نعمت البلاد بنهاية أسبوع هادئة، احتفل خلالها المسيحيون الذين يتبعون التقويم الشرقي بأحد الشعانين، فأقيمت الزيّاحات في المناطق ورُفعت الصلوات، فيما استذكرَ الأرمن الإبادةَ الجماعية التي نُفّذت في حقّهم منذ مئةٍ وعام، فأحيوا هذه الذكرى الأليمة بقدّاس ترَأسه كاثوليكوس الأرمن الأرثوذكس لبيت كيليكا آرام الأوّل، في كاثوليكوسية الأرمن الأرثوذكس - أنطلياس، وبتجمّع شعبي واحتفال نظّمته الأحزاب الأرمنية الثلاثة: «الطاشناق» و»الهانشاك» و»الرامغفار»، في ساحة الشهداء وسط بيروت مساء أمس. أمّا سياسياً فانشغلَ اللبنانيون عموماً والسياسيون خصوصاً بمتابعة التحضيرات الجارية للانتخابات البلدية والاختيارية، والتي ارتفعَت وتيرتها في الساعات الماضية. ومن المنتظر أن تنشط الاتّصالات اليوم في شأن عقدِ جلسة تشريعية، وقد علمت «الجمهورية» أنّ الساعات الماضية لم تشهد أيّ تواصل في هذا الصَدد بين رئيس مجلس النواب نبيه بري والقوى السياسية المعنية، وأكّد أمام زوّاره أنّه لم يتبلّغ أجوبة من الكتل النيابية على مبادرته التشريعية سوى ما سمعه في بعض وسائل الإعلام. فيما أكّدت أوساط عين التينة أنّه مصِرّ على الجلسة التشريعية ولن يتراجع تحت أيّ ذريعة. كذلك غابَت الاتصالات بين القوى السياسية، قبل يومين على انعقاد جلسة مجلس الوزراء بعد غدٍ الأربعاء والتي لن تناقش ملف المديرية العامة لأمن الدولة، لعدم انقضاء المهلة التي طلبَها رئيس الحكومة تمّام سلام لمعالجته خلال 15 يوماً.
فيما تستمر البرودة على جبهة الاستحقاق الرئاسي، يتزايد الكلام عن اقتراح يقضي بانتخاب رئيس تكتّل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون رئيساً للجمهورية لمدة سنتين.
لكنّ هذا الاقتراح الذي لم يجد بعد من يتبنّاه رسمياً، يَكثر الحديث عنه يوماً بعد يوم، وذهبَ البعض إلى تأكيد وجوده، مستندِين إلى الموقف الأخير للرئيس سعد الحريري، والذي قال فيه إنّه إذا تأمّنَ النصاب فإنّه سينزل إلى مجلس النواب لينتخبَ رئيساً، وإذا فاز عون فسيكون أوّلَ المهنّئين، لأنّ وصول أيّ شخص إلى سدّة الرئاسة أفضل من الفراغ.
وهذا الموقف، معطوفاً على مواقف رئيس تيار «المردة» النائب سليمان فرنجية الأخيرة، ولغته الهادئة حيال عون، عزّز فرَضية وجود طرح كهذا، عِلماً أنّ فرنجية أكّد أمس أنّ «بين الأحبّاء هناك دائماً عتَب، أو لوم، تقارُب أو تباعُد، كما الحال بين الوالد وابنه أو الأخ وأخيه، والصداقات الجديدة قد توصِل إلى تفاهم سياسي»، مشدّداً على أنّ «البلد أهمّ شيء»، لافتاً إلى أنّ «الإنجاز الأهم تحقّق وهو أنّ الرئيس من فريقنا، ويجب أن لا نخسره، سواء كان العماد ميشال عون أو سليمان فرنجية».
وفيما لم يشَأ «حزب الله» تأكيد وجود مِثل هذا الطرح أو نفيَه أو الحديث عنه، أوضحت مصادر مواكبة للملف الرئاسي لـ»الجمهورية» أنّ «ما يجري التداول به هو مجرّد فكرة لم ترقَ بعد إلى منزلة الطرح الجدي، وذلك بعد وصول الاستحقاق الرئاسي إلى باب مقفل، وانسداد الآفاق أمامه».
وعلّقت المصادر آمالاً على أن يقبل عون بانتخابه لسنتين على أن يستقيل بعدها تلقائياً، وخلال فترة حكمِه يُصار إلى وضعِ قانون انتخابي جديد ويُطلَق حوار سياسيّ جاد وتُجرى الانتخابات النيابية والرئاسية».
