لا يخفى على أحد بأن هناك أزمة أحزاب في لبنان، وكل ما يعانيه لبنان هو نتيجة أزمات أحزابه التي تحكم وتتحكم منذ عشرات السنين، والتي إنتقلت من الحرب إلى السلم دون أن تمارس أي نقد ذاتي لتجربتها ودون أي محاسبة على ما إقترفته خلال الحرب وبعدها، فالأحزاب اللبنانية إما أحزاب طائفية ومذهبية مرتهنة للخارج وإما أحزاب محكومة من شخص أو عائلة، وكل ما تشهده هذه الأحزاب من تداول للمسؤوليات والمواقع داخلها، يكون بقرار من الزعيم الأوحد، وأي إعتراض على قراراته يجابهها بالفصل والتأنيب والتأديب.
الكل يعلم بأن الحزب الشيوعي يعاني من أزمات داخلية تنظيمية وسياسية منذ المؤتمر السادس الذي جاء على أثر سقوط الإتحاد السوفياتي والذي شهد إستقالة الأمين العام الأسبق للحزب الشهيد جورج حاوي، وهذه الأزمات تفاقمت مع الوقت حتى باتت أغلبية الشيوعيين خارج الحزب الشيوعي.
اليوم أنجز الحزب الشيوعي مؤتمره الحادي عشر، ونجح في محاسبة قيادته وإزاحتها وإنتخب الرفيق حنا غريب أميناً عاماً، والرفيق حنا لديه رصيده شعبي على المستوى الوطني نتيجة المعركة التي خاضها في السنوات الثلاث الأخيرة في هيئة التنسيق النقابية وكان مدافعاً شرساً مع عن حقوق المعلمين والموظفين وأصحاب الدخل المحدود، وإنتخابه أميناً عاماً للحزب الشيوعي جاء نتيجة هذا الرصيد الذي حصده الرفيق حنا خلال السنوات الأخيرة، وهذا الإنتخاب يعطي الأمل للشيوعيين بأن يستعيد حزبهم دوره الطبيعي والطليعي في الوقوف مع الشعوب المقهورة والدفاع عن الحقوق المهدورة للناس والعودة إلى صورة مقاومته الوطنية التي أطلقها في ١٦ أيلول ١٩٨٢ وليس تبني المقاومات المذهبية تحت شعارات ومبررات واهية كما فعلت القيادة السابقة. عقد المؤتمر وإنتخاب قيادة جديدة أمر مهم جداً وأساسي، لكنه ليس كافياً وليس نهاية المشوار بل بدايته، هناك رحلة طويلة على القيادة الجديدة أن تسلكها لكي تعيد الحزب الشيوعي لسابق عهده، والمهمة الأصعب هي إعادة إستقطاب الشيوعيين الذين خرجوا من الحزب خلال سنوات الأزمة التي عصفت فيه، وذلك من خلال مشروع سياسي واضح يحاكي هموم الوطن والمواطنين، عندها يستعيد الحزب الشيوعي قدرته على لعب دور أساسي على الصعيد الوطني ويصبح لديه القدرة على إستقطاب دمّ جديد من خارج العائلات الشيوعية وأبنائها وأحفادها.