بيروت العاصمة على موعد اليوم مع إعلان الرئيس سعد الحريري «لائحة التوافق» من بيت الوسط، والتي يرأسها المهندس جمال عيتاني، والتي تضم 24 مرشحاً لعضوية بلدية بيروت الممتازة مناصفة بين المسلمين والمسيحيين، بعدما تمكنت الاتصالات من تذليل أخر العقد، لا سيما التي واجهت المرشحين المسيحيين بين أحزاب ونواب ورجال دين.
وعبر الرئيس سعد الحريري بقوة عن هذا التوجه لدى استقباله العائلات البيروتية، حيث أكّد امامها رفضه مطالبة البعض بلوائح طائفية أو مذهبية صرفة، معتبراً ان اجراء الانتخابات هو الرد على محاولات تعطيل الحياة السياسية في البلاد، مؤكداً ان الانتخابات ستجري في موعدها للنهوض ببيروت وسائر المدن.
وبصرف النظر عن مآل اللوائح الأخرى التي تطمح إلى خوض الانتخابات، في ظل إرباك يواجهها يتعلق بالترشيحات والتحالفات والدعم السياسي (عددها 4) (راجع ص 5)، فإن حدثاً نادراً قد يكون الأوّل من نوعه، منذ انتهاء الحرب وإعادة بناء الدولة، في ضوء دستور الطائف، وقع امام حرم الجامعة الأميركية في بيروت أمس، بين طلاب من حزب الكتائب ومناصري الحزب السوري القومي الاجتماعي الذي يتهم أحد الأفراد المنتمين إليه بأنه اغتال الرئيس بشير الجميل بعد أقل من أسبوعين على انتخابه في العام 1982 وقبل ان يتسلم مهامه الدستورية.
فقد تحول «يوم بشير الجميل» في الجامعة إلى اشتباك بالايدي بين الطرفين وفور رؤية طلاب الكتائب يحملون صوراً لقائد «القوات اللبنانية» الراحل، تجمع القوميون واطلقوا عبارات مسيئة له، مما اثار حفيظة طلاب الكتائب الذين انتفضوا في وجه الإساءة.
وعلى الفور حضرت قوى الامن الداخلي وطوقت الاشكال وفصلت بين الطرفين، الا ان القوميين اعتصموا امام مبنى الجامعة وقطعوا شارع بلس امام السيّارات والمارة، رافعين اعلام الحزب والمقاومة الوطنية، مشيدين بمؤسس «القومي»، عارضين صور الجميل مع الإسرائيليين قبل الاقدام على حرقها.
وتوقفت أوساط سياسية امام هذا الاشكال، ليس بحجمه، بل بتوقيته وخلفياته السياسية والتاريخية، وإعادة ايقاظ صورة المواجهات والتظاهرات والتظاهرات المضادة بين أحزاب اليمين واليسار عشية الحرب الأهلية عام 1975.
وقالت هذه الأوساط ان هذا الحادث ايقظ ذاكرة اللبنانيين التي عايشت الحرب، معربة عن مخاوفها من ان يترك هذا الحادث ذيولاً تؤثر على الأجواء الديمقراطية للانتخابات البلدية والاختيارية.
«تخريجة» برّي
على ان المشهد غير الصحي على الأرض، في أكثر من محافظة ومنطقة، واجهه أمس، قرار من الرئيس نبيه برّي بعدم الدعوة إلى جلسة تشريعية «بتخريجة نظامية» تقضي بافساح المجال امام اللجان المشتركة لدراسة 17 مشروع واقتراح قانون يتعلق بقانون الانتخاب المطلوب اقراره لاجراء الانتخابات على أساسه، على ان تنتهي دراسة اللجان إلى مشروع أو اثنين يمكن وضعهما على جلسة لإقرار القانون، من ضمن جلسات تشريع الضرورة.
وجد الرئيس برّي متسعاً من الوقت، مؤثراً التفاهم على التصادم، والإجماع على التوافق، وحتى لا تشعر الأحزاب المسيحية انها مستهدفة.
وعبر الرئيس برّي عن حيثية قراره بأن «هذا الموقف ليس تراجعاً عن قناعاتي، بل هو احترام لكم وحرصاً على لبنان.. فقانون الانتخاب كما البلد بحاجة إلى توافق».
