بعد 16 يوماً بالتمام والكمال، يتوجه البيروتيون إلى صناديق الاقتراع لانتخاب 24 عضواً لمجلس بلدية بيروت مناصفة بين المسلمين والمسيحيين وعلى نحو تمثيلي يزاوج بين العائلات والارتباطات الحزبية والطائفية، على صورة بيروت ومثالها كعاصمة للبنان وعاصمة للعيش المشترك، ووفقاً للقواعد التي أرساها الرئيس الشهيد رفيق الحريري، ويعلن الرئيس سعد الحريري كل يوم التزامه بها، حيث أكّد أمس امام وفود من عائلات بيروتية زارته أمس وشارك في بعضها المرشح لرئاسة المجلس البلدي المهندس جمال عيتاني، «اننا مقبلون على انتخابات بلدية بعد أيام معدودة، والتي اكدنا منذ البداية التزامنا بها وستجرى في موعدها ان شاء الله»، داعياً إلى التصويت إلى اللائحة التي سيشكلها عيتاني على قاعدة التوافق مع كافة الأحزاب في لبنان والتي ستضم كافة مكونات المجتمع البيروتي.
وفي السياق، قال الرئيس الحريري لزواره: «اذا تأمن النصاب سأنزل إلى مجلس النواب وانتخب رئيساً»، وحتى إذا فاز العماد ميشال عون سأكون أوّل المهنئين واقول له: «مبروك يا جنرال، فوصول أي شخص إلى سدة الرئاسة يكون أفضل من الفراغ».
اللائحة
وفتحت الاتصالات المكثفة الباب على إنجاز اللائحة التوافقية، حتى إذا ما حصل التوافق كاملاً كان من الممكن ان تعلن يوم الاثنين أو الثلاثاء، امتداداً إلى الأربعاء من الأسبوع المقبل، أي قبل عيد الفصح لدى الطوائف المسيحية التي تتبع التقويم الشرقي، والذي يصادف الأحد في الأوّل من أيّار.
ووفقاً للتقرير الذي اعده الزميل يونس السيّد، محرر الشؤون البلدية في «اللواء» فإن عدداً من أسماء المرشحين حسم أمر مشاركتهم في اللائحة، وبينهم امرأتان هما هدى اسطة قصقص ويسري صيداني، ومرشح عن الأكراد للمرة الأولى هو المهندس عدنان عميرات.
ومن الأسماء السنية الأخرى، إلى جانب المهندس عيتاني ترددت أسماء المحامي حسن كشلي وبلال المصري وسعيد فتحة.
وبالنسبة لمرشح الجماعة الإسلامية فحسم لجهة تسمية المهندس مغير سنجابي بدلاً من الحاج عصام برغوث.
شيعياً، رجحت المعلومات بقاء الأعضاء الحاليين الثلاثة: خليل شقير، فادي شحرور وعماد بيضون، مع إمكانية استبدال الأخير بمرشح آخر يسميه الوزير السابق محمّد يوسف بيضون.
وحل رامي الغاوي مكان نسيب ناصر الدين ممثّل المقعد الدرزي في المجلس الحالي.
مسيحياً، تواجه الأسماء ضبابية ناشئة عن التجاذب بين الأحزاب والنواب والكتل المسيحية، ويتردد بقوة اسم المرشح الارثوذكسي غابي فرنيني (مصرفي كبير في بنك بيبلوس) كنائب لرئيس المجلس البلدي، في حين قالت أوساط متربوليت بيروت للروم الارثوذكس المطران الياس عودة انه ما زال يتمسك بنائب الرئيس الحالي، وتجري اتصالات لتذليل هذه المسألة.
وبالنسبة لباقي الأعضاء الأربعة الارثوذكس فالاتجاه الغالب يميل إلى تسمية اثنين من شرق بيروت واثنين من غربها.
مارونياً، لا يزال النائب نديم الجميل يزكي بقاء العضو الحالي جو روفايل، واستبدال العضو الماروني الثاني وهو رشيد اشقر بعضو مجلس بلدية بيروت الأسبق رشيد جلخ كمرشح تسوية، وهو مقرّب من راعي أبرشية بيروت للموارنة المطران بولس مطر، وهو يرضي النائب ميشال عون و«القوات اللبنانية».
أرمنياً، لا تزال أسماء مرشحي الأحزاب الأرمنية الثلاثة قيد الغربلة، ومن المتوقع الاتفاق على هذه الأسماء في غضون الأيام الثلاثة المقبلة.
في المقابل، أعلنت من ساحة عين المريسة في الكورنيش البحري لائحة مكتملة لحملة «بيروت مدينتي» ضمّت 24 عضواً، مراعية التنوّع الطائفي، لكنها ضمّت بعض الشخصيات الفنية المعروفة كالفنان أحمد قعبور والمخرجة السينمائية ندين لبكي (راجع ص5).
وفي خضم الإعداد لانتخابات بلدية بيروت تفاعل أمس اقتراح النائب وليد جنبلاط إلغاء منصب محافظ بيروت، والمداورة في رئاسة البلدية بين المسلمين والمسيحيين، على أن تجري الانتخابات البلدية مرّة كل 4 سنوات وليس ست كما ينص القانون، فرضت «القوات اللبنانية» هذا الاقتراح على لسان عماد واكيم، وشدّد النائب الأرثوذكسي في كتلة المستقبل عاطف مجدلاني على أن القانون ينص على صلاحيات المحافظ ودوره.
