطائه طابعاً شرعياً مرفوضٌ، وفي المقابل يجب أن نعطيَ الكهرباء للنازحين كما المياه، ولكن من دون اشتراكات شرعية، بل تقوم الدولة بتقديم قيمة المصروف السنوي وتطالب الدوَل المانحة أن تدفعه لها، هكذا تؤمّن الكهرباء للنازحين من دون أن تعطي هذا الأمر طابعاً شرعيّاً يثبت وجودَهم».

وفيما أعطى مجلس الوزراء الموافقة المبدئية على اقتراح وزير الزراعة التعويض على أصحاب مزارع الطيور التي أتلِفت بسبب إصابتها بالإنفلونزا، رفضَ المجلس طلبَ قزّي تأجيلَ عيدِ العمّال الذي يصادف الأحد المقبل إلى الثلثاء 3 أيّار، ووافقَ على «تشكيل لجنة لدرس دفتر شروط لمعالجة مسألة النفايات».

دعم روسي للجيش

وفي سياق آخر، كشفَت مصادر مطّلعة لـ«الجمهورية» أنّ وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو أعلنَ استعداد بلاده لدعم حاجات الجيش اللبناني ليتمكّنَ من مواصلة عملية مكافحة الإرهاب. وأوعز شويغو إلى مساعديه بتحديد موعد لقاء لجان التنسيق المشتركة في حزيران المقبل لوضع اللمسات التطبيقية لتلك المساعدات.

وأضافت المصادر أنّ موسكو وافقَت على تزويد الجيش اللبناني بسِتّ طائرات «هليكوبتر»، فضلاً عن مساعدات أخرى، خلال الزيارة التي ستدعو إليها روسيا قائد الجيش.

وفي المعلومات أنّ عقدَين عسكريَين أحدُهما يضمّ «راجمات صواريخ» والآخَر «صواريخ كورنيت» كانا قد وُقّعا بين الجانبَين الروسي واللبناني في وقتٍ سابق، على أن يُموَّلا من الهبة السعودية، وقد أعيدَ تفعيلهما حيث من المتوقع أن تموّل الحكومة اللبنانية من موازنتها ما يحتاجه الجيش اللبناني من تلك العقود.