ليس سبب ارجاء دعوة مكتب المجلس للاجتماع يرتبط بالنصاب، ولا بتغيير قناعاته بان للمجلس الحق بالتشريع في كل حين، بل لأن هناك متسعاً من الوقت، وليس نبيه برّي من يزايد عليه ميثاقياً، لكنه استدرك «عندما أجد ان هناك خطراً على البلد سأفعل مثلما فعلت في 2015» (أي عقد جلسة تشريعية بمشاركة كل الاطراف).
ومع هذه النتيجة، سحبت الذرائع لاجواء سياسية متوترة.
وساهم في تعزيز أجواء الاسترخاء السياسي ما أعلنه الرئيس سعد الحريري انه لم يسمع ولن يسير باقتراح سنتين رئاسة للعماد ميشال عون، أولاً لأنه يحتاج إلى تعديل دستوري، وثانياً لأن الحل الدستوري يكون بالنزول إلى مجلس النواب وانتخاب رئيس لمدة ست سنوات.
وهذا الموقف يتفق مع ما أعلنه الرئيس برّي في مؤتمره الصحفي لجهة رفضه اقتراح السنتين.
اما بكركي فقالت عبر مكتبها الإعلامي ان وثيقة الصفحتين التي كشف عنها الوزير السابق وئام وهّاب، وقال أن البطريرك الماروني بشارة الراعي سلمها للرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند لدى زيارته إلى بيروت، مختلفة عن وثيقة البطريرك، نافياً صحة وثيقة وهّاب، الأمر الذي أراح النائب ميشال عون، وطوى صفحة من السجال بين الرابية وبكركي ولو إلى حين.
والسؤال: ما الذي طرأ حتى أقدم الرئيس برّي على إرجاء الجلسة التشريعية التي كانت مقررة في الأسبوع الأوّل من أيار المقبل، من دون أن يُحدّد موعداً احتمالياً لجلسة تشريع الضرورة الملحّة؟
وفقاً لمعلومات «اللواء» أن اتصالات جرت في نهاية الأسبوع بين الرابية وحارة حريك وعين التينة، بحثاً عن مخرج، بحيث أن لا تعقد جلسة تشريعية بغياب «التيار الوطني الحر» و«القوات اللبنانية» على الأقل.
وإزاء عدم التوصل إلى تفاهم حول هذا الموضوع، ونظراً إلى أن لا إلحاحية تتسبب بشرخ وطني وتفرض عقد الجلسة، فيما المطلوب إجراء الانتخابات البلدية والاختيارية في أجواء مريحة، والحفاظ على الاستقرار السياسي وطاولتي الحوار التي ترعاهما عين التينة وعدم إفقاد الرئيس برّي صفة الراعي التوافقي، وهمزة الوصل بين كل الكتل والأطراف، مع دخول فريقي 8 و14 آذار «في حالة موت سريري» بتعبير الرئيس برّي، لجأ رئيس المجلس إلى هذا التدبير.
وأضافت المعلومات أن الرهان على إجراء الانتخابات الرئاسية عاد إلى الواجهة، وإن كانت الحلول للرئاسة الأولى غير جاهزة بعد، في ضوء عودة التجاذب الكبير، على خلفية انهيار الهدنة السورية وتجدد العمليات القتالية والانتحارية في سوريا والعراق.
ترحيب مسيحي
وفي رأي عضو تكتل «الاصلاح والتغيير» سليم سلهب لـ«اللواء» أن الرئيس برّي أوجد المخرج اللائق لعدم عقد جلسة تغيب عنها الميثاقية، وأن الاختبار الحقيقي يكون باللجان المشتركة لمعرفة ما إذا كان في الإمكان التوصل إلى قانون انتخاب تجمع عليه الكتل النيابية بعد خلط الأوراق وسقوط تكتلي 8 و14 آذار.
ورأى عضو كتلة «القوات» النائب فادي كرم أن مخرج برّي فتح الباب لنقاش أوسع حول قانون الانتخاب داخل اللجان المشتركة وخارجها.
ولاحظ عضو كتلة الكتائب النائب فادي الهبر أن الرئيس برّي لم يشأ مخالفة الميثاقية، معتبراً أن الحل الوحيد في انتخاب رئيس جديد للجمهورية يفتح الباب أمام التشريع وتأليف حكومة جديدة.