وقالت مصادر مطلعة لـ«الجمهورية» إنّ هذا «الاقتراح» في شأن رئاسة الجمهورية لم تطرحه ايّ جهة جدّياً بَعد على القوى السياسية الفاعلة في البلد، وهو لا يخرج عن نطاق الإشاعات والآمال. كذلك فإنه لم يُطرَح على «حزب الله» بعد، كما أنّ رئيس مجلس النواب نبيه بري ليس في صورته، ولا أحد أثارَ هذا الاقتراح مع عون نفسه».
وإذ تتوقّف هذه المصادر عند أجواء التهدئة السياسية السائدة حاليّاً في البلد وعند تخفيض سقف الخطاب لدى كلّ مِن عون والحريري وفرنجية ورئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط، تبدي اعتقادَها بأنّ هذه التهدئة «ربّما يكون هدفها تسهيل عملية انتخاب رئيس موَقّت».
موقف حزب الله
في غضون ذلك، علمت «الجمهورية» أنّ «حزب الله» لا يزال على موقفه الداعم ترشيحَ عون ما دام هو مرشح، وأشارت مصادر قريبة من الحزب الى انّ التحالف بين الطرفين «عمرُه عشر سنوات، وهو كلّ يوم يزداد قوّة وثقة ومناعة».
وفي هذا السياق قال نائب الأمين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم: «جميع الأطراف وصَلوا إلي مرحلة الطريق المسدود ويفكّرون ببعض الحلول التي يمكن أن تفتح ثغرةً، لكنّهم يريدون الحلول أن تكون في إطار ما يفكّرون به، وليس في إطار ما يعالج أصلَ المشكلة، وعندما طرح «حزب الله» دعمَ ترشيح العماد عون كان ذلك نظراً لموقعيّة الجنرال عون في الساحة المسيحية والساحة اللبنانية عموماً، والتأييد الواسع الموجود له على المستوي الشعبي، خصوصاً عند المسيحيين، ما يَجعل اختيارَه اختياراً منطقياً واختياراً لشخص يستطيع أن يقوم بالتزامات ويُطمئن الأطراف المختلفة إلى رؤية واضحة، لكنّ تيار «المستقبل» ومَن معه لا يريدون الجنرال عون».
وأكّد «أنّ أيّ طرح آخر هو في الواقع إسقاط مشروع طرح العماد عون، وهذا لا يمكن أن نقبل به في هذه المرحلة التي يستمرّ فيها العماد عون في الترشّح».
وعمّا إذا كان يرى إمكانية لانتخاب رئيس للجمهورية قبل 24 أيار المقبل، قال قاسم: «لا نعلم متى تتغيّر بعض الظروف لمصلحة تغيير بعض المواقف لانتخاب الرئيس، لكن يبدو أنّنا أمام أزمة مستمرّة لفترة من الوقت».
ورأى «أنّ زمن التسويات لم يحِن وقتُه حتى الآن، ويبدو أنّ الأمور تتطلب بعض الوقت، أقلّه أشهراً إلى الأمام، وقد يتجاوز الأمر أكثر من سنة، ريثما تتبلوَر الأمور الموضوعية لبعض الحلول والتسويات». وأكّد أنّه «لا يوجد شيء حاضر في لبنان في هذه المرحلة».
بكركي
من جهتها، أكّدت مصادر بكركي لـ«الجمهورية» أنّه لم يتمّ حتى الساعة التحدّث رسمياً مع البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي في اقتراح انتخاب رئيس جمهورية لمدّة سنتين، «مع العلم أنّ هذا الأمر يؤدي إلى تقصير ولاية الرئيس التي تبلغ ستّ سنوات».
جلسة التشريع
وعلى خط التشريع، قال رئيس مجلس النواب نبيه بري أمام زوّاره مساء أمس إنّه لا يزال ينتظر أجوبة الكتل النيابية على مبادرته التشريعية التي طرَحها على طاولة الحوار الأسبوع الماضي، ولم يتلقَّ أيّ جواب رسمي بعد، وإنّ ما توافرَ لديه هو ما سَمعه من وسائل الإعلام، وقال: «في ضوء هذه الأجوبة التي أنتظرها سأبني على الشيء مقتضاه، لكن ما يهمني أوّلاً وأخيراً هو مصالح الناس».
