ثلاثة أيام وتدخل البلاد في إجازة طويلة، تبدأ مع خميس الأسرار لدى الطوائف المسيحية التي تتبع التقويم الشرقي، مما قدّم موعد مجلس الوزراء إلى الأربعاء بجدول أعمال يغيب عنه بند أمن الدولة، ومثقل بـ165 بنداً مؤجلاً من جلسات سابقة، وينتهي الثلاثاء وربما الأربعاء، حيث تصادف ذكرى الإسراء والمعراج، لينطوي الأسبوع الأول من أيار والأمور تراوح.
ووفقاً للأجندة اليومية، يصبح من المستبعد عقد جلسة تشريعية قريبة، لا سيما وأن الرئيس نبيه برّي لم يدع هيئة مكتب المجلس لاجتماع بعد، وهو لا يعتبر، وفقاً لأوساطه، أن مهلة تبلغه أجوبة الكتل المسيحية الثلاث: الكتائب و«القوات اللبنانية» و«التيار العوني» لم تنته بعد.
ووفقاً لهذه الأجندة أيضاً يصبح إضراب هيئة التنسيق النقابية غداً الثلاثاء خارج سياق الضغط على المجلس لإقرار سلسلة الرتب والرواتب.
وإذا كانت الأنظار تشخص إلى تفاقم معارك الفساد والتحقيقات المتصلة «بالانترنيت غير الشرعي» والتجاذبات حول أمن الدولة واختلاسات قوى الأمن الداخلي والاتجار بالبشر وتفاقم المشكلة حول التفيش المركزي بين رئيس التفتيش القاضي جورج عواد وعضو الهيئة المفتش الإداري صلاح الدنف الذي كشف الوزير السابق وئام وهّاب، في مقابلة مع تلفزيون «الجديد» ليل أمس، أن وزير التربية والتعليم العالي الياس بوصعب قرّر إحالته إلى التحقيق، على خلفية تحقيق يتعلق بالمدارس المجانية، فإن السؤال الذي يفرض نفسه: ماذا يعني تقدّم هذا الملف على ما عداه، وما صلة ذلك بالاستحقاق البلدي الذي يصادف الأحد الذي يلي الأحد المقبل أي في 8 أيار المقبل، واستطراداً ما صلة هذا الملف بالاستحقاق الرئاسي، في وقت تتزايد الضغوط على الدولة اللبنانية، إن في ما خصّ الإجراءات الأميركية ضد «حزب الله»، أو انفجار الخلافات بين الوزراء، والتي كان آخرها بين الوزيرين سمير مقبل ووائل أبو فاعور، من دون أن تكون قد انطوت الأزمة بين النائب وليد جنبلاط وفريقه الوزاري ووزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق؟
«حزب الله» على خط الفساد
والجديد على هذا الصعيد، وعشية مثول رئيس هيئة «أوجيرو» عبد المنعم يوسف و6 من المشتبه بهم بينهم توفيق حيسو أمام مدعي عام التمييز القاضي سمير حمود للنظر في ما يتعيّن القيام به لجهة الادعاء والإحالة إلى قاضي التحقيق عليهم أو على بعضهم، دخل حزب الله على خط ملف الفساد، فأعلن بلسان نائب أمينه العام الشيخ نعيم قاسم، وفي مناسبة إطلاق الماكينة الانتخابية البلدية في البقاع، «على متابعة الحزب لملف الفساد، سواء في شبكة الانترنيت أو الاتجار بالبشر وغيرها»، موضحاً أن شعار الحزب ومواقفه في الداخل اللبناني هو أننا «سنبني الدولة بكل ما يحتاجه هذا البناء، ولن نكون أتباعاً لأي سياسات أو أي دولة مهما بلغت التضحيات».
وهذا الموقف الذي يبدو وكأنه يأتي في سياق طبيعي، تدرجه أوساط ديبلوماسية في دائرة تتصل بمواجهة الضغوطات الخارجية على الحزب، وما يمكن وصفه بالضغوطات المتبادلة بالداخل في إطار سياسة «إنهاك القوى»، لفتح الطريق أمام اقتراحات قابلة للحياة، في ما خصّ رئاسة الجمهورية.
الرئيس لسنتين
وعلى هذا الصعيد، وفي الوقت الذي تتعاطى فيه الرابية بما يشبه «عدم الاكتراث» باقتراح يقضي بانتخاب رئيس للجمهورية لمدة سنتين يُنهي الشغور الرئاسي، ويفتح الباب أمام قانون جديد للانتخابات النيابية، فضلاً عن إصلاحات تعيد الفعالية إلى موقع رئاسة الجمهورية، كشف وهّاب ان هذه الفكرة جاءت في نص مذكرة سلمها البطريرك الماروني بشارة الراعي إلى الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند، أثناء زيارته الأخيرة للبنان، والذي لم يمانع بها، واعداً بالعمل على تسويقها.