مكتب الحريري
في هذا الوقت، سفّه المكتب الإعلامي للرئيس الحريري ما أوردته جريدة «السفير» نقلاً عن صحف فرنسية من أن أفراداً من شبكة متهمة بتبييض أموال مخدرات عصابات كولومبية لصالح حزب الله، وأنهم سلّموا أموالاً إلى المحامي بشارة طربيه باعتباره محامي الرئيس الحريري، وأن طربيه أبلغهم أن الأموال ستسلم إلى الرئيس الحريري، واصفاً مزاعم الشبكة بأن لا أساس لها من الصحة، وأن طربيه ليس محامياً للرئيس الحريري ولا تربطه به لا علاقة شخصية ولا مهنية، وأن هذا الأسلوب للنيل السياسي الرخيص من الشرفاء هو لحرف الأنظار عن الحقيقة وحقيقة من يشغل هؤلاء.
واستأثرت الرؤية التي قدمها ولي ولي عهد المملكة العربية السعودية وزير الدفاع الأمير محمّد بن سلمان بعنوان: «السعودية 2030» باهتمام لبناني واسع، لجهة الاطمئنان إلى استقرار الأوضاع في المملكة، وهو الأمر الذي يهم اللبنانيين، باعتباره يُشكّل اطمئناناً إلى مصيرهم ووضعهم في المملكة ودول الخليج.
ووصف الرئيس الحريري في سلسلة تغريدات له عبر «تويتر» الشخصية القيادية التي أظهرها الأمير محمّد بن سلمان في مقاربته الملفات الصعبة بأنها قيمة مضافة لصدقية الرؤية وأهميتها للنجاح في مواجهة التحديات، مقدّماً التهنئة لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز بهذا الإنجاز.
وعشية جلسة مجلس الوزراء، غداً، وعلى الرغم من ارجاء الجلسة التشريعية، تمسكت هيئة التنسيق باضرابها اليوم، للمطالبة بإقرار سلسلة الرتب والرواتب، فيما أعلن اتحاد المؤسسات التربوية الخاصة ان أبواب المدارس ستبقى مفتوحة.
توافق طرابلس ينتظر
في هذه الاثناء، بقي حديث التوافق في انتخابات بلدية طرابلس، في دائرة الاهتمام، في ظل تأكيد لمصادر مطلعة ان التوافق بالكامل والإعلان عن اسم المرشح العتيد لرئاسة اللائحة صار حتمياً، الا انها اشارت إلى ان الإعلان عن الاسم لن يكون سريعاً، وانه قد يؤجل إلى ما بعد فتح باب الترشيح للانتخابات البلدية في طرابلس.
وكشفت المصادر عن اجتماعات متتالية عقدت بين نواب طرابلس دون الإعلان عن أي جديد، باستثناء ان الرئيس نجيب ميقاتي اشترط التفاهم على اسم من ثلاثة هم: عبد الرحمن الثمين وعزام عويضة وعمر الحلاب، للاستمرار بالتوافق، مع العلم ان الاسم الأخير استهدف من قبل الحراك المدني الطرابلسي باعتبار انه رئيس مجلس إدارة حلويات الحلاب في طرابلس، رغم انه عضو في جمعية الصناعيين اللبنانيين وهو رئيس تجمع رجال الأعمال في الشمال.
اللواء : برّي ينزع فتيل «التفجير التشريعي».. و«يوم بشير» يجدِّد الإشتباك بين الكتائب والقومي
اللواء : برّي ينزع فتيل «التفجير التشريعي».. و«يوم بشير»...لبنان الجديد
NewLebanon
|
عدد القراء:
292
مقالات ذات صلة
الجمهورية : السلطة تحاول التقاط أنفاسها... والموازنة تفقدها...
الاخبار : السفير الروسي: الأميركيّون يهيّئون لفوضى في...
اللواء : باسيل يتوعَّد السياسيِّين.. ورعد...
الجمهورية : مجلس الوزراء للموازنة اليوم وللتعيينات غداً.....
الاخبار : الحريري بدأ جولة...
اللواء : هل يستجيب عون لطلب تأجيل جلسة المادة...
ارسل تعليقك على هذا المقال
إن المقال يعبر عن رأي كاتبه وليس بـالضرورة سياسة الموقع
© 2018 All Rights Reserved |
Powered & Designed By Asmar Pro