في مقالة نشرها "معهد الشرق الأوسط" بعنوان "ما هي الخطة لما بعد داعش؟"، تساءل السفير الأميركي السابق في سوريا روبرت فورد عن الجهة التي ستحكم مناطق الرقة ودير الزور في سوريا أو الموصل في العراق إذا ما حُررت من قبضة "داعش"، وذلك في أعقاب قرار الرئيس الأميركي باراك أوباما الإثنين إرسال 250 جندياً إضافياً من القوات الخاصة إلى سوريا وإعلان وزير الدفاع آشتون كارتر الأسبوع الفائت أنّ بلاده سترسل مروحيات "أباتشي" وعناصر من القوات الخاصة الإضافية إلى العراق.

 

استهل فورد مقالته متسائلاً عما إذا وضعت خطة للجهة التي ستحكم الموصل إذا ما تحررت من "داعش"، أو عما إذا كانت المناطق المحررة ستشهد عودة لـ"داعش" كما في سوريا، وإن كان بنسخة "ألطف" و"أرق"، لافتاً إلى أنّ الحكم في هذه المدينة سبَّب مشكلة للأميركيين إبان غزو العراق، وإلى أنّ المجموعات المسلحة فيها، من شيعة وسنة وأكراد وغيرهم، تعارض أن يحكمها أجنبي، لاسيّما في ضوء جرائم الحرب العديدة التي ارتكبت فيها.

وتعقيباً على ما سبق، أكّد فورد أنّه ينبغي للجهة التي ستحكم المناطق المحررة من "داعش"، أن تثبت أنّها قادرة على خوض تحديات مرحلة ما بعد التنظيم، أي توفير الخدمات المختلفة من طبابة وتعليم وعمل وما إلى ذلك، إذ أنّها تتطلب موارد مادية وبشرية قادرة على العمل معاً وفي ظل تهديد "داعش" الدائم لها.

بالإضافة إلى ذلك، اعتبر أنّ بناء إدارة محلية فعالة وقادرة على تولي مسؤولية المناطق الخاضعة لسيطرة "داعش" ليس سهلاً، إذ أنّ التشرذم يفتك بالمجتمعات السنية في الشرق الأوسط، بما فيها العراق. واستشهد فورد بأناند غوبال الذي رأى أنّ السنة الذين تحالفوا مع الولايات المتحدة الأميركية لمحاربة "القاعدة" في العراق في الفترة الممتدة بين 2007 و2009 عادوا وانتفضوا على الولايات المتحدة ونظام الرئيس نوري المالكي ورحّبوا بـ"داعش" في مدن كهيت والموصل العام 2014.

وبناء عليه، رأى فورد أنّ نجاح "داعش" في بسط سيطرته على غرب العراق في العام 2014 سببته الولايات المتحدة، إلى حدّ ما، فاختارت بنفسها القادة المحليين من دون أن تفعِّل آليتي المساءلة واختيار القادة بين السكان المحليين في العراق بين 2008 و2011، لافتاً إلى أنّ السياسات المعادية للطائفة السنية التي انتهجها رئيس الوزراء نوري المالكي المدعوم أميركياً، فاقمت أزمة الحكم في غرب العراق.

ورأى فورد أنّه على رغم أنّ الولايات المتحدة تفترض أنّ الحكومة العراقية ستتولى إدارة المناطق المحررة من "داعش"، لا توحي التطورات الأخيرة بذلك، لاسيّما بعد العراك الذي شهده البرلمان العراقي، علماً أنّ هذا الوضع قد يزداد سوءاً في ظل تردي الأوضاع الاقتصادية.

بالعودة إلى الدور الأميركي، أشار فورد إلى أنّ أوباما طلب من دول الخليج في زيارته الأخيرة إلى السعودية مساعدة العراق مالياً، معتبراً أنّ تجاهل الرئيس الأميركي، إلى حدّ ما، للتحذيرات السعودية من المالكي وسياساته بين 2009 و2010، كانت وراء تفشي "داعش" في العراق. وفي هذا السياق، اعتبر أنّ أوباما يكون مخطئاً لو توقَّع أن تمد دول الخليج ومن ضمنها السعودية يد المساعدة للعراق، وذلك في ضوء معاناتها بسبب انخفاض أسعار النفط، وإدراك الرياض أنّ الولايات المتحدة لا تنوي إيجاد حلّ جذري للشق الثاني من أزمة "داعش" في سوريا، إذ أنّها تأمل في التوصل إلى حلّ سياسيـ بضغط روسي على الرئيس بشار الأسد.

وختم فورد بالقول إنّ الدول الأجنبية، العربية والغربية، ستواجه صعوبات لبناء إدارات فاعلة في المناطق المحررة من قبضة "داعش"، فلا يمكن إلاّ للسكان المحليين أن يختاروا قادتهم وذلك وفقاً لآلياتهم، ولذلك لا بدّ للولايات المتحدة من أنّ تدعم العراقين والسوريين لاختيار قادتهم بما يمكن هؤلاء من القيادة بطريقة مستدامة على المدى المتوسط. كما اعتبر أنّه ينبغي للولايات المتحدة أن تقرر الجهة المخولة، البنتاغون أو وزراة الخارجية، مساعدة هذه الحكومات المحلية، وأن تعرف ما إذا كان واشنطن تملك موارد جاهزة لمساعدة السكان على استعادة ثقتهم بالجهات المسؤولة عن أمنهم وحكمهم في مناطقهم سريعاً.

وأخيراً، اعتبر أنّ فشل الولايات المتحدة في العراق بعد غزوه في العام 2003 وفي ليبيا بعد التدخل فيها عسكرياً في العام2011 ينبغي أن يشكل دافعاً لطرح هذين السؤالين، متمنياً أن يطرحهما الرئيس أوباما شخصياً.

( لبنان 24 - Middle East Institute)