ووفقاً للمذكرة، يتم انتخاب رئيس لمرحلة انتقالية مدتها سنتان، تجري خلالها إصلاحات تتعلق بموقع رئاسة الجمهورية، ورئاسة الحكومة، ويقر قانون الانتخاب وينتخب مجلس نيابي جديد وتسير عملية الدولة، بما يمهد للانتقال إلى مرحلة جديدة.
وكانت الرابية، خلافاً للموافقة الضمنية لقيادات بارزة في 8 آذار، نسبت هذا الاقتراح إلى جهات عربية أو محلية لا صلة لها بها، معتبرة ان هذا الاقتراح هو «للاستهلاك والحرق والاحراق».
تشريع الضرورة
في ظل هذه الأجواء، وفيما لم تشأ أوساط الرئيس بري ربط الدعوة لاجتماع هيئة مكتب المجلس باجوبة القوى المسيحية على مبادرته الأخيرة، أكّد النائب في «القوات» فادي كرم لـ «اللواء» ان الموقف معروف ويجري تأكيده يومياً، فلا تراجع عن اعتبار ان الأولوية في أي جلسة تشريعية هي لقانون الانتخاب، وبالتالي فإن نواب الحزب لن يشاركوا في أي جلسة لا يتصدرها قانون الانتخاب.
وأضاف القيادي في «التيار الوطني الحر» الوزير السابق ماريو عون ان موقف التكتل يلتقي مع موقف «القوات» لكنه يُصرّ على طرح قانون الانتخاب واقراره، واصفاً الرغبة بعقد جلسة غير ميثاقية بالنسبة للتصعيد السياسي.
لكن وزير المال علي حسن خليل، وصف التقاعس في تحمل المسؤولية والتجاوب مع مبادرة الرئيس برّي بعقد جلسات تشريعية بأنه تعطيل لحياة النّاس ومصالحها، من خلال عدم إقرار القوانين.
وذهب خليل أبعد من ذلك إلى ربط استمرار العمل الحكومي بمجلس تشريعي يراقب ويحاسب ويحول الاقتراحات إلى قوانين، معتبرا ان النقطة الميثاقية هي مصلحة النّاس والمواطنين في عدم تعطيل المؤسسات من دون ان يغفل أن الرئيس برّي هو أول من دافع عن منطق الميثاقية.
الانتخابات البلدية
في هذا الوقت،بقي هاجس الرئيس سعد الحريري الدفع بقوة لتذليل التعقيدات أمام اللائحة الإئتلافية، والسعي الی التوافق في أي منطقة يمكن التوافق فيها، لا سيما في طرابلس، وهو أكد أمام وفد يمثل الجمعيات والعائلات الكردية أتى لشكره على اختيار المرشح الكردي عدنان عميرات علی اللائحة الإئتلافية لمجلس بلدية بيروت، ان الانتخابات ستجري بموعدها، وأن محاولات إحداث البلبلة ستبوء بالفشل.
وفي تقدير مصادر مطلعة ان حديث الرئيس الحريري من محاولات البلبلة في انتخابات بيروت، هو إشارة الی المحاولات الجارية لتشكيل لوائح انتخابية منافسة لتحقيق التوافق في انتخابات بيروت، حيث ظهرت إلى الآن ثلاث لوائح انتخابية، اثنتان مكتملتان: الأولى ائتلافية يقودها تيّار «المستقبل» مع سائر القوى السياسية على قاعدة المناصفة بين المسلمين والمسيحيين، والثانية لحملة «بيروت مدينتي» يقودها نشطاء الحراك المدني، والتي نشطت أمس في اتجاه الأشرفية والمزرعة.
اما الثانية غير المكتملة، فتقتصر على أربعة مرشحين هم: غادة اليافي، ياسر الصاروط، جورج صفير والوزير السابق شربل نحاس، والتي اعلنها الأخير في مؤتمر صحافي عقده أمس في مسرح «المدينة»، باسم حركة «مواطنون ومواطنات في دولة». مشيرا إلى ان الحركة ستعلن أسماء مرشحيها في البقاع وبعلبك - الهرمل في خلال أسبوع، عندما تصل «البوسطة» إلى المناطق تباعاً ووفق  الجدول الزمني للانتخابات.