بعيداً من قرقعة طبول الانتخابات البلدية والاختيارية التي باتت الشغل الشاغل للبنانيين في الايام الاخيرة، وباتت تحجب غبار ملفات عدة شائكة، تبقى استحقاقات داهمة وقضايا حساسة ومصيرية في الصدارة واهمها الملف المالي المتعلق بالقانون الاميركي الاخير الذي يمنع التعامل مع "حزب الله". وفي هذا الاطار يصل الى بيروت في الأسبوع الأخير من شهر أيار مساعد وزير الخزانة الأميركي لشؤون تمويل الارهاب في "مكتب شؤون الإرهاب والاستخبارات المالية" في الوزارة دانيال غلايزر، حاملاً ملفاً كاملاً ومتكاملاً عن تفاصيل المراسيم التطبيقيّة الخاصة بالقانون الأخير الصادر عن الكونغرس الاميركي والذي يستهدف "حزب الله".
وعلمت "النهار" ان غلايزر سيبلغ الجهات المصرفية اللبنانية وبلهجة شديدة، ضرورة عدم التفاف بعض المؤسسات المصرفية على العقوبات بعد المعلومات عن إمكان إستمرار بعض المؤسسات في التعامل مع الأفراد والمؤسسات الذين أُدرجوا في لائحة الـOFAC بإستخدام الليرة اللبنانية أو عملات أخرى غير الدولار. من هنا سيؤكد المسؤول الأميركي أن العقوبات تعني قطاع التعامل المصرفي بمختلف انواعه مع الافراد المستهدفين بشكل قاطع ونهائي. كذلك يُتوقع أن يؤكد غلايزر للمسؤولين اللبنانيين أن الحكومة الاميركية مستمرة في إتخاذ الاجراءات والقرارات ضد "حزب الله" مع إستمرار فرض مزيد من العقوبات في المستقبل عليه وعلى كل من يسانده أو يدعمه، وان المراسيم التطبيقية قد تتوسع في المستقبل مما يعني ان اللوائح التي وُضعت ونشرت ليست نهائية بل سيضاف مزيد من الأسماء والمؤسسات اليها.

مجلس الوزراء
واذا كان التشريع معطلاً في مجلس النواب ما يطيح قانون الانتخابات النيابية المختلف عليه وسلسلة الرتب والرواتب (التي نفذت هيئة التنسيق النقابية أمس اعتصامات للمطالبة بها)، فان مجلس الوزراء الذي ينعقد اليوم لا ينجز الكثير، ويبدو معطلاً أمام الملفات الخلافية التي يؤجلها من جلسة الى أخرى، ومنها ملف المديرية العامة لأمن الدولة التي أمهل رئيس الوزراء قبل أسبوع أسبوعين لتقديم حل مقترح للمجلس، او اتخاذ ما يلزم من اجراءات للحل.
وأبلغت مصادر وزارية "النهار" ان البند الوارد في جدول أعمال الجلسة العادية اليوم والمتعلّق بتجديد قرار إعطاء "الداتا" الى الاجهزة الامنية قد يثير نقاشاً من زاوية السؤال عن شموله جهاز أمن الدولة. وهذا السؤال سيفتح الباب مجدداً أمام الجدل حول إعطاء الجهاز مخصصاته السرّية المحجوزة في وزارة المال. وتوقعت ان يقدم الرئيس تمّام سلام موجزاً عن الاتصالات التي أجراها في شأن هذه القضية وربما بادر الى الطلب من الوزراء تأجيل النقاش في شأن أوضاع الجهاز في إنتظار أن يستكمل إتصالاته.
وتساءلت المصادر عن إمكان متابعة مجلس الوزراء الموقف الصادر عن التحرك التربوي أمس والذي قرر مقاطعة مراقبة الانتخابات البلدية والاختيارية وهل يكون ذريعة لتأجيل الاستحقاق بعدما عجز الموضوع الامني عن أن يكون مثل هذه الذريعة؟

 

الانترنت غير الشرعي
وفي الملفات العالقة أيضاً بين القضاء واللجنة النيابية ووزارة الاتصالات وجهات اخرى، ملف "الانترنت غير الشرعي" الذي يبدو انه أدخل في متاهات من أجل ارباك الجهات المتابعة له تمهيداً لاقفاله من دون بلوغ الحقيقة. واذا كان عدد من السياسيين أثاروا أخيراً موضوع الـ "غوغل كاش" لاتهام المدير العام لـ"أوجيرو" بسوء الادارة وتحقيق منافع مالية خفية، فان أصحاب شركات الانترنت قصدوا أمس الوزير بطرس حرب طالبين اعادة تفعيل الخدمة التي يحصلون عليها مجاناً. وقالت مصادر في وزارة الاتصالات لـ"النهار" إن اثارة الملف هدفه التعمية على ملف الانترنت غير الشرعي وتحويل الانظار الى مكان آخر، وان الوزير حرب هو الذي وافق على اعتماد شركة توفيق حيصو كمقسم لتوفير الخدمة للشركات الخاصة من دون اي منافع مالية. وأكدت ان التحقيقات ستؤكد عدم وجود مخالفة أو مصالح خفية. 

"لائحة البيارتة"
بلدياً، سجل الانجاز الأبرز في بيروت حيث أعلنت لائحة "البيارتة" من "بيت الوسط" بعد إتصالات ومفاوضات وصلت الليل بالنهار، وحضر الرئيس سعد الحريري وجمع من السياسيين من كل الاطراف لتأكيد اعطائها الزخم المناسب، وغاب وزير الداخلية نهاد المشنوق "لحرصه على تأكيد حياد الوزارة وكونها على مسافة واحدة من الجميع".
فالتعثّر الشديد الذي شهدته الولادة القيصرية للائحة كاد يطيح كل المساعي والمحاولات المبذولة للتوصل إلى لائحة توافقية تضم مختلف القوى السياسية، وحتى ساعات الليل الاولى لم تكن هذه المساعي قد بلغت خواتيمها. لكن خطرين شكلا القاسم المشترك لكل القوى المعنية، ودفعا نحو إخراج التسوية من عنق الخلافات المأزومة.
وإذا كان القرار السياسي واضحاً لدى "المستقبل" بضرورة التوصل إلى لائحة تضم كل القوى منعاً للفشل الذي سيسجل في خانة رئيس التيار في العاصمة، تلافياً للتداعيات السلبية المرتقبة للعجز عن التوافق على لائحة، فإن إتصالات الساعات الاخيرة أسفرت عن موافقة "التيار الوطني الحر" على اللائحة علما أن رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع كان له موقف معترض مماثل من اللائحة وكاد ان يطيح النتيجة التي بلغتها الاتصالات.
وعكست حركة الاتصالات، كما النتيجة التي تم التوصل إليها، نجاح القوى المسيحية في إختبار تضامنها وقدرتها على ممارسة الضغط لتحقيق مطالبها، فضلاً عن نجاحها في منع الإستفراد الذي نتج من إتصالات جانبية بين بعض المرجعيات الروحية و"المستقبل"، ما لبثت أن صبت في ما بعد في مصلحة اللائحة الموحدة.