مع ان طلائع الاستعدادات للانتخابات البلدية والاختيارية تسجل تفاوتاً كبيراً بين المناطق، فان الايام الأخيرة بدأت ترفع تدريجاً الحمى الانتخابية والتنافسية بما يؤشر لكون الفترة الفاصلة عن أولى مراحل الانتخابات في 8 أيار المقبل ستعمم العدوى ربما الى مناطق تتسم حركتها الحالية بالبرودة. ولا شك في ان ارتسام ملامح الخريطة التنافسية في العاصمة بيروت ستترك أثراً واسعاً على مدن وبلدات أخرى اذ ان أكثر من أربع لوائح باتت مؤهلة لخوض السباق الانتخابي علما ان اعلان لائحة "البيارتة " من "بيت الوسط" اول من أمس مقترنة بتوافق الاحزاب اطلق نفير العد العكسي أمام اللوائح المنافسة وفي مقدمها لائحة "بيروت مدينتي" التي تبدو طامحة بقوة الى خوض معركة جدية كلائحة معارضة للائحة "البيارتة" الاقوى تأثيراً. وتعتقد اوساط معنية بمعركة بيروت ان الامر الايجابي الذي برز في اعلان اللوائح المتعددة يتمثل في تحفيز الناخب البيروتي على المشاركة في الانتخابات باعتبار ان نقطة الضعف التقليدية التي غالبا ما يحاذرها المرشحون والقوى السياسية والحزبية في بيروت تتصل بضعف الاقبال على الانتخابات. ولفتت الى ان لائحة "البيارتة" بما تضمه من ائتلاف لقوى حزبية وعائلية واسعة بدأت تحريك ماكينتها الاعلامية والتنظيمية بقوة عقب اعلان اللائحة، كما يتوقع ان تتكثف تحركات اللوائح الاخرى وقد لوحظ ان لائحة " بيروت مدينتي " تتجه الى احياء مجموعة تحركات بيئية وثقافية في اطار السباق الانتخابي.
وأوضح أمس الرئيس سعد الحريري ان "اصرارنا على تكريس صيغة المناصفة بين المسيحيين والمسلمين في تشكيل "لائحة البيارتة " انما هو للتأكيد اننا تيار معتدل يقبل الآخر ومنفتح على الجميع ويؤمن بالعيش المشترك وضد كل أشكال التعصب والتطرف من أي جهة أتى". وأضاف: "اننا اثبتنا بالقول والفعل اننا مع اجراء هذه الانتخابات وسنخوضها في مواعيدها المحددة". ودعا الى "النزول الى صناديق الاقتراع وانتخاب لائحة البيارتة كي يصل المجلس البلدي الذي يعبر عن تطلعات أهل بيروت".
وقالت مصادر نيابية في "المستقبل" لـ"النهار" إن الائتلاف الذي سعى اليه الرئيس الحريري في لائحة "البيارتة" هو من أجل توفير أفضل الظروف لتأمين المناصفة في المجلس البلدي الجديد الذي يتألف من 12 عضواً مسيحياً و12 عضواً مسلما وقطع الطريق على الاخلال بهذه المعادلة.
أما في ما يتصل بالمشهد الانتخابي في مناطق أخرى، فاسترعى الانتباه ان مدينة جونيه التي تختزن الكثير من العوامل السياسية والحزبية والعائلية الشديدة التداخل تتجه بقوة نحو معركة حادة متعددة اللائحة وإن تكن محاولات التوافق فيها لم تتوقف نهائيا بعد. واتخذت معركة جونية بعدا جديا في اليومين الاخيرين بعدما بدا صعباً على التحالف الثنائي بين "التيار الوطني الحر" و"القوات اللبنانية " بلورة معادلة توافقية مع القوى النافذة الاخرى، خصوصاً ان التضارب في التوجيه والتفاوض برز لدى فريق "التيار" الامر الذي انعكس على محازبيه وعزز مواقف العائلات التقليدية المناهضة للاحزاب. واذ ينتظر ان تتواصل المفاوضات التوافقية على رغم الكلام عن امكان اعلان لائحة مشتركة بين النائبين السابقين منصور البون وفريد هيكل الخازن، فان المفاوضات مع الاحزاب والعائلات يتولاها رئيس مؤسسة الانتشار الماروني نعمت افرام ولو ان امكان تشكيله لائحته في نهاية المطاف يبقى وارداً. وبذلك يبدو ان الاحتمال الاكثر ترجيحاً هو ان تتنافس ثلاث لوائح في جونية على غرار معركة زحلة التي لا تزال تتصدر مرتبة متقدمة جداً في المدن المرشحة لمعارك سياسية وعائلية حادة.
مجلس الوزراء
في السياق السياسي، كشفت مصادر وزارية لـ"النهار" ان نقاشاً مستفيضاً جرى في جلسة مجلس الوزراء أمس في شأن إقتراح قدمته وزارة الطاقة يقضي بتركيب عدادات في مخيمات اللاجئين السوريين وقطع الطريق على ممارسات التعليق على الشبكة العامة التي تكبّد الخزينة نفقات طائلة وتحميل البلديات المعنية المسؤولية المادية. وكان رد الفعل معظم الوزراء رفض هذا الاقتراح ولاسيما منهم وزير العمل سجعان قزي الذي قال إن من شأن هذه الخطوة أن تؤدي الى التثبيت الواقعي لوجود اللاجئين وتشريعه لاحقاً ولكن في الوقت نفسه لا يجوز حرمان اللاجئين من الكهرباء والحل يكون بتحميل الدول المانحة أعباء فاتورة كهرباء اللاجئين. وتبيّن من الحسابات التي أجريت ان الاستهلاك السنوي للاجئين من الكهرباء يبلغ 400 مليون دولار.
من جهة أخرى، طالب رئيس الوزراء تمام سلام بوقف الحملات في شأن جهاز أمن الدولة كي يتسنى له العمل على إيجاد مخرج لقضية الجهاز. وجاءت دعوة الرئيس سلام في معرض مناقشة بند على جدول الاعمال يقضي بالموافقة على التمديد سنة لإعطاء حركة الاتصالات كاملة للاجهزة الامنية والعسكرية إبتداء من 1-5-2016. وبعد الموافقة على هذا البند ترك لكل مرجع عن كل جهاز من الاجهزة تنفيذ القرار وتالياً فأن أمر تسليم "الداتا" لأمن الدولة سيكون مرجعه رئيس الوزراء الذي تعود اليه المسؤولية عن الجهاز. ولفتت المصادر الوزارية الى ان مساعي الحل التي يتولاها سلام منذ 10 أيام لم تصل حتى الان الى أية نتيجة.
اللجان
الى ذلك، دعا رئيس مجلس النواب نبيه بري اللجان النيابية المشتركة الى عقد اولى جلساتها لمناقشة 17 مشروعاً واقتراحاً تتعلق بقانون الانتخاب الثلثاء المقبل برئاسة نائب رئيس المجلس فريد مكاري. واذ فهم ان بري سيرأس الجلسات لاحقا في فترة غياب مكاري في الخارج شدد رئيس المجلس أمام النواب أمس على "التزام الدستور ومبادئه في مناقشة قانون الانتخاب"، داعياً اللجان الى "التوصل الى نسبة أقل من الاختلافات والفروقات لمناقشتها في الهيئة العامة".