وأضاف: «لقد طرحتُ هذه المبادرة أمام المتحاورين وتلقّيت تأييد الجميع باستثناء حزب الكتائب الذي يَعتبر أنّ مجلس النواب في ظلّ الشغور الرئاسي هيئة ناخبة ولا يحقّ له التشريع قبل انتخاب رئيس الجمهورية.
وقلت في هذه المبادرة إنّني سأطرح في الجلسة التشريعية، إذا ما انعقدت، «القرار السدّ»، وهو القرار الذي كان اتّخَذه مجلس النواب، ويَقضي بعدم إقرار أيّ قانون للانتخابات النيابية قبل انتخاب رئيس للجمهورية، فإذا قبلَت الهيئة العامة للمجلس بإلغاء هذا القرار فسأدعو إلى جلسة للبحث في قانون الانتخاب قبل نهاية أيار على أن تطرح فيها مشاريع القوانين الانتخابية البالغ عددها 17 مشروعا».
وختمَ بري: «لا أحد يزايد عليّ في الميثاقية، فأنا مَن أوجدها وأنا الأحرصُ عليها، ولكن كما قلت سابقاً، لا تحرجوني فتخرجوني». (راجع صفحة 4)
إلى ذلك، حذّر المعاون السياسي لبري، الوزير علي حسن خليل «من أنّ أيّ تراجع أو أيّ عدم تجاوب مع الدعوات الى انعقاد المجلس النيابي، معناه أنّنا نعطّل حياة الناس ومصالحَهم مِن خلال عدم إقرار القوانين، وإنّنا نُسقط جدوى استمرار العمل الحكومي الذي لا يستقيم إلّا مع مجلس نيابي يراقب ويحاسب ويحوّل الاقتراحات الى قوانين».
وقال: «لا نريد أن نقف أمام مشهد التعطيل الشامل، ولا نريد أن نزيد الأعباء على الناس ولا تعميق المشكلات. نحن دعاة الحوار والتفاهم على القواسم المشتركة التي تسمح بأن نعيد الانتظام إلى عمل المؤسسات السياسية. هذه الدعوة ما زلنا ننتظر الأجوبة عليها بكلّ إيجابية، لأنّ المسألة ليست مسألة تسجيل مواقف أو انتصارات.
نحن لا نريد تسجيلَ انتصار على أحد، نحن الضامنون، ودولة الرئيس بري هو أوّل من دافعَ عن منطق الميثاقية في هذا الوطن، وترجَمه بالفعل إلى مواقف في إدارة الشأن النيابي وفي الدعوة لإدارة الشأن الحكومي، لكن أهمّ نقطة ميثاقية في البلد هي مصلحة الناس والمواطنين في استمرار عمل المؤسسات وعدم تعطيلها.
الإنترنت غير الشرعي
وفي ظلّ استمرار التحقيقات الجارية في ملف الإنترنت غير الشرعي على أكثر من مستوى، قالت مصادر قضائية لـ»الجمهورية» إنّ عدداً مِن الروايات المتداولة في بعض وسائل الإعلام غير دقيقة وفيها كثير من الاسترسال بعيداً مِن الإجراءات القضائية التي اتّخِذت، وتلك المقبلة.
وأوضحَت أنّ المدّعي العام التمييزي القاضي سمير حمود لم يقُم بأيّ تحرّك في عطلة نهاية الأسبوع، وهو ما زال عند موقفه الذي كشفَ عنه الجمعة الماضي، عندما أعلنَ في بيان رسمي أنّه «أعطى الإشارة بختمِ التحقيق الذي نظّمه مكتب مكافحة جرائم المعلوماتية في قوى الأمن الداخلي» في شأن قضية «غوغل كاش»، وأنّ التوقيفات ما زالت عند توقيف توفيق حيسو الذي كان يخضع للتحقيق بإشرافه شخصياً وبمشاركة المدّعي العام المالي، بالإضافة إلى توقيف موظف آخر وإخلاء سبيل عدد من الذين تمّ الاستماع إليهم مع إبقاء بعضهم رهن التحقيق».
