ازدادت الأزمة السياسية في العراق عمقاً مع عقد البرلمان جلسة سادتها الفوضى ورشق رئيس الحكومة حيدر العبادي بقناني المياه، وتنظيم تظاهرات عارمة في بغداد تطالب بتشكيل حكومة جديدة تطبّق الإصلاحات وتحارب الفساد.
وبعد ساعات من الهرج والمرج في البرلمان، تم تغيير مكان انعقاد الجلسة، ومُنع النواب المعترضون من الدخول، قبل أن يتم التصويت على تعديل جزئي للحكومة، شمل ست وزارات.
وقال نواب إنه خلال جلسة للبرلمان كان يفترض التصويت بالثقة على التشكيلة الحكومية الجديدة، قام نواب غاضبون برمي قناني مياه باتجاه العبادي ومنعوه من عرض تشكيلته الوزارية وسط أجواء من الهرج والمرج.
وحضر رئيس الوزراء للمشاركة في جلسة دعا إليها رئيس البرلمان سليم الجبوري للتصويت على التغيير الوزاري، الذي تعارضه الكتل السياسية الكبيرة. لكن النواب المعتصمين الذين أقالوا هيئة رئاسة البرلمان في جلسة مثيرة للجدل قبل أسبوعين، اعتبروا جلسة أمس غير قانونية، وهتفوا «باطل» و «لا شرعية» على الرغم من حضور 140 نائباً.
وعندما بدأ العبادي بإلقاء كلمته قام عدد من النواب المعتصمين داخل البرلمان برمي قناني مياه باتجاه المنصة التي كان يقف خلفها. وعلى اثر ذلك، اندلعت مشادة بين حماية رئيس الوزراء والنواب الذين هاجموه، وأحاط عناصر الحماية بالعبادي خوفا من تعرضه للأذى، وانتشر الجيش بكثافة خارج القاعة في مشهد لم يحدث من قبل.
وقال النائب محمد الطائي، وهو احد النواب المعتصمين، «ما زلنا مستمرين في اعتراضنا، يريدون تمرير مؤامرة على الشعب العراقي واتفقوا على تقاسم الوزارات». وأضاف «غادر رئيس الوزراء ولم يعرض الأسماء لأننا منعناه بهتافاتنا وشعاراتنا»، مضيفاً أن «الشعارات كانت تركز على عدم دستورية هيئة الرئاسة وعدم قانونية الجلسة».
وعلى الأثر، تم تغيير مكان انعقاد الجلسة إلى القاعة الكبرى، حيث عقدت بحضور 181 نائباً من أصل 328، ومنع المعارضون من دخولها. وعقدت الجلسة بعيدا عن وسائل الإعلام وتم منع الموظفين من الدخول إلى القاعة.
وصوت البرلمان بداية بالإجماع على بطلان الإجراءات التي قام بها النواب المعتصمون، ومنها إقالة الجبوري، قبل أن يتم التصويت على عدد من الوزراء في التشكيلة الوزارية الجديدة. وتم التصويت على ستة وزراء، هم حسن الجنابي لوزارة الموارد المائية، وعلاء غني لوزارة الصحة، ووفاء المهداوي لوزارة العمل والشؤون الاجتماعية، وعلاء دشر للكهرباء، وعبد الرزاق العيسى للتعليم العالي وعقيل مهدي للثقافة. ورفض دمج وزارتي الثقافة والشباب في وزارة واحدة.
واعترض «التحالف الكردستاني» على تولي الشريف علي بن الحسين حقيبة وزارة الخارجية بدلا من الوزير الحالي ابراهيم الجعفري. ووعد العبادي بتقديم باقي اسماء المرشحين في جلسة السبت المقبل، فيما تقرر عقد جلسة جديدة للبرلمان غدا.
واعتبر النواب المعارضون لرئيس البرلمان ان ما جرى غير قانوني. وقالوا، في بيان، «إننا نعلن رفضنا لما حدث، وما ترتب عليه من إجراءات لا تنسجم مع مطالب العراقيين وما أرشدت إليه المرجعيات الدينية. نؤكد أننا نطعن بشرعية الجلسة لدى المحكمة الاتحادية، ونعلن تعليق حضورنا للجلسات المقبلة حتى تبت المحكمة الاتحادية بالطعن المقدم لها».
وعرض العبادي في 31 آذار الماضي قائمة تضم 13 وزيراً على مجلس النواب، لكنها قوبلت بالرفض وردت الكتل السياسية بتقديم مرشحيها بدلاً من ذلك.
وفي حين كان البرلمان يشهد جلسة صاخبة، تظاهر عشرات آلاف العراقيين استجابة لنداء زعيم التيار الصدري السيد مقتدى الصدر للضغط على البرلمان للموافقة على حكومة تكنوقراط.
وتوجه المتظاهرون رافعين أعلام العراق من ساحة التحرير سيراً إلى بوابة المنطقة الخضراء المحصنة من الجهة التي تقع فيها بوابة البرلمان، وهتفوا موجهين كلامهم إلى السياسيين «كلكم حرامية». ويحتج المتظاهرون على توزيع الحقائب الوزارية والمناصب العليا على أساس المحاصصة السياسية والطائفية.
والاحتشاد الذي كان سلميا هو الأكبر في بغداد منذ أسابيع مع امتلاء طريق رئيسية تمتد لقرابة كيلومترين من ساحة التحرير إلى المنطقة الخضراء بالمحتجين.
( «الأناضول»، رويترز، أ ف ب، ا ب)