أما المحافظ زياد شبيب فرفض أيضاً الاقتراح، معرباً عن مفاجأته به.
تباعد سياسي
وفي شأن انتخابي متصل، وفيما كانت التجاذبات على أشدها والخلافات حول الترشح والمرشحين للانتخابات البلدية ورئاسة البلديات تصيب «التيار الوطني الحر» قبل غيره، بعد الاتفاق العوني - القواتي على لوائح مشتركة، رفضت أوساط التيار بشدة ما تردّد عن اقتراح بولاية سنتين لرئاسة الجمهورية للنائب عون، ضمن جمعة متجدّدة في المجالس والكواليس على الائتلاف النيابي الداعم لترشيح النائب سليمان فرنجية.
وإذا ما أضيف إلى هذا العامل، عامل متعلق برفض الجلسة التشريعية ما لم يكن قانون الانتخاب بنداً أول عليها وإقراره قبل الانتقال إلى بحث البنود المالية والقروض المتصلة، والتي يمكن أن يطلب الرئيس برّي إدراجها على جدول الجلسة التشريعية، فإن أجواء التباعد السياسي تشغل الأوساط الديبلوماسية في الوقت الذي أضيف إلى ملفات الانترنيت غير الشرعي والاتجار بالبشر والعقوبات الأميركية على «حزب الله» والتموضع الجديد للمصارف اللبنانية مع مطالب الخزانة الأميركية، ملفات جديدة تقضّ مضاجع اللبنانيين بعدما تطايرت الأنباء عن انفلونزا الطيور التي ظهرت في مزارع الدواجن في النبي شيت، على الرغم من تطمينات وزارة الصحة بأن الأسواق لم تتأثر بهذه الانفلونزا، في وقت أعلنت فه رابطة أساتذة التعليم الثانوي الرسمي الإضراب والاعتصام الثلاثاء والمشاركة في اعتصام هيئة التنسيق النقابية في اليوم ذاته.
وفي السياسة أيضاً، وعشية توجهه على رأس وفد عسكري إلى موسكو الثلاثاء للمشاركة في مؤتمر الأمن الدولي الذي يعقد في 26 و27 الجاري، ردّ وزير الدفاع سمير مقبل على النائب جنبلاط رداً قوياً وقال: أتحدى من يُطلق الاتهامات في اتجاهي وليبرز ما يملك من المستندات والوثائق على الطاولة، أو يقدمها للجهات المختصة للمحاسبة وإلا فليصمت.
وهذه العبارة الأخيرة أثارت حمية الوزير الجنبلاطي وائل أبو فاعور الذي وصفه بـ«سمير الكيماوي» تشبهاً له بـ«علي الكيماوي» وزير الدفاع أيام (الرئيس العراقي السابق) صدام حسين إبّان اجتياح العراق عام 2003.
وجاء هذا السجال في وقت كشف فيه مدعي عام التمييز القاضي سمير حمود أنه أعطى الإشارة لختم التحقيق المنظم من قبل مكتب مكافحة جرائم المعلوماتية في قوى الأمن الداخل في شأن قضية «غوغل كاش» المتفرعة من ملف الانترنيت غير الشرعي، مشيراً إلى أنه وبنتيجة التحقيق تمّ توقيف شخصين والاستماع إلى إفادة موظفين، من دون أن يتبيّن ما إذا كان أحدهما المدير العام لهيئة «أوجيرو» المهندس عبد المنعم يوسف.
في هذا الوقت علمت «اللواء» أن تحالف عون و«القوات» يسعى لتمرير الانتخابات البلدية أولاً، على أن يطالب بتقديم موعد إجراء الانتخابات النيابية المفترض أن تجري عام 2017 حتى ولو اقتضى الأمر أن يعتمد قانون الستين معدلاً، وفقاً لما كانت أشارت إليه «اللواء» قبل أيام.
ووفقاً لأوساط مقرّبة من الرابية، فإن هذا الخيار من شأنه أن يُعيد ترتيب الأولويات ويسقط الحجة بعدم إجراء الانتخابات النيابية.
تجدر الإشارة إلى أن المرشح العوني على المقعد الماروني في جزّين أمل أبو زيد قدّم أوراق ترشيحه إلى الداخلية أمس، فيما أعلن العميد المتقاعد صلاح جبران ترشحه للمقعد ذاته.
سلام
ويعود الرئيس تمام سلام إلى بيروت اليوم أو غداً بعد أن وقّع في نيويورك إتفاقية باريس لتغيير المناخ، في مبنى القاعة العامة لمقر الأمم المتحدة، ثم كانت له كلمة أكد فيها التزام لبنان بشكل كامل بالانضمام إلى جهود الأسرة الدولية لإزالة الفقر وتحسين الصحة العامة ومستويات التعليم، مشدداً على التزام لبنان أيضاً بلعب دوره كاملاً كعضو فاعل في معاهدة الأمم المتحدة للتغيير المناخي، لكنه نبّه من الاضطرابات التي تعصف في المنطقة وحالة عدم الاستقرار من شأنها أن تكون العقبة الأكبر أمام تحقيق الأهداف المناخية.
ومن المقرّر أن يرأس الرئيس سلام يوم الأربعاء المقبل جلسة لمجلس الوزراء، وعلى جدول أعمالها 165 بنداً، من دون أن يعرف ما إذا كان موضوع جهاز أمن الدولة سيثار مجدداً، أم يكتفي المجلس بالقرار الذي اتخذه في الجلسة الأخيرة وترك هذا الموضوع في عهدة رئيس الحكومة لمعالجته.