وأشارت المصادر نفسُها إلى أنّ حمّود سيطلب إذناً من وزير الاتّصالات بطرس حرب للاستماع إلى بعض الموظفين من مؤسسة «أوجيرو» والوزارة في آن، وليس محسوماً أن يكون المدير العام لمؤسسة «أوجيرو» عبد المنعم يوسف مِن بينهم حتى هذه اللحظة، لكن ما طرأ هو أنّ وزير الاتّصالات غادر لبنان أمس في زيارة تستمرّ أياماً عدة خارج البلاد، وهو ما قد يؤدّي إلى تأخير إعطاء الإذن لملاحقة الموظفين».
ولكنّ هذه المصادر أكّدت «أنّ في إمكان المدّعي العام التمييزي إعطاء أذونات خاصة واستثنائية للاستماع إلى إفادة أيّ موظف، أياً كان موقعه، وأنّ الأمر مرهون بحجمِ المعلومات المتوافرة لدى القضاء ودقّتها، وهو مَن يقرّر الحاجة إلى إصدار مثل هذا الإذن أو انتظار الوزير إلى حين عودته إلى بيروت ما لم يكن كافياً نَيل موافقته هاتفياً».
الإضرابات إلى الواجهة
وفي الملفّ المعيشي، عادت سلسلة الرتب والرواتب إلى صدارة الاهتمامات فور الحديث عن جلسة تشريعية، وتحرّكت هيئة التنسيق النقابية مجدّداً، فدعَت إلى إضراب شامل غداً في المدارس والمعاهد الرسمية والخاصة والمهنية وإدارات ومؤسسات الدولة كافة. وسيتخلّل الإضراب مؤتمر صحافي في العاشرة والنصف صباحاً أمام المدخل الرئيسي لوزارة التربية.
ولهذه الغاية دعَت الهيئة مناصريها إلى اعتصامات أمام مقرّ وزارة التربية في بيروت ودوائرها الإقليمية في جبل لبنان وطرابلس وأمام السرايات في كلّ مِن زحلة وبعلبك وصيدا والنبطية. ويساند الهيئة في الإضراب والاعتصامات «حراكُ المتعاقدين الثانويّين» وحملة «بدنا نحاسِب» تحت شعارات عدة، ومنها في «مواجهة الفاسدين في ظلمِ الأساتذة المتعاقدين» و»الاستمرار في ظلمِ وقهر المتعاقد وحرمانه من كلّ حقوقه الإنسانية».
وإلى ذلك، تكثّفَت الاتّصالات لتداركِ مخاطر لجوءِ هيئة التنسيق النقابية إلى موجة جديدة من التصعيد لجهة مقاطعة الانتخابات البلدية والاختيارية والامتحانات الرسمية، التي كشفَت عنها «الجمهورية» السبتَ الماضي وتركَت ردّات فعل سلبية حذّرت من تداعيات هذه الخطوات.
وقالت مراجع رسمية لـ«الجمهورية» إنّ الحديث عن مقاطعة الانتخابات البلدية والاختيارية هو «كلام بكلام»، لأنّ الترتيبات الإدارية التي اتّخِذت لإدارة العملية الانتخابية انتهت قبل فترة، وقد استُدعيَ من استُدعي من موظفي القطاع العام ووزارة التربية الذين تبَلّغوا المهمّة، والتراجعُ عنها له عواقبه المسلكية، بعدما تعهّدوا القيام بها وفقَ اللوائح التي وُضِعت قبل فترة وسُلِّمت إلى الإدارات الرسمية المعنية ورُصدت لها الأموال الضرورية من ضمن المليارات الـ 21 من الليرات اللبنانية التي رُصِدت للانتخابات.
الجمهورية : برودة رئاسية وحماوة «بلديّة».. و«السلسلة» والإضرابات إلى الواجهة مجدداً
الجمهورية : برودة رئاسية وحماوة «بلديّة».. و«السلسلة»...لبنان الجديد
NewLebanon
|
عدد القراء:
472
مقالات ذات صلة
الجمهورية : السلطة تحاول التقاط أنفاسها... والموازنة تفقدها...
الاخبار : السفير الروسي: الأميركيّون يهيّئون لفوضى في...
اللواء : باسيل يتوعَّد السياسيِّين.. ورعد...
الجمهورية : مجلس الوزراء للموازنة اليوم وللتعيينات غداً.....
الاخبار : الحريري بدأ جولة...
اللواء : هل يستجيب عون لطلب تأجيل جلسة المادة...
ارسل تعليقك على هذا المقال
إن المقال يعبر عن رأي كاتبه وليس بـالضرورة سياسة الموقع
© 2018 All Rights Reserved |
Powered & Designed By Asmar Pro