أعلن جنرال أميركي أمس الثلاثاء أن الولايات المتحدة تشن هجمات إلكترونية ضد تنظيم "داعش"؛ بغية زيادة سبل التصدي للتنظيم الجهادي. وقال الجنرال بيتر غيرستن للصحافيين: "لقد بدأنا باستخدام قدراتنا الإلكترونية الهائلة في المعركة ضد داعش". ولم يدخل الجنرال غيرستن، ومقره بغداد، في تفاصيل هذه الهجمات، مكتفياً بالقول إنها "منسقة للغاية"، وقد أثبتت أنها "شديدة الفعالية".
ويحاول الأميركيون والأوروبيون إرهاق الشبكات التي يستخدمها تنظيم "داعش"؛ للحد من قدراته على التواصل وتجنيد جهاديين جدد. وكان وزير الدفاع الأميركي آشتون كارتر أعلن في نهاية شباط أن الأميركيين يستخدمون أسلحة معلوماتية في حربهم ضد التنظيم الجهادي؛ بهدف "إضعاف قدرته على العمل والاتصال في ساحة المعركة الافتراضية".
ورفض كارتر يومها تقديم مزيد من التفاصيل عن هذه الهجمات، معتبراً أن ما يزيد من أهمية بقاء هذه الأسلحة المعلوماتية سرية هو أن هذه الأسلحة "جديدة" و"مفاجئة" و"قابلة للاستخدام" ضد خصوم آخرين غير تنظيم "داعش".
وتشكل الولايات المتحدة حالياً قوة قوامها نحو ستة آلاف جندي متخصص في الحرب المعلوماتية، توضع في الوقت الحاضر تحت سلطة الأميرال مايكل روجرز رئيس وكالة الأمن القومي، وكالة الاستخبارات النافذة المكلفة التجسس الإلكتروني.
وهذه "القيادة الإلكترونية" للجيش الأميركي التي تضم 133 وحدة قتالية، يفترض أن تكون قادرة في آن على القيام بعمليات دفاع عن الشبكات والحواسيب الأميركية والهجوم على آلات العدو. وهناك 65 عنصراً من إحدى هذه الوحدات الـ133 يعملون حالياً على استهداف شبكات التنظيم الجهادي.
فعالية استخدام التنظيم
وبرز خلال العامين الماضيين فعالية استخدام تنظيم "داعش" للشبكة العنكبوتية كوسيلة أساسية لجذب عناصر جديدة، فضلاً عن أنها وسيلة تواصل بين القيادات.
وذكر مدير اليوروبول (المكتب الأوروبي للشرطة) روب واينرايت، في تصريحات سابقة، أن "تنظيم داعش هو التنظيم الأكثر تواصلاً إلكترونياً، الذي نراه على الإنترنت". وأوضح أن التنظيم "يستغل الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي، التي أصبحت جزءا أساسياً من حياة العديد من الشباب".
وأكدت وثيقة داخلية مسربة في وزارة الخارجية الأميركية، نشرت العام الماضي، أنّ تنظيم "داعش" يكسب الحرب الإعلامية، مقابل ضعف إعلامي أميركي واضح. وتوضح الوثيقة أن آلاف الرسائل والتغريدات التي يغرق بها التنظيم مواقع التواصل، تمكن خلالها من "خداع" وتضليل الجهود التي تقوم بها "دول تعد من الأغنى والأكثر تطورا حول العالم".
الفصل الأخير مع "تويتر"
وكان موقع "تويتر"، وهو الأكثر استخداما بين مناصري التنظيم، أعلن في بداية العام الجاري عن إغلاق أكثر من 125 ألف حساب منذ منتصف عام 2015 المنصرم؛ لأنها "تهدد وتروج لأعمال إرهابية على صلة بـ"داعش".
وأوضحت الشركة أنها وسعت نشاط المجموعات المتخصصة التي تتولى مراجعة التقارير الخاصة بمثل هذه الأنشطة، في إجراء ساهم باتخاذ قرارات إغلاق الحسابات بشكل سريع.
ويأتي إعلان "تويتر" بعدما اتخذت فيه شركات أخرى -أبرزها "فيسبوك"- خطوات جدية لمراقبة تفاعل أعضاء التنظيم وتواجدهم على الإنترنت، بالإضافة إلى مراقبة المحتوى المنشور.
المواجهة الصعبة ووسائل التنظيم
ويتضح جلياً الفرق الهائل بين محاربة تنظيم القاعدة، ومحاربة تنظيم "داعش" في هذا المجال، فقبل نحو عشر سنوات، لم تكن مواقع التواصل الاجتماعي بهذا الزخم والتأثير. كما أن القدرة على نشر الرسائل من قبل التنظيم أكبر بكثير من القدرة على تتبعها وإخفائها، كما أن أي مادة دعائية تختفي تعود للظهور على الشبكة العنكبوتية فور قيام السلطات بإزالتها.
وقد أشار إلى هذا الأمر تقرير سابق لمؤسسة "كواليام"، وهي مؤسسة بحثية لمكافحة الإرهاب، وذكر أنه أصبح من الصعب جدا مراقبة المحتويات المنشورة على الإنترنت؛ بسبب الطرق البديلة التي يلجأ إليها مروجو هذه الأفكار. وأوضح أنه من الطرق البديلة تقنية "الويب الخفي" (Deep Web) أو الشبكة المعتمة (Dark Net) التي تمكنهم من نشر مواد أو صفحات ديناميكية دون أن يتم تعقبها بسهولة.
وعبر هذه الطرق، تنشر مواد دون أن تتم أرشفتها أو فهرستها على محركات البحث المعروفة مثل "غوغل" أو "ياهو"، بحيث إنها لا تحتوي على عناوين الإنترنت المعروفة مثل (www) أو (com.) وللوصول إليها لا بد من استخدام متصفحات معينة غير تلك المتداولة لدى عموم مستخدمي الإنترنت.
بالإضافة إلى ذلك، إنشاء صفحات لا توجد لها روابط في صفحات أخرى وارتباطات بالشبكة عبر بروتوكولات غير شائعة، فضلاً عن استخدام ملفات غير نصية، مثل ملفات الفيديو والصور غير القابلة للفهرسة.
يشار إلى أن تنظيم الدولة أصدر في كانون أول الماضي إحصائية أوضح من خلالها أن العام الهجري الماضي 1436 من (25 تشرين أول 2014 إلى 15 تشرين أول 2015)، شهد إنتاج 732 إصدارا مرئياً، و1787 تقريراً مصوراً يحتوي على 14523 صورة، بالإضافة إلى ست كلمات صوتية لأبي بكر البغدادي وأبي محمد العدناني، و58 أنشودة بثماني لغات، و28 عددا لمجلات تابعة للتنظيم. ووصل مجموع ما أنتجه التنظيم في سنة واحدة إلى 2611 مادة إعلامية، أي بمعدل سبع مواد يومياً.
(عربي 21)